تحقيق الاستقرار يثير جدلا بين صانعي السياسات المالية
ما زال الجدل محتدماً بين صانعي السياسات المالية حول الدول الذي يتعين أن تلعبه السياسة النقدية والمصارف المركزية في تحقيق الاستقرار المالي، فمن جهة يرى البعض أن الوصول إلى الاستقرار المالي يجب أن يكون هدفاً أساسياً للمصارف المركزية، يرى آخرون أن أدوات وسياسات المحافظة على الاستقرار المالي يجب أن تبقى منفصلة عن السياسة النقدية وأدواتها.
وأكد الدكتور جاسم المناعي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن السعي للمحافظة على الاستقرار المالي أصبح جانباً يجب أن يؤخذ في حسبان المصارف المركزية. وأشار إلى أن تطوير أدوات وآليات فعالة ونشطة للرقابة الاحترازية الكلية Macroprudential، ربما تسهم في تحرير السياسة النقدية من عبء ازدواج الأهداف لتركز على دورها في المحافظة على الاستقرار السعري.
وقال المناعي: لا يخفى على الجميع ما بات يحظى به الآن موضوع دور السياسة النقدية في تحقيق الاستقرار المالي، من جدل ونقاش بين صانعي السياسات الاقتصادية والنقدية على ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وأضاف ''العلاقة بين السياسة النقدية واستقرار الأسعار من جهة، والاستقرار المالي من جهة أخرى هي علاقة ليست بجديدة. فمن جهة يمثل الاستقرار المالي واحداً من الشروط الأساسية اللازمة لسياسة نقدية فعّالة. إذ يتوقف نجاح تنفيذ السياسة النقدية على توافر أسواق مالية على درجة عالية من الكفاءة والاستقرار، حيث إن اضطرابات أسواق المال يمكن أن تؤثر في فعالية تنفيذ وانتقال إشارات السياسة النقدية إلى الاقتصاد. في المقابل، فإن أهداف السياسة النقدية نفسها سواءً من حيث التشدّد أو التساهل يمكن أن يكون لها انعكاسات على سلوك المؤسسات المالية والمصرفية ودرجة المخاطر التي تُقدم عليها وبالتالي على مستوى الاستقرار المالي''.
ولفت مدير صندوق النقد العربي إلى أن هناك جدلاً واسعاً حول الدور الذي يتعين أن تلعبه السياسة النقدية والمصارف المركزية في هذا الصدد. وأردف ''فمن جهة يرى البعض أن الوصول إلى الاستقرار المالي والمحافظة على هذا الاستقرار يجب أن يكون هدفاً أساسياً للمصارف المركزية، وبالتالي تكون السياسة النقدية هي واحدة من الأدوات للمحافظة على الاستقرار المالي. فيما يرى آخرون أن أدوات وسياسات المحافظة على الاستقرار المالي يجب أن تبقى منفصلة عن السياسة النقدية وأدواتها''.
وأوضح المناعي أن معظم الدول العربية قطعت شوطاً في إرساء مقومات رقابة فعالة على المؤسسات المصرفية. كاشفاً أن الرقابة الاحترازية الكلية لا تزال في مراحلها الأولى في أغلب الدول العربية، على الرغم من أن بعض الدول قد باشرت بالفعل تطبيق بعض أدوات هذه الرقابة، كما هو الحال لدى دول مجلس التعاون الخليجي.