تحليل خاص للاقتصادية: ميزانية 2012.. استيعاب للصدمات الخارجية

تحليل خاص للاقتصادية: ميزانية 2012.. استيعاب للصدمات الخارجية
تحليل خاص للاقتصادية: ميزانية 2012.. استيعاب للصدمات الخارجية

قال تحليل خاص بالميزانية: إن السعودية نجحت في تخطي تداعيات الأزمات العالمية، واستوعبت الصدمات الخارجية، وحقق الاقتصاد السعودي نمواً في إجمالي الناتج المحلي الاسمي بمعدل 28 في المائة، ونمو إجمالي الناتج الحقيقي بمعدل 6.8 في المائة، مع ارتفاع فائض الحساب الجاري بأكثر من 120 في المائة.
وأكد التحليل، الذي أعدّه معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات في جامعة الملك سعود لـ ''الاقتصادية''، إنه في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية شديدة الاضطراب، تأتي الميزانية بدفع اقتصادي كبير للنمو؛ يوازن بين اعتبار التوسع وخلق فرص العمل وبين مكافحة التضخم وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.
وبيّن التحليل أن استمرار الإنفاق الحكومي المرتفع يعكس التزام السعودية بوعدها الذي قطعته في قمة العشرين في عام 2010م، بإنفاق 400 مليار دولار على مدار خمس سنوات، كأحد برامج التحفيز التي أعلنتها مجموعة العشرين، والواقع أن الاستمرار في الإنفاق بالوتيرة الحالية سيجعل إجمالي الإنفاق العام في السعودية يتجاوز هذا الرقم بكثير.
وأوضح تحليل المعهد، أنه على الرغم من سياسات التوسع في الإنفاق الحكومي بغرض دفع الطلب الكلي، وخلق فرص وظيفية جديدة للمواطنين، إلا أن الرياض استمرت كذلك في سياساتها الهادفة إلى زيادة رفاهية المواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، من خلال العمل على خفض معدلات التضخم، والذي انخفض عام 2011م إلى 5.2 في المائة، ويتوقع أن يستمر في هذا الاتجاه ليصل إلى نحو 4.7 في المائة في عام 2012م.
ورأى تحليل معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات، أن استمرار معدلات الإنفاق الاستثماري الحالية (43.4 في المائة) من إجمالي الإنفاق العام سيساعد على توفير البنية الأساسية وزيادة الإنتاج المحلي؛ الأمر الذي يمتد أثره الإيجابي على نمو القطاع الخاص، وخلق فرص العمل، والحد من التضخم، ليس في عام 2012م فقط، وإنما كذلك في الأعوام المقبلة.

وفي مايلي مزيدا من التفاصيل:

