دعوة لإلزام الشركات بالتصويت الإلكتروني وتأسيس اتحادات لصغار الملاك
أبلغت ''الاقتصادية'' مصادر محاسبية أن مساعي حثيثة للشركات الكبيرة المدرجة في سوق الأسهم السعودية ومجالس إدراتها تعمل على إحباط نجاح مشروع التصويت الإلكتروني في جمعياتها العمومية، بغية تحييد قوة تأثير صغار المساهمين في القرارات والمشاركة في صنع توجهات الشركات.
وقالت المصادر ''هناك جهد كبير تبذله الشركات الكبيرة، لإعاقة نجاح تطبيق خدمة التصويت عن بعد في الجمعيات العمومية للشركات المساهمة، والمقدمة ضمن منظومة خدمات ''تداولاتي'' الجديدة، خصوصا بعد نجاح تطبيق الخدمة خلال عام 2011، في عدد من الجمعيات العمومية، ونجاحها في إشراك صغار الملاك في صياغة توجهات تلك الشركات''.
وبينت المصادر أن هيئة السوق المالية تسعى للتوسع في مشروع التصويت الإلكتروني للشركات المدرجة في السوق السعودي، أو جعله ملزما للشركات الخاسرة (التي تقل قيمتها الدفترية عن 10 ريالات) من التداول حفاظا على أموال المساهمين، وحماية للاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أن توجه مدخرات الأفراد نحو الشركات الناجحة سيزيد من تطورها ونجاحها، وهذا مطلب تدعمه الدولة لتفعيل الاستثمار في السوق المالية، إلا أن هناك معارضات في هذا الشأن.
يأتي ذلك بعد أن كانت ''تداول'' قالت إن تطبيق هذه الخدمة ساهم في زيادة نسبة المشاركة واكتمال النصاب لعقد الجمعية العامة لعدد من الشركات في اجتماعها الأول، حيث رفعت عدد المصوتين إلى نسب بلغت نحو 50 في المائة من إجمالي عدد الأسهم المصدرة. وأكدت شركة تداول حينها حرصها على تمكين جميع شرائح المستثمرين من المشاركة في اجتماعات الجمعيات العامة للشركات والتصويت عن بعد بكل يسر وسهولة، لما له من أثر إيجابي في تفعيل دور المستثمرين وتعزيز مشاركتهم الفعالة في السوق، مبينة أنه بمقدور جميع المستثمرين التسجيل والتصويت عن بعد مجاناً من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بتداولاتي.
وكانت شركة السوق المالية السعودية (تداول) قد أطلقت في الـ17 مارس 2011 منظومة خدمات ''تداولاتي'' الجديدة، التي تضم مجموعة متنوعة من الخدمات المالية الجديدة، لتلبية الاحتياجات المختلفة للمستثمرين والشركات المساهمة، مثل تقارير ملكية الأوراق المالية والتصويت الإلكتروني وتقارير الأرباح.
إلى ذلك قال لـ''الاقتصادية'' الدكتور عبد الرحمن الحميد، أستاذ المحاسبة في جامعة الملك سعود، إن التصويت حق لكل مساهم، مهما كان حجم الملكية، ويجب تفعيله في السوق السعودية بصورة أكبر مما هو عليه اليوم.
وأضاف ''إلا أن ذلك لا يتم من خلال الإجراءات التي على شاكلة التصويت الإلكتروني، بل من خلال نشر الوعي لدى ملاك الأسهم، بأن صوتهم مهم ومؤثر، وعي يمنع أصحاب المصالح الكبيرة أو الصغيرة من ارتجال التصويت''.
وبين الحميد أن الأسلوب المعمول به دوليا وفي قلة من الشركات المحلية، هو تأسيس اتحادات لملاك الأسهم أو أندية وروابط تنظم عملية تصويته، مشيرا في هذا الصدد إلى أن غالبية المشاركين في الجمعيات العمومية في الشركات السعودية اليوم هم أعضاء مجالس الإدارات وقلة من كبار ملاك الأسهم.
وزاد ''التصويت الإلكرتوني يخدم الشركات ولكن قد يؤثر في نشاطها إذ كان المصوتون متفرقين، ويعملون بطريقة عشوائية، هناك شركات بنيت منذ زمن وفيها مصالح وتعارض مصالح.. لذا يجب أن يكون التصويت مرشدا، وألا تصبح العامة تتحكم في الخاصة''.
وحول إلزامية الشركات بالتصويت الإلكتروني قال الحميد إن ذلك جيد، وقد بدأ بعض الشركات في جعله إلزاميا في نظامها الأساس، مؤيدا في هذا الصدد بأن تقوم الجهات المتخصة بإلزام الشركات الخاسرة على الأقل بالتصويت الإلكتروني.
الدكتور محمد السهلي، أستاذ المحاسبة، يرى من ناحيته أن تطبيق التصويت الإلكتروني بطريقته الحالية قد يؤثر في مستوى حوكمة الشركات، مشيرا إلى أن الكثير من صغار المساهمين يفتقد الوعي الكامل بطريقة إدارة الشركات، ويتخذ قرارات تعسفية وانفعالية دون أن يدرك تبعاتها على مستقبل الشركة.
ويتفق السهلي مع الحميد أن تكوين جمعيات أو اتحادات لصغار الملاك تتولى التصويت بالنيابة عنهم أفضل من التصويت المباشر لمساهم يمتلك 10 أسهم في شركة ما مثلا، ويضيف ''وجود خطوط عريضة بين صغار الملاك لتوجهات الشركة أفضل من أن يقوم كل فرد بطرح رأيه مستقلا، كما هو الحال في أمريكا مثلا هناك جمعيات تهتم بأسهم صغار حملة الأسهم''.
وأوضح أستاذ المحاسبة أن التصويت الإلكتروني ساهم في حل عقد الجمعيات العمومية بنصاب جيد من المرة الأولى، لكنه حماية حقوق صغار المستثمرين ليس بالتصويت بل بقوانين أخرى ما زالت مفقودة في السوق المحلية، إلا أنه أكد أن كبار ملاك الأسهم لا يشعرون بالارتياح تجاه التصويت الإلكتروني كونه يتعارض مع مصالحهم في بعض الأحيان.