الميزانية .. والصحة
تشهد المملكة هذا العام (2012) وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أكبر وأضخم ميزانية لها منذ تأسيسها، فالإيرادات المتوقعة في ميزانية العام المالي الجديد 1433/1434هـ، 702 مليار ريال، والنفقات العامة 690 مليار ريال، وسيجد القارئ أن كثيراً من البيانات والأرقام التي أوردتها في مقالي والمقالات القادمة والخاصة بالميزانية التاريخية ليست دقيقة 100 في المائة، إنما بحسب اجتهادي وبقدر ما توصلت إليها سواء من معلومة هامشية بنيت عليها، أو تصريح صحافي لمسؤول حكومي خرجت منه ببعض الأرقام، أو من نسب لسنوات سابقة اعتمدت عليها في بحثي، فليس هناك - على حد علمي - مركز معلومات متاحٌ يوفر تلك البيانات والأرقام والتفاصيل، والتي لم تُضمّن في الميزانية.
بداية يجب أن نفرق بين موازنة وميزانية، فالأولى تمثل أرقاماً تقديرية للإيرادات والنفقات Forecasting، تكون عادة في أول السنة المالية، أما الأخيرة التي تُعد في نهاية السنة المالية فهي تمثل النفقات والإيرادات الفعلية، أي ما تم صرفه فعلاً وما تم تحصيله في خزانة الدولة خلال العام، وبالتالي ما أُعلن عنه يصنف - من وجهة نظري - على أنها مُوازنة وليست ميزانية. عموماً، هذه الفلسفة لا تعني المواطن بأي حال، وما يهمه في أي موازنة تلك المتعلقة ببنود الصحة والتعليم بشقيه العام والعالي والتدريب وقطاع الخدمات، وسيكون القطاع الصحي مثار نقاشنا في المقام الأول، حيث رُصد له 87 مليار ريال، وما زال المواطن يشكو من مستوى الخدمة الصحية، فنصيب الفرد من بند الصحة (بقسمة إجمالي البند على عدد السكان) يقترب من أربعة آلاف ريال، وهو رقم كبير مقارنة بالمقاييس العالمية، خصوصاً إذا علمنا أن قسط التأمين، الذي تقدمه الشركات على الدرجة الأولى مع العدد الكبير لا يتجاوز ألف ريال، لذلك قد يتبادر إلى ذهن البعض التساؤل التالي: لماذا لا يُعهد لشركات التأمين علاج ورعاية المواطنين في المستشفيات الخاصة من خلال وثيقة تأمين طبي، وتحويل وزارة الصحة إلى هيئة رقابية من شأنها مراقبة أداء هذه الشركات ـ كما هو حال الاتصالات ـ وبذلك نكون قد حققنا نجاحاً في تحسين مستوى الخدمة الصحية مع ترشيد كبير Saving في النفقات بما لا يقل عن 75 في المائة من بند الصحة في الميزانية، فلا مكاتب وإدارة ولا موظفين ولجان ومستشفيات وعقود صيانة ومشاريع و ... إلخ.