يمر الاقتصاد العالمي بظروف اقتصادية صعبة؛ فلا تزال تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تلقي بظلالها على الاقتصاديات الرئيسة في العالم, خاصة في أوروبا والتي امتدت إلى كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وطالت موازناتها العامة مما أجبر الحكومات على اتخاذ سياسات مالية متحفظة، نتج عنها ترشيد الإنفاق الحكومي، وتشديد معايير الإقراض. ولا يزال الاقتصاد الأمريكي يعاني الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، وهذا ما أكده تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي صدر في أيلول (سبتمبر) 2011م عن صندوق النقد الدولي الذي حذر من تباطؤ في النمو وتصاعد في المخاطر يؤديان إلى تدهور معدل النمو الاقتصاد العالمي.
ورغم ذلك نجحت المملكة العربية السعودية في تخطي تداعيات هذه الأزمات واستوعبت الصدمات الخارجية, حيث حقق الاقتصاد السعودي نمواً في إجمالي الناتج المحلي الاسمي بمعدل ٢٨ في المائة , ونمو إجمالي الناتج الحقيقي بمعدل ٦.٨ في المائة، مع ارتفاع فائض الحساب الجاري بأكثر من ١٢٠ في المائة. إن استمرار الإنفاق الحكومي المرتفع يعكس التزام المملكة بوعدها الذي قطعته في قمة العشرين في عام ٢٠١٠م بإنفاق ٤٠٠ مليار دولار على مدار خمس سنوات, كأحد برامج التحفيز التي أعلنتها مجموعة العشرين. والواقع أن الاستمرار في الإنفاق بالوتيرة الحالية سيجعل إجمالي الإنفاق العام في المملكة يتجاوز هذا الرقم بكثير.
وعلى الرغم من سياسات التوسع في الإنفاق الحكومي بغرض دفع الطلب الكلي، وخلق فرص وظيفية جديدة للمواطنين، إلا أن المملكة استمرت كذلك في سياساتها الهادفة إلى زيادة رفاهية المواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، من خلال العمل على خفض معدلات التضخم، والذي انخفض في عام ٢٠١١م إلى ٥.٢ في المائة , ويتوقع أن يستمر في هذا الاتجاه ليصل إلى نحو4.7 في المائة في عام ٢٠١٢م. إن توفير فرص العمل والمحافظة على استقرار الأسعار، إضافة إلى توفير المسكن الكريم للمواطن جاء نتيجة لسياسيات حكومة خادم الحرمين الشريفين، التي تسعى إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية التنموية العشرينية التي بدأت في ٢٠٠٥م وتنتهي في ٢٠٢٥م، والتي تسعى للتحول بالمملكة نحو الاقتصاد المعرفي، مدعومة بالتزام حكومي لتحقيق رؤية الاقتصاد السعودي "رؤية ٢٠٢٥م", إن استمرار معدلات الإنفاق الاستثماري الحالية (43.4 في المائة) من إجمالي الإنفاق العام سوف يساعد على توفير البنية الأساسية وزيادة الإنتاج المحلي, الأمر الذي يمتد أثره الإيجابي على نمو القطاع الخاص, وخلق فرص العمل, والحد من التضخم ليس في عام ٢٠١٢م فقط وإنما كذلك في الأعوام القادمة.

المؤشرات الاقتصادية الكلية والملامح العامة للميزانية
تكشف ميزانية المملكة العربية السعودية للعام المالي 1433/1434هـ(2012م) عن نجاح المملكة في تخطي تداعيات الأزمة العالمية، والحفاظ على مستويات عالية للنمو الاقتصادي، إلا أن زيادة الضغوط التضخمية الناجمة عن الإنفاق العام الفعلي غير المسبوق - في ميزانية العام الماضي - والذي وصل إلى نحو 804 مليار ريال، كذلك الفرق الكبير- في ميزانية العام المنصرم - بين الإيرادات الفعلية والتي تخطت التريليون ريال والإيرادات المخططة التي لم تزد على نحو 540 مليار ريال، ومع الرغبة الأكيدة لدى حكومة خادم الحرمين -حفظه الله- في دعم الاستقرار الاقتصادي واستقرار مستويات الأسعار، قررت حكومة المملكة خفض الإنفاق المخطط للعام القادم إلى 690 مليار ريال، ورغم ذلك يظل الإنفاق العام المخطط العام القادم أعلى من الإنفاق المخطط للعام الماضي بنحو 20 في المائة. والملاحظات العامة على مخصصات الميزانية الجديدة هي كما يلي:
- المحافظة على الأهمية النسبية للاعتماد المخصصة لكل قطاع بالميزانية: لقد حافظت الميزانية الحالية على استقرار هيكل الإنفاق العام في المملكة في ظل التقلبات الشديدة في أسعار البترول التي يشهدها الاقتصاد العالمي منذ نهاية 2003م، والشكل والجدول التاليين يعكسان الاتجاه العام لبنود الميزانية فقد حافظت كافة بنود الميزانية على نسبة مشاركتها في إجمالي الإنفاق العام، مع تغيرات طفيفة في نسبة مشاركة صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية التي زادت بنسبة 3 في المائة وانخفاض مماثل في نسبة مشاركة مخصصات التعليم والتدريب بنحو 4 في المائة، ولعل من أهم أسباب هذا الاستقرار هو ضمان استمرار متطلبات التنمية المستدامة، وتواصل نتائجها الطموحة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك ضمان تحقيق التنمية المتوازنة لكافة المناطق في المملكة.
- دعم اقتصاد المعرفة من خلال محافظة قطاع التعليم والموارد البشرية على مركزه النسبي الرئيس باعتبار أن التعليم والبحث العلمي هما ركيزة المعرفة ومصدرها، وهو ما يتطلب ضمان زيادة الاستثمار البشري لتأهيل المواطنين وتدريبهم وضمان تعليمهم المتواصل بما يتوافق مع احتياجات الاقتصاد وسرعة إيقاع وتجدد المعلومات والمعارف والابتكارات.

