«حزب خُدا» اللبناني يختار تايلاند لعمل إرهابي

أعلنت السلطات التايلاندية في 14 كانون الثاني (يناير) الحالي أنها، وبناء على معلومات استخباراتية وردتها من الأمريكيين، أوقفت عنصرًا من عناصر حزب الله (خـُدا) اللبناني يدعى ''عتريس حسين''، بينما كان على وشك مغادرة البلاد. وأضافت أنها الآن بصدد البحث عن شريك له فيما سمته ''مخطط معد لشن عمليات إرهابية على مواقع سياحية في بانكوك، خصوصًا تلك التي يرتادها السياح الأمريكيون والأوروبيون والإسرائيليون كشارعي سوكومفيت'' وبادبونغ الحيويين، وطريق كاو سان.
بعد هذا الإعلان الذي أشاع ارتياحًا كبيرًا لدى الكثيرين، ولا سيما أن الأنباء عن استهداف تايلاند بعمل إرهابي كانت متداولة منذ 22 كانون الأول (ديسمبر) الفائت، حينما تسربت أخبار عن وجود تعاون تايلاندي - أمريكي - إسرائيلي - أسترالي لتعقب مجموعة إرهابية منطلقة من دولة شرق أوسطية نحو جنوب شرق آسيا لتنفيذ هجمات إرهابية لمصلحة دولة غير عربية تعيش حالة نزاع مريرة مع واشنطن وتل أبيب، توالت المعلومات ليتضح أن المعتقل اللبناني جاء من بيروت ودخل البلاد بجواز سويدي، والتقى شريكه المدعو بياو تايو في بانكوك واستأجرا سكنًا قريبًا من طريق كاو سان، واستخدماه للتدريب والتخطيط وتجنيد عناصر محلية لتنفيذ تفجيرات ضد مواقع أمريكية وإسرائيلية أو ضد أماكن يرتادها الغربيون والإسرائيليون. ومن ضمن ما تسرب أن المخطط المزعوم كان بدافع الانتقام من الولايات المتحدة وحليفتها العبرية بسبب تهديداتهما ومواقفهما المتشددة من الدولة الشرق أوسطية غير العربية.
وهكذا أثبت حزب الله اللبناني مجددًا أنه حركة إرهابية تلبس لبوس المقاومة، ومستعدة للقيام بأي عمل بمجرد صدور أوامر لها من مرجعيتها الدينية الأجنبية حينما يكون بلد تلك المرجعية في مأزق مع المجتمع الدولي.
أما لماذا اختار الحزب أن يغتال وردة البلاد الآسيوية ويزعزع أمنها واقتصادها وقطاعها السياحي، بعدما فعل الشيء ذاته بحق وردة البلاد العربية، فلأسباب كثيرة:
الأول أن تايلاند بلاد سياحية مفتوحة، ومن ثَمَّ فإن الدخول إلى أراضيها ليس صعبًا كما في حالة الدول الأخرى، خصوصًا لمن يحملون جنسيات أوروبية. وهنا يجدر بنا أن نتذكر أن أحد أكبر الإرهابيين المطلوبين أمريكيًّا وهو ''رضوان عصام الدين'' المعروف باسم ''الحنبلي'' كان قد فر من باكستان ودخل تايلاند بسهولة بواسطة جواز سفر أوروبي مزور قبل أن تقبض عليه الشرطة التايلاندية في 2003 في منتجع سياحي وتسلمه مخفورًا للسلطات الأمريكية، حيث يقبع الآن في معتقل جوانتنامو.
والثاني أن تايلاند، عوضًا عن كونها وجهة سياحية مفضلة لدى الأمريكيين والأوروبيين، فإنها صارت في السنوات الأخيرة مقصدًا للسياح ورجال الأعمال الإسرائيليين، بدليل إقامة نحو 300 رجل أعمال إسرائيلي إقامة دائمة في بانكوك، واحتضان الأخيرة نحو 30 شركة إسرائيلية للاستيراد والتصدير والتعامل في المجوهرات والأحجار الكريمة، ناهيك عن انتشار الكثير من الأماكن المتخصصة في تقديم الأطعمة اليهودية.
والثالث أن لحزب الله خبرة ذاتية في تايلاند لجهة تخطيط وتنفيذ عمليات الاغتيال والتمويه وتهريب العناصر (فهو مثلاً متهم بالوقوف وراء عملية اغتيال عدد من الدبلوماسيين السعوديين في بانكوك في ثمانينيات القرن الماضي). أو لها خبرة مكتسبة من جماعات إرهابية مماثلة مثل ''جماعة أيلول الأسود الفلسطينية'' التي كانت أول جماعة تنفذ هجومًا على الأرض التايلاندية، وذلك في 1972 حينما نجحت مجموعة مسلحة من عناصرها في اقتحام السفارة الإسرائيلية في بانكوك، واحتجاز عدد كبير من الرهائن، وقتل بعضهم قبل فرارهم إلى مصر.
