ارتفاع سعره 39 % في 5 سنوات.. «الجيوسياسي» يقفز بـ «الكاكاو»

ارتفاع سعره 39 % في 5 سنوات.. «الجيوسياسي» يقفز بـ «الكاكاو»

بات أكبر عيدين لدى المسيحيين في الدول الغربية بشكل خاص، رديفا للاستهلاك في المجتمعات الاستهلاكية، فعيد الميلاد أصبح عيد الهدايا والفترة التي تسبقه تشكل أكبر مرحلة للتسوق، كما أن عيد الفصح بدوره أصبح يرتبط أيضا بالاستهلاك المحصور بشكل أساسي في سلعة واحدة وإن أخذت أشكالا مختلفة.
وبات عيد الفصح في فرنسا يشكل موسما مهما لتسويقها خلال بداية الربيع، وقد ازدانت واجهات محال الحلوى، وأيضا المحال التجارية الكبرى (المول) ليس فقط بالشوكولاتة على شاكلة البيض، وإنما أيضا اتخذت أشكال الفراخ والدجاج وكل ما من شأنه أن يجذب الصغار قبل الكبار.
وفي فرنسا يباع 1.3 مليون طن من الشوكولاتة وذلك بعد إضافة كميات الزبدة عليها، خلال الأيام التي تسبق عيد الفصح ويوم العيد الذي يصادف الأحد الماضي لدى الطوائف المسيحية الغربية، ويوم الأحد المقبل لدى الطوائف الشرقية يتوجه الأولاد الصغار إلى حدائق المنازل بحثا عن الشوكلاتة المخبأة فيها.
ويستهلك الفرنسيون خلال فترة الفصح نحو 4 في المائة مما يستهلكونه سنويا، أي ما يعادل 2.7 مليار يورو.
ومن يقول الشوكولاتة يتحدث عن الكاكاو الذي يصنع منها وهو من المواد الأولية التي يتم شراؤها في بورصتي لندن 80 في المائة وشيكاغو 20 في المائة. وارتفاع سعر هذه المادة يزداد كلما قرعت أجراس الكنائس المبشرة بالفصح، ولكن المعلنة عن نهاية المزايدات في البورصة، وهكذا فإن سعر الكاكاو زاد بنسبة 39 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية.
وارتفاع أسعار الكاكاو ليس بسبب المزارعين الأفارقة، الذين لم يخطر يوما على بالهم أن جيوبهم ستحل محل بيض الفصح في أوروبا وفي العديد من دول العالم، وليس بسبب المضاربات أيضا، ولكن على غرار النفط إلى حد ما. ويعود أحد الأسباب إلى الدول الناشئة، فالغنى الذي تشهده الدول الناشئة مثل البرازيل والهند يؤدي إلى الاستهلاك على الطريقة الغربية لدى الفئات المتوسطة الجديدة في هذه الدول، وبالتالي إلى استهلاك المزيد من الشوكولاتة ومن ثم الكاكاو، ففي عام 2010 زادت نسبة استهلاك الشوكولاتة 18 في المائة في منطقة آسيا، المحيط الهادئ كما زاد استهلاك روسيا وأوروبا الشرقية 50 ألف طن في العام ذاته.
ولأن الشوكولاتة معروفة بأنها مضاد للاكتئاب والانهيار العصبي والنفسي فإن الأزمة الاقتصادية في أوروبا أدت إلى زيادة الاستهلاك. وبلغت نسبة هذه الزيادة في فرنسا 6 في المائة خلال عام 2010.
وزيادة الاستهلاك لا تفسر وحدها الارتفاع الكبير في أسعار الكاكاو، فالعامل الجيوسياسي أي عدم الاستقرار السياسي يساهم على غرار النفط في ارتفاع سعر هذه المادة الأولية، فـ 40 في المائة من الإنتاج العالمي يزرع في ساحل العاج أي نحو 3.5 مليون طن، وهناك 30 في المائة من هذا الإنتاج يصدر من بقية دول غرب إفريقيا وخاصة غانا والكاميرون.
أما نسبة الـ 30 في المائة المتبقية فإنها تزرع في إندونيسيا وماليزيا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وجواتيمالا في أمريكا اللاتينية.
وأدت الحرب الأهلية التي شهدتها ساحل العاج في السنوات الأخيرة وانتهت بوصول الحسن واتارا إلى الجمهورية مدعوما من الأسرة الدولية والغرب والتدخل العسكري الفرنسي، إلى ارتفاع أسعار الكاكاو، فقوات الحسن واتارا كانت تسيطر على المناطق التي يزرع فيها، وقوات لوران غباغبو على المناطق التي يصدر منها.
وليست الحرب الأهلية وحدها التي أدت إلى ارتفاع الأسعار، فالدول الناشئة سعت إلى عقد الصفقات مباشرة مع الدول المنتجة للكاكاو، وذلك بهدف التحرر من عمولات وأرباح المجموعات الغربية. وخلال التدخل الفرنسي المباشر لإخراج لوران غباغبو من القصر الرئاسي لم يتردد بعض الدول الناشئة بتوجيه الاتهام إلى الأوروبيين وخاصة لفرنسا بالعمل على إبقاء سيطرتها على الذهب الأسمر.

الأكثر قراءة