#2#

- تلبية طموحات النمو والارتقاء بمستويات المعيشة ونوعية الحياة، وحل المشكلات، ومن أبرز معالم ذلك ميزانية الإسكان الضخمة للعام الماضي وهذا العام، فقد شهدت المملكة العربية السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية تغيرات سكانية سريعة، أدت لضغوط ديموغرافية كبيرة، ومع ارتفاع مستوى النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل والدخول، زاد الطلب على المساكن وظهرت فجوة كبيرة بين الطلب والعرض. ولقد تبنت الحكومة حزمة موسعة من الإجراءات السياسية للتعامل مع مشكلة الإسكان تشتمل على التخطيط الاستراتيجي العمراني وإدارة النمو الحضري وإصلاح نظام منح الأراضي، ومن بينها رصد 250 مليار ريال لإقامة 500 ألف وحدة سكنية إضافة للتمويل الإضافي لصندوق التنمية العقارية، ويشهد العام الحالي بدأ تنفيذ مشروعات الإسكان العملاقة، ومتابعة التنفيذ ورصد الميزانيات لذلك.
- التقدير التحفظي للإيرادات: تتراوح تقديرات سعر برميل النفط في ميزانية المملكة بين ستين وخمسة وستين دولاراً للبرميل، وهذه التقديرات المتحفظة جعلت الإيرادات المحققة تتجاوز دائماً الإيرادات المقدرة ، مما أنتج الفوائض الضخمة في الميزانيات منذ الخطة الخمسية الثامنة وحتى الآن.

- الناتج المحلي الاسمي والحقيقي للمملكة
ارتفع الناتج المحلي الاسمي في المملكة من 1630 مليار ريال في 2010م إلى 2160 مليار ريال في 2011م، وبمعدل نمو نحو 33 في المائة تقريباً، وهو أعلى معدل للنمو خلال الفترة من 2005 إلى 2011م، وقد ارتفع الناتج المحلي الحقيقي من 934.8 مليار ريال إلى 998.3 مليار ريال خلال نفس الفترة، وبمعدل نمو نحو 6,8 في المائة.
- الصادرات وفائض الحسابالجاري: بحكم طبيعة اقتصاد المملكة؛ ليس من الممكن أن يرتفع الناتج دون زيادات موازية في الصادرات وفائض الميزان التجاري، فقد ارتفعت صادرات المملكة من نحو 948 مليار ريال في 2010م إلى نحو1287 مليار ريال في 2011م، وبمعدل نمو نحو 36 في المائة تقريباً، أما فائض الحساب الجاري فيتوقع أن يرتفع من 250 مليار ريال إلى نحو 598 مليار ريال خلال نفس الفترة وبمعدل نمو يفوق 130 في المائة.
- تطور الدين العام:انخفض الدين العام للمملكة من 167 مليار ريال في 2010م إلى نحو 135.5 مليار ريال في 2011م، وهو ما خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي من 10 في المائة إلى 6 في المائة فقط خلال نفس الفترة.
عرض النقود والتضخم: من المتوقع مع زيادات الناتج المحلي الكبيرة زيادة موازية في عرض النقود والسيولة المتداولة، فقد ارتفع عرض النقود بالمعنى الواسع في المملكة من 1093 مليار ريال في 2010م إلى 1203 مليار ريال في 2011م، وبمعدل نمو نحو 10 في المائة، وبطبيعة الحال هو معدل للنمو غير مرتفع مقارنة بمثيله خلال الفترة من 2005 إلى 2011م، وذلك بغرض مكافحة التضخم الذي ضرب المملكة بداية من 2006 كما يوضحه الشكل التالي.

