مختصون يؤكدون: استخراج غاز السجيل غير مُجدٍ اقتصاديا
تتباين آراء صناعيين ورؤساء تنفيذيين في عدد من الشركات الصناعية في الجبيل, حول الجدوى الاقتصادية من استخراج غاز السجيل المستخرج من الصخور، الذي استخرجته أمريكا منذ سنوات. فهناك من يرى أن استخراجه وتسويقه مكلفان فضلا عن الآثار البيئية التي تصاحب عمليات الاستخراج على المياه الجوفية, لذا لا بد من العمل على مواجهة هذا التحدي في ظل زيادة عمليات التنقيب والاستكشاف لهذا الغاز حيث توجهت شركات أوروبية وآسيوية وأسترالية للحصول على امتيازات تنقيب واستخراج الغاز وتسويقية، وهو ما سيؤثر من دون شك في مستقبل الغاز الطبيعي وبالتالي على الدول المنتجة له.
وأوضح المهندس صالح بن فهد النزهة الرئيس التنفيذي لشركة التصنيع الوطنية أن غاز السجيل بدون شك سيكون له تأثير في الصناعات في المنطقة الخليجية ولكنه لن يكون ذلك التأثير الكبير، خاصة أن الغاز المكتشف في أمريكا يحتاج إلى تكاليف باهظة للوصول إليه والاستفادة منه بسبب عمليات النقل والشحن, وقال لا بد من العمل على تطوير الاستثمارات لدينا خاصة في مجال الصناعات البتروكيماوية والتحويلية حيث إننا ما زلنا لم نصل إلى الحد المأمول في هذا الجانب ولا بد أن نكون منافسين بشكل قوي في ظل توافر الميزات النسبية من مواد كربوهيدراتية وخام وغير ذلك كما يجب أن تكون نظرتنا أبعد من التفكير في غاز السجيل بأن يكون لدينا تحالفات رأسية وأفقية تخلق لنا مجمعات صناعية ذات قوة كبيرة تجعلنا منافسا مؤثرا في السوق العالمية.
#2#
#3#
#4#
وبدوره أشار المهندس أحمد العوهلي الرئيس التنفيذي لشركة سبكيم أحد المجمعات الصناعية الكبيرة في مدينة الجبيل الصناعية أن غاز السجيل مكتشف في أمريكا منذ أكثر من 15 سنة وسعره يراوح بين دولارين و30 سنتا تقربيا وقلل من تأثير هذا النوع من الغاز على مستقبل الغاز والصناعات في المملكة والمنطقة الخليجية، كما أن استخراجه يختلف عن استخراج الغاز الطبيعي وله مشكلات بيئية.
وأضاف: الكل يتحدث عن الغاز الجديد كثورة في عالم الصناعة، ومن وجهة نظري أنه يحتاج إلى وقت طويل حتى تتم الاستفادة منه بشكل كامل، وما زال الوقت مبكرا لأن يستخدم كلقيم مؤثر في الصناعات حيث البيئة الاستثمارية الخصبة والتقنيات المتطورة وهذا الغاز قد يفيد احتياجات الصناعات الأمريكية بينما تصديره إلى خارج أمريكا يحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة وهو ما يجعل الدول المستوردة الاعتماد على الغاز من دول المنطقة لقرب المسافة.
من ناحيته، قال علي الشعير رئيس شركة المتقدمة للبتروكيماويات بالجبيل سابقا: دون شك سيكون الغاز الرخيص أو ما يسمى بغاز صخور السجيل الذي اكتشف في أمريكا ويتم التركيز عليه بشكل كبير سيكون له تأثير في مستقبل الصناعات، ويكفي أن السوق الأمريكية قد تكتفي بوجود هذا الغاز لديها بدلا من استيراد الغاز المسال الطبيعي وبذلك تفقد الدول المصدرة له حصة من سوقه، كما ستتجه الدول القريبة من أمريكا إلى الاعتماد عليه كغاز رخيص، وإذا لم نعمل على تحسين وتطوير المنتجات والتقنيات، خاصة أن لدينا الكثير من المقومات الاقتصادية والصناعية التي تؤهلنا للعب دور منافس في القوى الصناعية العالمية.
من جهته، بين المهندس المستشار مزيد الخالدي رئيس اللجنة التنسيقية للهيئة السعودية للمهندسين في الجبيل، أن غاز السجيل هو غاز غير مصاحب يقع في الصخور الطينية وفي أعماق كبيرة ويتطلب أربعة أضعاف تكاليف البئر العادية نتيجة للحاجة لاستخدام تقنيات الفراكنج وكميات كبيرة من الماء المضاف لها كثير من المواد الكيماوية للمساعدة على شرخ الصخور وعمل مخارج للغاز، وهذه التقنيات ناجحة إلى حد ما لولا التكلفة العالية والآثار البيئية السيئة المترتبة عليها، حيث وجد أن الماء المستخدم مع الإضافات يلوث المياه الجوفية، وكذلك وجد في الأنهار والبحيرات وكذلك هناك تخوف من حدوث خلل في الطبقات الصخرية مما يؤدي إلى حدوث زلازل ويجعل المساحات المستكشف فيها الغاز لا تصلح وغير مناسبة للسكن.
وأشار إلى السعر المرتفع لاستخراج هذا الغاز حيث يقدر بين أربعة وسبعة دولارات لكل ألف قدم مكعب. كل هذه الحقائق تشكل صعوبات وتحديات كبيرة لشركات الغاز والبترول التي تحكمها جدوى المشروع الاقتصادي وهي عوامل تتحكم فيها أمور كثيرة سياسية واقتصادية. ومن الملاحظ أن أكبر المهتمين بهذا النوع هو القارة الأمريكية الشمالية، والدافع القوى لهذا الاتجاه هو الرغبة في الاعتماد الذاتي على مصادر الطاقة؛ حيث أشارت التقديرات الأخيرة إلى أن أمريكا لديها من الاحتياطي ما يكفي لـ 30 سنة قادمة إذا افترضنا أن السعر يصبح مناسبا وتم تقليل الآثار البيئية المترتبة.
وأوضح أن هذا النوع من الغاز ليس خاصا في أمريكا فقط بل يوجد في أماكن كثيرة حول العالم مثل أستراليا وبولندا والهند والصين وكذلك لدينا في المملكة، وشركة أرامكو سباقة في التقنيات المتطورة وقد بدأت البحث في تحليل جدوى هذا الغاز من خلال ثلاث إلى خمس آبار حسب تأكيداتها، حيث من المتوقع بنهاية هذا العقد أن يكون لدى المملكة غاز من هذا النوع ممكن إنتاجه، ولكن يبقي التحدي الأكبر هو الجدوى الاقتصادية لهذا الغاز "وفي اعتقادي ما لم يتم اكتشاف جديد في مجال التنقيب عن هذا الغاز يضاعف الإنتاج ويقلل الآثار البيئية السلبية فلن يكون هناك شركات غاز مربحة اقتصاديا إلا إذا تم تقديم حوافز مجزية لها من قبل حكومات الدول المهتمة، ولا أعتقد أنها ستشكل مصدر تهديد لصناعة النفط والغاز في العقدين المقبلين.