إصرار أوروبي بفرض رقابة مالية على اليونان
أبلغت دول منطقة اليورو اليونان أن عليها قبول الرقابة الصارمة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي إذا كانت تريد إبرام صفقة الإنقاذ بحلول الأسبوع المقبل، وذلك رغم تخطيها عقبات رئيسية في المحادثات التي جرت البارحة الأولى.
وانتهى مؤتمر جرى عبر دائرة الفيديو المغلقة واستمر ثلاث ساعات بين وزراء المالية أصر خلاله المتشددون على ضرورة إدارة عائدات ونفقات الدولة اليونانية بشكل يومي، بتقييم أولي متفائل، تفادى فيه التطرق إلى خطة الإنقاذ التي تتضمن 230 مليار يورو (300 مليار دولار).
وصرح رئيس وزراء لوكسمبرج جان - كلود يونكر رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو بشأن المحادثات التي جرت وجها لوجه في بروكسل "أنا واثق بأن مجموعة اليورو ستتمكن من اتخاذ جميع القرارات الضرورية الاثنين"، وذلك بعد يوم من التوتر.
ومع تسارع الوقت اقترابا من استحقاق سندات بقيمة 14.5 مليار يورو في 20 آذار (مارس)، تراجع اليورو أمام الدولار لليوم الرابع، كما سجلت البورصتان الأمريكية واليابانية هبوطا طفيفا.
وقال يونكر إن اليونان وفت بثلاثة شروط وضعت في الاجتماع الأخير الذي جرى قبل ستة أيام، والتي كانت شروطا لإكمال صفقة الإنقاذ المالي التي ستحافظ على وجود اليونان داخل منطقة اليورو.
وقال يونكر إن قادة الائتلاف اليوناني قدموا "تطمينات قوية" بأنه مهما يكن الذي سيفوز في الانتخابات العامة التي ستجري في نيسان (أبريل)، فإنه سيواصل تطبيق إجراءات التقشف والإصلاح، فيما قدم مدققون ماليون أجانب تحليلا لاستدامة الدين اليوناني، وتمكنت أثينا من توفير مبلغ 325 مليون يورو إضافي بفضل الاقتطاعات في الإنفاق.
وقال إنه إضافة إلى ذلك فإن اليونان قدمت "قائمة مفصلة للخطوات الأولية" التي يجب أن تكملها "إضافة إلى خطة زمنية لتطبيقها". إلا أنه ومع تناقص الثقة باليونان، قال يونكر إنه من الضروري وضع "المزيد من الاعتبارات" حول كيفية الإشراف على عملية صنع القرار في اليونان فور استلامها المساعدة المالية، و"ضمان إعطاء الأولوية لخدمة الديون".
وقال مصدر حكومي بارز في منطقة اليورو إن ما يسمى بترويكا المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي يعملون على هذه المسألة في أثينا. وفي الوقت الذي تواجه اليونان ديونا بمقدار 14.5 مليار يورو لتسديد السندات في 20 آذار (مارس)، تصاعد التوتر في النزاع المستمر أشهرا بشأن صفقة الإنقاذ.
وبدأ وزير المالية الألماني وولفغانغ شويبله أمس بتحذير على الإذاعة حين قال "نستطيع أن نساعد، ولكننا لن نصب المال في حفرة ليس لها قرار". أما وزير المالية اليوناني إيفانغيلوس فينزيلوس فقال للشعب اليوناني "هناك العديد من دول منطقة اليورو التي لم تعد ترغب فينا". أما الرئيس كارولوس بابولياس، أحد رجال المقاومة خلال الاحتلال الألماني لليونان في الحرب العالمية الثانية، فقد حول المسألة إلى مسألة شخصية.
وقال "لا أقبل أن يسخر شويبله ببلادي. أنا كيوناني لا أقبل بذلك". وأضاف بابولياس (82 عاما) "من هو شويبله حتى يسخر من اليونان؟ من هم الهولنديون؟ من هم الفنلنديون؟". وقال دبلوماسيون ومسؤولون قبل الاجتماع إن الوزراء قد يستغلون اجتماع الاثنين لإطلاق عرض لتبادل السندات بهدف خفض الدين اليوناني البالغ 350 مليار يورو بمقدار 100 مليار يورو.
وذكرت تقارير صحافية يونانية أمس أن الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس هاجم وزير المالية الألماني لإدلائه بتصريحات "مهينة" بشأن بلاده، ما زاد من تدهور العلاقات المتوترة بالفعل بين الدولتين العضوين في منطقة اليورو. قال بابولياس خلال مأدبة غداء غير رسمية في وزارة الدفاع أمس الأربعاء "إنني لا أقبل إهانة السيد فولفجانج شويبله لبلادي". وتم الكشف عن تلك التصريحات التي كانت فظة على غير المعهود فيما بعد للصحافة اليونانية.
وتدهورت العلاقات بين برلين وأثينا - التي توترت منذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام 2009، بشكل أكبر في الآونة الأخيرة لفشل اليونان في الوفاء بالأهداف التي حددها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في مقابل الحصول على مساعدة مالية. قام متظاهرون يونانيون بشكل متكرر بإحراق الأعلام الألمانية في مظاهرات خلال الأشهر القليلة الماضية، وكانت الصحف تقوم بوضع صورة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الصفحات الأولى بالزي النازي.
في حين قال وزير التنمية اليوناني ميخاليس خريساخويدس أمام مجموعة من الصحافيين الألمان البارحة الأولى في فرانكفورت إنه يتوقع أن يعود اقتصاد البلاد لتحقيق النمو في غضون خمس سنوات. وأضاف "نبذل الآن أقصى الجهود لتغيير الأحوال في البلاد وتحقيق الإصلاح والتجديد .. الصعوبة تكمن في أن لدينا مشكلة سيولة. البنوك قطعت خطوط الائتمان عن المشاريع الاستثمارية.
من جهة أخرى، قال وزير المالية الهولندي يان كيس دي ياجر في مقابلة نشرت أمس إنه قد يتأجل تقديم حزمة الإنقاذ الثانية لليونان حتى بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة حاليا في نيسان (أبريل).
وقال دي ياجر لصحيفة "هيت فاينانسيل داجبلاد" الاقتصادية الهولندية إن "ثقة الاتحاد الأوروبي في اليونان وصلت لأدنى مستوياتها". يأتي ذلك بعد يوم من تصريح رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر من أن اليونان قدمت أخيرا تطمينات ضرورية للحصول على حزمة الإنقاذ والتي يتوقع أن تتم الموافقة عليها الاثنين المقبل.