الملامح العامة لميزانية المملكة
تضمنت الميزانية الحالية لحكومة خادم الحرمين الشريفين للعام المالي 1433/1434 (2012م) نفقات إجمالية تبلغ 690 مليار ريال أي بانخفاض في الإنفاق نسبته (10 في المائة) عن الإنفاق الفعلي لعام 2011م ولكن يظل بزيادة عن الإنفاق المخطط في ميزانية العام الماضي نسبته (20 في المائة) أيضاً، وقد قدرت الإيرادات في هذه الميزانية بنحو 702 مليار ريال وهي أدنى من الإيرادات الفعلية للعام الماضي (1110 مليارات ريال) بنحو 415 مليار ريال. وتجدر الإشارة إلى أنه يتم تقدير الإيرادات بطريقة متحفظة وغالباً ما تكون أقل من الإيرادات الفعلية كما هو الحال في ميزانية العام الحالي. وقد قدر العجز في ميزانية العام المالي 1433/1434 بنحو 12 مليار ريال، ويمثل هذا العجز ما نسبته 5 في الألف من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1432/1433 والمقدر بنحو 2,163 مليار ريال.
وعلى الرغم زيادة الإنفاق الفعلي عن المخطط في ميزانية العام الماضي بنسبة (40 في المائة) وهو ما عكس مواصلة المملكة سياستها المالية التوسعية واستمرارها في برامج الإنفاق الحكومي المتزايد، إلا أن المخطط في ميزانية العام القادم هو خفض الإنفاق المخطط عن الإنفاق الفعلي للعام الحالي، وهو ما ينبئ بعزم حكومة خادم الحرمين الشريفين الأكيد على مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار وهو الاتجاه الذي بدأ منذ العام 2008م. كما أن خفض الإنفاق المخطط عن الفعلي يعكس أيضا عدة أمور؛ الأول الحيطة والحذر في تخطط الميزانية والإيرادات بسبب الاعتماد على الإيرادات من النفط. الثاني: التغلب على التقلبات الحادة لإيرادات المملكة العربية السعودية، كما يوضح الشكل التالي المنحنى الممثل لمعدل التغير السنوي للإيرادات، الثالث: العمل على تعزيز الاحتياطيات الرسمية من خلال المحافظة على الفوائض المتراكمة من السنوات السابقة.
وتشير التقديرات الأولية لإيرادات العام المنصرم إلى ارتفاع الإيرادات من الصادرات السلعية لنحو 1,287 مليار ريال، في وقت وصلت فيه الإيرادات من الصادرات النفطية وحدها 1,134 مليار ريال، وهو أدى لارتفاع الفوائض سواء في الحساب الجاري لميزان المدفوعات أو في الميزانية، وهذا الأخير ارتفع بأكثر من 300 مليار ريال، في الوقت الذي كانت الميزانية تتوقع فيه عجزاً في حدود 50 مليار ريال. لقد دأبت المملكة على تقديرات سعر برميل البترول لأقل من 60 دولاراً للبرميل، على الرغم من أن سعر البرميل لم يهبط دون المائة دولار خلال العام الماضي، وهو ما يعني أن التوقعات الخاصة بالإيرادات في ميزانية عام 2012 يمكن افتراض زيادتها بمقدار الثلث على الأقل.
كما يوضح الشكل التالي؛ لا تزال مخصصات الإنفاق الاستثماري عالية في الميزانية الجديدة وتقدر بنحو 265 مليار ريال، ومع ذلك يجب الإشارة إلى أن نسبتها إلى الإنفاق المخطط قد انخفضت عن ميزانية العام الماضي فمن نحو 44.2 في المائة من جملة الإنفاق العام في 2011 على نحو 43.4 في المائة في ميزانية 2012م. وبالنظر إلى أن الإنفاق الفعلي قد فاق المخطط في ميزانية 2011م بنحو 40 في المائة (من نحو 580 إلى 804 مليارات ريال) يمكن قراءة ذلك من خلال رغبة الحكومة في التغلب على دور التوقعات في رفع معدلات التضخم المؤسس داخلياً، فالتقديرات المتحفظة تساعد الحكومة على زيادة الإنفاق دون أن يؤدي ذلك إلى المبالغة في الإنفاق والطلب المحلي المرتفع، مما يساعد على بناء توقعات منخفضة للضغوط التضخمية، وبالتالي عدم المبالغة في التأثير على مستويات التضخم السائدة، وهي أحد التطبيقات المباشرة لما يعرف بنقد لوكاس الشهيرLucas Critics .