والرابع أنه من السهل على الحزب في تايلاند تجنيد عناصر محلية للقيام بتنفيذ الأعمال القذرة بعد عملية غسيل متقنة للدماغ. ولعل ما يساعده هو التسامح الديني السائد في هذه البلاد، الذي من أهم تجلياته سماح بانكوك في السنوات الأخيرة بتأسيس المآتم والحسينيات كوسيلة لجذب وإرضاء عشرات الآلاف من السياح الإيرانيين. ويُقال إن حزب الله ينشر كوادره في دور العبادة هذه، من أجل استدراج التايلانديين اليافعين، خاصة الفقراء، إلى مدرسة دينية يديرها الإيراني حسين علي بور في بانكوك تحت اسم المدرسة العالمية للدراسات الدينية.
والخامس أن تايلاند تعد من أبرز حلفاء واشنطن في جنوب شرق آسيا ضد الإرهاب، ولا سيما منذ عام 2003 حينما أرسلت قواتها لدعم العمل العسكري الأمريكي في العراق. وبهذا فإن الإضرار بتايلاند إضرار غير مباشر بالولايات المتحدة بمنطوق حزب الله وأتباعه.
إن الأدلة والبراهين على أن حزب ''خـُدا'' اللبناني يمتهن الإرهاب منذ ظهوره على الساحة في 1982 أكثر من أن تحصى، إذا ما أخذنا في الحسبان أن الحزب تمدد في أرجاء العالم كالنبت الشيطاني، بفضل ما أغدق عليه من أموال، وما وضع تحت تصرفه من إمكانات من قبل دولة المرجعية إياها، لكننا سنكتفي فيما يلي باستعراض بعض أنشطته الإرهابية، علمًا بأن القائمة لا تشتمل على دوره في التحريض والتلقين والتدريب لجماعات غير لبنانية من أجل إشعال الحرائق والفتن في أوطانها تحت شعارات عبثية ومقولات خرافية:
ففي 1983 قام باختطاف رئيس جامعة بيروت الأمريكية، وشن هجومًا دمويًّا على ثكنات القوات الأمريكية والفرنسية العاملة ضمن قوات حفظ السلام بالقرب من مطار بيروت، وأتبعها بهجوم انتحاري على مبنى السفارة الأمريكية في بيروت،
وفي العام التالي فجّر مباني ملحقة بتلك السفارة، وهاجمت عناصره مطعمًا يرتاده الجنود الأمريكيون في إسبانيا، فضلاً عن ضلوعه في اختطاف طائرة الخطوط الجوية العالمية الأمريكية في مطار بيروت، ولاحقًا ضلوعه في اختطاف طائرة الجابرية الكويتية.
وفي 1985م، تم القبض على أحد نشطائه في سويسرا بتهمة حيازة أسلحة ومخططات لتجنيد طلبة لبنانيين للقيام بهجمات ضد السفارة الأمريكية في روما، فضلاً عن ضلوع كوادره في المحاولة الفاشلة لاغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وقيامه باختطاف أربعة دبلوماسيين سوفيات معتمدين لدى لبنان.
وفي 1986م، كشفت التحقيقات عن وقوفه خلف اختطاف وقتل عدد من المواطنين اللبنانيين اليهود، كما اعتقلت الشرطة القبرصية عددًا من عناصره في لارنكا وبحوزتهم أسلحة ومتفجرات.
وفي 1987م، كشفت الشرطة الفرنسية النقاب عن أدلة تدين الحزب حول مسؤوليته عن 13 عملية إرهابية وقعت فوق الأرض الفرنسية.
وفي 1988م، قامت ميليشياته باختطاف وقتل كولونيل أمريكي من العاملين ضمن قوات المراقبة الدولية، كما اتهمته السلطات الإسبانية بتهريب السلاح عبر قبرص لتنفيذ أعمال إرهابية في مدينة إشبيليا.
وفي 1989م، أعلنت الشرطة الألمانية قبضها على طالب لبناني يدعى بسام غريب مكي مكلف من قبل الحزب بتنفيذ أعمال إرهابية مع آخرين ضد أهداف بريطانية وفرنسية وعراقية وكويتية وسعودية في ألمانيا.
وفي 1992م، أسندت إليه أجهزة الاستخبارات الإيرانية مهمة تفجير مقهى في برلين للتخلص من عدد من قادة المعارضة الكردية الإيرانية.
وفي 1994م، قام بالتعاون مع الأجهزة الإيرانية المذكورة بتفجير معبد ومركز ثقافي يهودي في العاصمة الأرجنتينية.
وفي العام التالي قامت عناصره بتشكيل شبكة مكونة من لبنانيين وخمسة سنغافوريين مسلمين لمهاجمة سفن أمريكية وإسرائيلية في أثناء مرورها أو توقفها في مضيق سنغافورة.
وفي 1996م، قام الحزب بعملية التفجير الشهيرة لبرج سكني في مدينة الخبر السعودية فقتل وجرح المئات.
وفي 1999م، أعلنت مانيلا أنها أوقفت مجموعة تابعة لحزب الله قبيل مغادرتها البلاد، وأنه تبين من اعترافات أفرادها أنهم جاءوا من أجل تجنيد فلبينيين وإندونيسيين مسلمين لتنفيذ هجمات ضد المصالح الغربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي