بطلب ألماني .. التوجه لإرجاء قمة «اليورو»
أكد لـ ''الاقتصادية'' مصدر دبلوماسي أوروبي أن قمة قادة دول منطقة اليورو المقررة بعد غد على هامش أعمال القمة الأوروبية قد ألغيت، من دون استبعاد عقد قمة خلال شهر آذار (مارس) المقبل.
ويأتي إلغاء القمة بناء على طلب من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي لا تريد زيادة المساهمة في صندوق آليات الاستقرار الأوروبي، بينما طالبتها دول مجموعة العشرين خلال نهاية عطلة الأسبوع الماضي بذلك وتربط بريطانيا، كندا، الهند، واليابان زيادة مساهمتها في صندوق النقد الدولي إذا ما زادت دول منطقة اليورو حجم موجوداتها في صندوق الاستقرار الأوروبي، وربطت هذه الدول خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين يوم الأحد الماضي استعدادها لزيادة رأسمالها صندوق النقد الدولي إذا ما زادت دول منطقة اليورو حجم صندوق الاستقرار إلى 750 مليار دولار.
وقد تخلت هولندا وفنلندا عن ألمانيا وأيدت موقف الدول الناشئة، فباتت ألمانيا معزولة خلال الاجتماع وأصبحت الضغوط تزداد عليها وهي تعتبر أن اقتراع مجلس النواب الألماني على خطة مساعدة اليونان 130 مليار يورو كافية، خاصة أنها المساهم الأكبر والأساسي فيها. ولا تريد ميركل أن يزيد حجم موجودات صندوق الاستقرار عن الـ 500 مليار يورو. وهي لا تريد أن تبذل أن تدفع أكثر خلال قمة منطقة اليورو.
وقال وزير المالية الألماني ولفسجانغ شوبل إن ضخ الأموال الإضافية في الصندوق إلى ما لا نهاية لا معنى له، كما أنه لا معنى لضخ البورصات من المصرف المركزي الأوروبي.
ولم يوافق على المبدأ ولكنه وعد بدرس الموضوع في غضون آذار (مارس).
وزير المالية البرازيلي غيدو مونتاجا أعلن أن الدول الناشئة تساعد أوروبا إذا ما قررت تعزيز قدراتها للتصدي للأزمة، أي تقرير صندوق الاستقرار الأوروبي، فموجودات هذا الصندوق وهي بقيمة 500 مليار يورو لا تكفي للتصدي، وواشنطن دعت أيضا دول منطقة اليورو لاتخاذ إجراءات إضافية في هذا المجال. الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أنجيل غوري دعا الأوروبيين إلى تعزيز الصندوق ورفع موجوداته إلى ألف أو 1500 مليار، وقال لكي تكون أقوياء علينا أن يكون الحاجز سميكا وعريضا وذا مصداقية.وهكذا تجد ميركل نفسها في وضع حرج فـ 62 في المائة من الألمان يعارضون خطة الإنقاذ الثانية. ولدى الاقتراح على خطة الإنقاذ الثانية في البرلمان الألماني عارض عدد كبير من النواب الألمان من التحالف اليميني الحاكم الخطة التي تبناها مجلس النواب بفضل دعم الخضر واليسار لها.
وحركة التمرد داخل الأكثرية النيابية الألمانية تنبع من الشعور السائد لدى أكثرية الألمان بأن اليونان تشبه بئرا بلا قاع، وأن أثينا لا تحقق التزاماتها، ويعتبر الكثير من النواب الألمان أنه ليس بمقدور أحد التأكيد 100 في المائة أن اليونان ستحقق وعودها بالإصلاحات.
وأشار ولوفايج شوبل وزير المالية الألماني إلى أن مجلس النواب الألماني قد يصوت على خطط أخرى لإنقاذ اليونان، أي أن الخطة الثانية قد لا تنجح في وضع حد لأزمة الديون اليونانية، وصب وزير الداخلية الألماني هانس بيتر فريدرويش النار على الزيت بإعلانه أن فرص اليونان بالتجدد وبالوصول إلى التنافسية هي أكبر إذا ما خرجت في منطقة اليورو.
واضطر الوزير إلى التراجع عن موقفه بعد تعرضه لحملة انتقادات واسعة في داخل الائتلاف الحكومي، وهذه الأجواء المشحونة تدفع بالمستشارة الألمانية إلى التصلب حيال رفض تعزيز صندوق آليات الاستقرار الأوروبي التي يفترض أن يحل مشكلة أزمة اليورو بشكل دائم، اعتبارا من الصيف المقبل.
فقد ردت ميركل على الدعوات التي تطالبها بزيادة حجم أموال صندوق آليات الاستقرار الأوروبي بأنها لا ترى أي فائدة لمناقشة هذا الموضوع. وتعتبر أن ظروف إسبانيا وإيطاليا للحصول على القروض قد تحسنت بشكل كبير بفضل الإصلاحات التي أقرها البلدان.والتنازل الوحيد الذي قدمته ميركل حتى الآن هو أبدؤها بالاستعداد بتسليم حصة ألمانيا في صندوق آليات الاستقرار والبالغة 22 مليار يورو على دفعتين؛ الأولى هذا العام والثانية العام المقبل.
ويشرح توماس كلو المحلل الألماني لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية النقاشات والمواقف التي تعصف بالحياة السياسية الألمانية وما تتضمنه من تناقضات بالقول إن عدم التجانس في التعاطي الألماني مع الأزمة اليونانية ينطلق من طريقين بالنظرة إلى الملف اليوناني. فمن ناحية هناك دعوة لتحريك كل المرافعات الاقتصادية والسياسية الأوروبية لدفع اليونان لإجراء الإصلاحات العميقة لنظامها الاقتصادي والسياسي.
لأنه من دونها لا خلاص لليونان داخل منطقة اليورو ولا تطور إيجابيا لمنطقة مع اليونان.
والنظرة الثانية تدور حول فكرة التقشف الذي يمكن لبلد تحمله دون أن يغرق في دائرة الركود التي تحبط محاولات تخفيض الديون.
والموقف الألماني يدعو إلى التقشف أكثر من بقية الشركاء الأوروبيين.
ونجحت برلين بفرض رؤيتها هذه على الخطة الأوروبية وذلك على الرغم من تحذيرات رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونت.
وتطالب ألمانيا اليونان بصحوة جماعية لإنشاء دولة فعالة وعصرية بعيدا عن الاهتمام بالواقعية التي تتطلبها مثل هذه المسألة.
ويشير كلاوس كلو إذا لم يتمكن اليونانيون من تحمل مسؤولياتهم وإذا كان بقاء اليونان في منطقة اليورو يتطلب بمدها بمصل المساعدات الأوروبية فإنه من الأفضل أن يبدأ التفكير بالطلاق.
ولا يخفي كلو أن هناك بعض المسؤولين الألمان يفكر في هذا الاحتمال، ولكن الخوف من انتقال العدوى اليونانية إلى إسبانيا أو إيطاليا يجعل المستشارة الألمانية تواصل دعم اليونان.