التوزيع القطاعي لمخصصات ميزانية المملكة
يشرح الشكل التالي استمرار أولويات المخصصات حسب القطاعات كما هو منوال الميزانيات السابقة للمملكة، فقد استمر التركيز والأولوية النسبية الأكبر لمشاريع تعزيز النمو والتنمية المستدامة، واحتلت قطاعات التعليم وتنمية الموارد البشرية، والصحة والتنمية الاجتماعية، والمياه والصرف الصحي، والزراعة والتجهيزات الأساسية، وصناديق التنمية المتخصصة والخدمات الأمنية والشؤون البلدية، نفس المراكز النسبية في مخصصات الميزانية، كما يتضح من الشكل التالي:
كما تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 265 مليار ريال بزيادة طفيفة نسبتها 4 في المائة عن نفس المخصص بميزانية العام الماضي (256 مليار ريال).

أولاً: التعليم وتنمية الموارد البشرية
وتشمل مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية بنود عديدة بعضها جار والبعض الآخر استثماري سواء للتعليم العام، والتعليم الجامعي، والابتعاث الخارجي، والتدريب التقني والمهني. وقد بلغت مخصصات هذا القطاع في الميزانية الجديدة 168.6 مليار ريال مقارنة بنحو150 مليار ريال في ميزانية عام 2011م وهو ما يمثل نحو 24 في المائة من إجمالي المصروفات، ورغم ارتفاع المنفق على التعليم، إلا أن الملاحظ انخفاضه عن العام الماضي كنسبة من إجمالي المصروفات حيث كانت نسبته نحو 28 في المائة. وقد حافظت مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية على نصيبها النسبي سواء من الإيرادات أو من النفقات على مدار الخطة الخمسية الثامنة (2005 إلى 2009م ) والسنوات الثلاث الأولى من الخطة الخمسية التاسعة، وبمتوسطات تراوحت بين 28 في المائة و24 في المائة من إجمالي المصروفات.
- كما تشمل مخصصات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومعهد الإدارة العامة، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث.
- استكمال مشاريع إنشاء المدن الجامعية في عدد من الجامعات، والنفقات اللازمة لافتتاح عدد من الكليات جديدة، وتنفيذ مساكن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات.
- الاستمرار في تمويل برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
- هذا إضافة لاعتماد تكاليف إنشاء عدد من الكليات والمعاهد المهنية الجديدة وافتتاح وتشغيل عدد من المعاهد المهنية، والمعاهد العليا للبنات لزيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
- وعلى مستوى التعليم العام؛ خصصت الاعتمادات لإنشاء (742) مدرسة جديدة للبنين والبنات إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها حالياً البالغ عددها نحو(2900) مدرسة.

