توقعات باستغناء الصين عن النفط الإيراني.. وخام برنت 122 دولارا

توقعات باستغناء الصين عن النفط الإيراني.. وخام برنت 122 دولارا

توقع خبراء في الطاقة، أن تشهد الفترة المقبلة، زيادة بحث الصينيين عن إمدادات جديدة للنفط لتعويض النقص المحتمل في وارداتها من النفط الإيراني، ما يعني انسحابا تدريجيا لها وتخليها عن دعمها الذي تقدمه لطهران.
وأوضح الخبراء، في حديثهم لـ"الاقتصادية" أن الجانب الصيني يبحث في نهاية المطاف عن مصالحها، ومتى ما توفرت له إمدادات بديلة لوارداته من النفط الإيراني التي يعتمد عليها بشدة، فسيتخلى عن دعمه لها سواء كان من خلال شرائه لنفطها أو إمداده لها بالبنزين أو منتجات أخرى، حتى في ظل تهالك المصافي الإيرانية وتقادمها، واحتياجها الكبير للمشتقات النفطية.
وأبان الخبراء، أن الصين تعلم جيدا أنها ستواجه مشكلة كبيرة فيما إذا تم تطبيق الحظر الأمريكي - الأوروبي على طهران والمزمع البدء به في حزيران ( يونيو) المقبل، لذا بدأت عدة شركات صينية بإجراءات خطوات استباقية، وتوقيع عدة اتفاقيات لزيادة وارداتها من النفط، وذلك تخوفا من تعطل إمدادات نفط طهران.
وفي شأن ذي صلة، اتفقت شركة يونيبك الصينية على شراء نحو 100 ألف برميل يوميا من النفط الليبي، بمقتضى عقد آجل لعام 2012، من المنتظر أن يرفع مشتريات الصين من الخام الليبي بعد تعطل الإمدادات في العام الماضي.
وقالت مصادر تجارية على دراية بالاتفاق، إن حجم الواردات المتفق عليه بين يونيبك - الذراع التجارية لشركة سينوبك - أكبر شركة تكرير في آسيا - وبين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية يغطي الإمدادات للفترة من كانون الثاني (يناير) إلى كانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته. وأظهرت بيانات جمركية صينية، أن واردات الصين من النفط الخام من ليبيا انخفضت نحو الثلثين العام الماضي مقارنة مع 2010، لتصل إلى نحو 52 ألف برميل يوميا بفعل الحرب الأهلية التي أضرت بمنشآت الإنتاج وأوقفت الصادرات لنحو ستة أشهر.
ويعتبر عقد "يونيبك" البالغ حجمه 100 ألف برميل يوميا صغيرا، مقارنة بإجمالي واردات الصين من الخام التي تتجاوز الخمسة ملايين برميل يوميا، لكنه سيعزز إمدادات "يونيبك" الإضافية التي أمنتها من خلال عقود مماثلة مع السعودية والعراق، حيث ستساعد هذه العقود مجتمعة على تغطية تخفيضات أجرتها "يونيبك" في عقود استيراد الخام الإيراني، التي قال مسؤول تجاري صيني رفيع إنها قد تصل إلى 54 ألف برميل يوميا في العام الجاري.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد الرحمن السلطان – أكاديمي اقتصادي - أن طلب الصين لإمدادات نفطية مختلف من عدة دول، يعد مؤشرا واضحا ومؤكدا على خشية الصين من نقص الإمدادات مستقبلا، خصوصا في حال تطبيق حظر على نفط طهران.
وأبان الدكتور السلطان، أنه في حال صدور قرار من الأمم المتحدة يقضي بتطبيق الحظر على إيران، فمن المحتمل عدم معارضة الصين لمثل هذا القرار، وهذا ما يفسر تقريبا بحثها عن بدلاء لتعويض نقص النفط المتوقع، والذي تعتمد فيه على إيران في الوقت الحالي. من جهة أخرى، قال لـ "الاقتصادية" حجاج بوخضور – محلل نفطي- إن سعي الصين في الوقت الحالي إلى تأمين إمدادات جديدة من النفط الخام، يعود لتخوفها من نقص الإمدادات، كما أن استمرار الصين بإمداد إيران بالبنزين وغيره، يعود إلى اعتبار الصين نفسها أكبر المستفيدين من النفط الإيراني، وقطع الإمدادات عنها سيضر بها كثيرا، لكونها تستورد نحو 50 في المائة من نفطها من دول الخليج العربي وإيران، إذ ستخسر الصين عند تطبيق الحظر على إيران نصف إمداداتها.
