لماذا النساء أسوأ عدو لأنفسهن
تلقيت يوم الخميس الماضي بطاقة إلكترونية من شخص غريب تماما. وكانت عبارة عن صورة لسحلية وتحتها رسالة تقول: ''أتمنى أن تقضي وقتا سعيدا في يوم المرأة العالمي''.
وبالفعل، كان يوما سعيدا بالنسبة لي، ولكن يبدو أني خالفت الاتجاه. فبالنسبة لمعظم النساء المهنيات في الغرب، كان يوم الخميس الماضي يوما مريعا آخر في ما أصبح سلسلة لا تنتهي من الأيام والأشهر والسنوات المريعة.
وأنا أعرف هذا لأني كنت أدرس أحدث مجموعة من الدراسات الاستقصائية عن النساء اللواتي يعملن كمديرات. فكل واحدة منهن تصف الوقت المريع الذي تواجهه النساء وتظهر أنه على الرغم من كل العمل والدفاع عن حقوق المرأة، لم يتغير الكثير. لذا لا تزال هناك فجوة في الأجور، حيث يتم دفع رواتب أقل للمديرات مقارنة بنظرائهن من الرجال. ولا تزال النساء أكثر تشاؤما حيال توقعاتهن في العمل من الرجال. ولا يزلن غير قادرات على الوصول إلى المناصب التنفيذية العليا.
وكانت هناك حتى دراسة تفيد أن النساء هن أسوأ عدو لأنفسهن، وتقدم دليلا على ذلك وهو حقيقة أن عددا أكبر من النساء معجبات بالسير ريتشارد برانسون (رجل الأعمال العالمي الذي تقدر ثروته بـ 4.2 مليار دولار) من كارين برادي (سيدة الأعمال التي ليست لها أهمية كبيرة في المملكة المتحدة والمشارِكة في برنامج مسابقات تلفزيوني). ولتلخيص الحالة المزاجية السلبية، كتبت مؤلفة الروايات كاثي ليث عموداً تقول فيه إن المشكلة في كون المرء امرأة هو أنها تصطدم برأسها بالسقف الزجاجي (كناية عن التمييز الوظيفي الذي يحول دون تسنمها مناصب قيادية) وهي تكنس بالمكنسة الكهربائية في الوقت نفسه.
بالنسبة لي، كما قلت، كان يوم الخميس يوما سعيدا بشكل معقول تجنبت فيه استخدام المكنسة الكهربائية وضرب رأسي بأي شيء. البقعة المظلمة الوحيدة كانت حين علمت أن إحدى زميلاتي التي تعمل في منصب أعلى مني تتحدث عني بطريقة لم أحبها. قضيت 15 دقيقة في كتابة رسالة إلكترونية لها تقول إننا نحن النساء ذكيات جدا - لطيفات ظاهريا ولكن لئيمات جدا في الحقيقة - ولكني تذكرت أني كتبت في الأسبوع الماضي مقالا أثني فيه على الشائعات، لذا أخذت نفسا عميقا ومسحت الرسالة.
وبخلاف ذلك، من الماتع أن يكون المرء امرأة. ذهبت إلى مكتبي الأنيق وقمت بوظيفتي الماتعة وطلب مني أن ألقي كلمة لم يكن من الممكن أن يتم دعوتي لإلقائها لو كنت رجلا. وتلقيت دعوة إلى إفطار للنساء واستعراض خاص لمعرض لوسيان فرويد في معرض ناشونال بورتريه جاليري. وفي وقت لاحق، في المنزل، كانت الأعمال المنزلية قليلة حيث تسلمنا مشتريات التسوق (خدمة التوصيل إلى المنازل) وكل ما كان علي فعله هو غلي بعض المعكرونة ووضع بعض الصلصة عليها. وكانت النتيجة معكرونة رطبة بعض الشيء ولكن عائلتي تناولتها دون شكوى.
ليس صحيحا أن لا شيء يتغير. فقبل بضع سنوات، لم تكن متاجر البقالة تصنع صلصة معكرونة طازجة ولم تكن توصلها للمنازل. وكل ما أراه في العمل (باستثناء الدراسات الاستقصائية) يشير إلى أن هناك عدداً أكبر من النساء اللواتي كان أداؤهن أفضل واللواتي يقضين وقتا أفضل.
ولإثبات ذلك، بحثت عن سلسلة من المقالات التي استكتبتها لهذه الصفحات في ''فاينانشيال تايمز'' قبل 20 عاماً. أول شيء لفت نظري كان شعارا- إشارة مرور مع صورة امرأة ترتدي تنورة وهناك رسالة تحتها تقول: ''المرأة في العمل''.
كانت الصورة جميلة جدا وتدل على نظرة دونية ولها معنى ضمني مؤسف للغاية بأن النساء العاملات يشكلن خطرا على مستخدمي الطرق الآخرين. وحقيقة أني وافقت على مثل هذا الشيء تبين أن العالم كان مختلفا للغاية في ذلك الحين.
وهذا ما تظهره المقالات أيضا. فقد كان هناك مقال رئيس طويل عن امرأة تعمل من المنزل يوما واحدا في الأسبوع، وهو تطور كان يعتبر استثنائيا للغاية. وكان هناك مقال آخر يشيد بالشبكات النسائية الناشئة التي توفر ''دورات مخفضة الأسعار لزيادة الثقة بالنفس... أو اختبار قيادة سيارة بورش''.
ولكن الاختلاف الأكثر إذهالا هو السبب في انسحاب النساء - ليس بسبب الأطفال بل بسبب التحيز والعزلة. وكما عبرت إحدى النساء التي تعمل في الوساطة المالية: ''من الخطأ لفت الانتباه إلى حقيقة أنك امرأة''.
الشيء الوحيد المألوف في هذه المقالات التي كتبت منذ وقت طويل هو اللهجة المتشائمة - والإصرار على أن لا شيء يتغير. ولكن في ذلك الحين لم يكن معظم أصحاب العمل يفهمون حتى ما هي المشكلة، في حين في الأسبوع الماضي لم يكن هناك أي شركة تقريبا لم تنشر بيانا صحافيا تعلن فيه التزامها بتعزيز مكانة المرأة.على الرغم أن كل هذا يدخل في مجال العلاقات العامة، إلا أنه يشير على الأقل إلى أنه تم الانتصار في المعركة من أجل تغيير المواقف. فقد حدث التغير، ويمكنني القول إنه سيستمر في الحدوث. ليست هناك حاجة بعد الآن للشكوى الصاخبة. ويمكن إيجاد قضايا أفضل للدفاع عنها.
إذا فكرت في أطفالي المحظوظين، وفي الكيفية التي سيشقون بها طريقهم في العالم، هناك اثنان منهم لا أشعر بالقلق عليهم: الفتاتان.