ثانياً: الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية
تحتل مخصصات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية المركز الثاني بعد مخصصات التعليم وتنمية الموارد البشرية في الميزانية الجديدة محافظة على مركزها النسبي في الميزانية على مدار الخطة الخمسية الثامنة (2005 إلى 2009م ) والسنوات الثلاث الأولى من الخطة الخمسية التاسعة، فقد بلغت مخصصاتها في الميزانية الحالية 86.5 مليار ريال بزيادة نسبتها ( 26 في المائة) عن ميزانية العام الحالي الذي بلغت فيه 68.7 مليار ريال، وبما يمثل 13 في المائة من إجمالي المصروفات، أي بزيادة 1 في المائة عن نسبتها في العام الماضي. وقد ارتفعت مخصصات الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية خلال ميزانيات الأعوام الثلاث من 2010 إلى 2012م وذلك لتغطية التكاليف المتزايدة للرعاية الصحية، وزيادة التغطية الصحية للمواطنين في المملكة.
وتتضمن الميزانية عدداً من المشروعات مثل استكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، وإنشاء (17) مستشفى جديداً، إضافة إلى مخصصات هيئة الهلال الأحمر السعودي بنحو مبلغ 1705 ملايين ريال، ومخصصات الهيئة العامة للغذاء والدواء بنحو 686 مليون ريال.
وفي مجال الخدمات الاجتماعية تضمنت الميزانية مشاريع جديدة لإنشاء أندية رياضية ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، ودعم إمكانات وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، إضافة إلى الاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر والاستمرار في رصده بناءً على التوجيهات الملكية الكريمة، والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات الضمان الاجتماعي.

ثالثاً: الموارد الاقتصادية (المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى)
بلغ المخصص لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية وبعض القطاعات الاقتصادية الأخرى في الميزانية الجديدة 57.8 مليار ريال بزيادة نسبتها 15 في المائة عن ما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي الحالي 1432/1433والبالغة نحو 50 مليار ريال. ومع الزيادة في مخصصات قطاع الموارد الاقتصادية استمرت زيادة نسبة المخصصات لهذا القطاع إلى إجمالي الإنفاق العام في المملكة للعام الخامس على التوالي بمتوسط 8 في المائة من الإنفاق العام في الميزانية. وقد انتقل ترتيب مخصصات قطاع الموارد الاقتصادية من المرتبة الثالثة في ميزانية العام المالي الحالي لتحتل المرتبة الرابعة في الأهمية النسبية في بنود الميزانية الجديدة للمملكة، ويرجع ذلك لزيادة الأهمية النسبية لصناديق الإقراض المتخصصة في المملكة في ظل الخطط الطموحة لتفعيل دور القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة من ناحية، ومع تنامي دور القطاع الخاص واضطلاعه بالدور المأمول في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية في المملكة.
وتضمنت الميزانية البنود المعتادة لمشاريع توفير مياه الشرب وتعزيز مصادر المياه، وتوفير خدمات الصرف الصحي، والسدود وحفر الآبار، واستبدال شبكات المياه والصرف الصحي، وترشيد استهلاك المياه والكهرباء، وإنشاء محطة تحلية الشقيق (المرحلة الثالثة)، وتطوير وتحديث وتوسعة محطات التحلية القائمة، وإنشاء صوامع ومطاحن جديدة وتوسعة القائم منها، والمصروفات التأسيسية والتشغيلية والدراسات وإنشاء مبان لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة بنحو 500 مليون ريال. كما تتضمن البنود المعتادة لمشروعات مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين ورأس الزور بنحو8099 مليون ريال، ومصروفات المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة 15461 مليون ريال.

رابعاً: صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية
تلعب برامج التمويل الحكومي دوراً مهماً في مجالات عديدة مثل التنمية العقارية، والتنمية الصناعية، والتنمية الزراعية من خلال الصناديق المتخصصة والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق الاستثمارات العامة وبرامج الإقراض الحكومي المختلفة، وتبلغ مخصصات صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية نحو68 مليار ريال خلال ميزانية العام القادم مقارنة بنحو 47 مليار ريال خلال ميزانية العام الحالي. وهناك زيادة في مخصصات جميع المؤسسات والصناديق في المملكة، إلا أن الزيادة الأهم منذ شهر ربيع الثاني 1432هـ هي لصالح صندوق التنمية العقارية في المملكة.