وأشار بوخضور، إلى أنه عند إغلاق إيران مضيق هرمز الذي تهدد به مرارا، ستخسر الصين النصف الآخر من إمداداتها من دول الخليج العربي، وبالتالي فإن إيران عند تهديدها بإغلاق المضيق، لا تهدد دول الغرب وإنما تهدد الصين، لذا تقوم طهران بالضغط على الصين لاستخدام حق الفيتو لرعاية مصالحها، في ظل تأمين الغرب لاحتياجاته النفطية، وهذا ما يفسر دعم الصين لإيران، وبالتالي مواصلة إمداداتها لطهران بالبنزين وغيره، أو اتخاذ أي قرار يراعي مصالحها فقط.
وكان مسؤولون في قطاع النفط الصيني قد كشفوا مطلع الشهر الماضي، عن موافقة شركة سينوبك الصينية على زيادة وارداتها من النفط الخام السعودي، بموجب عقد عام 2012، الذي يزيد على حجم وارداتها العام الماضي البالغة نحو 800 ألف برميل يوميا، حيث يشمل العقد، الذي رفضت المصادر حينها الإفصاح عنه، 240 ألف برميل يوميا لمصفاة سينوبك في إقليم فوجيان الشرقي، وهو مشروع مشترك مع شركة أرامكو السعودية وأكسون موبيل، إذ ستمد شركة أرامكو السعودية، المصافي بكامل الكميات المتفق عليها في العقود في آذار (مارس) المقبل.
وعلى صعيد أسعار النفط، استقرت العقود الآجلة لخام برنت أمس، فوق 122 دولارا للبرميل، مستمدة الدعم من نمو أكبر من المتوقع للاقتصاد الأمريكي، وبيانات إيجابية لقطاع المصانع بالصين وسط مخاوف من تعطل الإمدادات من الشرق الأوسط.
وحدت الأرقام الإيجابية اثنتين من أكثر دول العالم استهلاكا للنفط من هبوط برنت حتى بعد صعود العقد 10.5 في المائة الشهر الماضي مسجلا أعلى مستوى منذ شباط (فبراير) لعام 2011، حيث يتعرض الخام الأمريكي لضغوط بعد زيادة مفاجئة للمخزونات الأسبوع الماضي مع تراجع معدلات تشغيل المصافي. وانخفض برنت في عقد أقرب استحقاق أمس، 18 سنتا إلى 122.84 دولار للبرميل، بعدما ارتفع 1.11 دولار إلى 122.66 دولار عند التسوية في الجلسة الماضية، كما تراجع الخام الأمريكي الخفيف 33 سنتا إلى 106.74 دولار، بعدما أغلق أمس الأول مرتفعا 52 سنتا عند 107.07 دولار للبرميل. وقال توني نونان مدير المخاطر في ميتسوبيشي كورب "هناك مخاطر سياسية كبيرة تدعم النفط".
وأضاف "على الجانب الآخر لا يمكن استبعاد حدوث مزيد من التصحيح لأن السوق فاقت نفسها وهناك مخاوف بشأن الطلب لأن منطقة اليورو مازالت لم تحل مشاكلها بعد".
أمام ذلك عاد الدكتور السلطان، وتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، خصوصا في ظل وجود عوامل الارتفاع، والتي منها تطبيق الحظر على إيران، متوقعا أن تتجاوز أسعار النفط مستقبلا 150 دولارا للبرميل، في حل تم فعليا تطبيق الحظر على إيران. يشار إلى أن برنت هبط في وقت سابق من الأسبوع، وسط عمليات بيع لجني أرباح، بعد تسجيل أعلى مستوياته في نحو عشرة أشهر، ومازال كثير من المشاركين بالسوق يتوقعون مزيدا من الهبوط.

الأكثر قراءة