خامساً: النقل والاتصالات
تم اعتماد زيادة كبيرة في مخصصات قطاع النقل والاتصالات، فقد زادت مخصصات هذا القطاع من نحو 25,2 مليار ريال في ميزانية العام المالي الحالي إلى نحو 35.2 مليار ريال في ميزانية العام القادم 2012م، بزيادة نسـبتها 39 في المائة، ومحافظةً على نسبة ما تمثله مخصصات هذا القطاع لإجمالي المصروفات عند 4 في المائة بزيادة 1 في المائة فقط عن العام الماضي.
وتضمنت الميزانية مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع المعتمدة سابقاًً للطرق والموانئ والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية وتشمل الميزانية مخصصات المؤسسة العامة للموانئ بقيمة 1710 ملايين ريال، ومخصصات المؤسسة العامة للخطوط الجوية بقيمة 20413 مليون ريال، ومخصصات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بقيمة 1765 مليون ريال، وهيئة المساحة الجيولوجية بنحو 216 مليون ريال، هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بنحو 980 مليون ريال، ومؤسسة البريد السعودي بنحو 2277 مليون ريال. وتشمل عدداً من المشروعات مثل تطوير مرافق الكهرباء، وإنشاء أرصفة في بعض الموانئ، وتطوير عدد من المطارات الإقليمية، وتنفيذ وتطوير الطرق السريعة المزدوجة والمفردة.

سادساً:الشؤون البلدية والقروية
بلغت مخصصات وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات حوالي 29,2 مليار ريال بزيادة نسبتها 13 في المائة عن ما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الحالي 1431/1432(24,5 بليون ريال)، وبمعدل نمو نحو (19 في المائة) وقد ارتفعت مخصصات الشؤون البلدية والقروية النسبي سواء من الإيرادات أو من النفقات بزيادة نسبية طفيفة لا تتعدى 1 في المائة سواء من الإيرادات أو من النفقات مقارنة بالسنوات الثماني الأولى من الألفية الجدية.
وفي إطار الاهتمام بهذا القطاع تضمنت الميزانية مشاريع بلدية جديدة وإضافات لبعض المشاريع البلدية القائمة تشمل تنفيذ تقاطعات وأنفاق وجسور جديدة لبعض الطرق والشوارع داخل المدن وتحسين وتطوير لما هو قائم بهدف فك الاختناقات المرورية، إضافة إلى استكمال تنفيذ مشاريع السفلتة والإنارة للشوارع وتصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول وتوفير المعدات والآليات، ومشاريع للتخلص من النفايات وردم المستنقعات وتطوير وتحسين الشواطئ البحرية، ومباني إدارية وحدائق ومتنزهات.
هذا إضافة إلى مخصصات عدد من الهيئات الأخرى، والتي يمكن أن نذكر منها ما يلي:
- مخصصات هيئة حقوق الإنسان بنحو 84 مليون ريال.
- مخصصات الهيئة العامة للطيران المدني بنحو 15457 مليون ريال.
- مخصصات الهيئة العامة للسياحة والآثار بنحو 511 مليون ريال.
- مخصصات المؤسسة العامة للصناعات الحربية بنحو1969 مليون ريال.
- مخصصات الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بنحو 1837 مليون ريال.
- مخصصات الهيئة العامة للاستثمار بنحو 155 مليون ريال.
- مخصصات المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق بنحو 1915 مليون ريال.
- مخصصات استكمال المراحل المتعاقبة من "المشروع الوطني للتعاملات الإلكترونية الحكومية" والذي يعد أهم روافد "الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات". وقد أسهم ذلك في تقدم المملكة في ترتيبها على الصعيد الدولي بمقدار (47) مرتبة من دون أي تراجع، وأن تتبوأ المملكة المرتبة الأولى عربياً. وقد بلغ عدد الجهات الحكومية التي بدأت بالتحول إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية (169) جهة، كما بلغ عدد الجهات الحكومية التي تعمل بالفعل بالنظام 71 جهة، كما بلغت جملة المبالغ المسددة عن طريق ذلك النظام خلال العام الماضي وحده 47 مليار ريال.

خاتمة
تمثل ميزانية المملكة 2012م حلقة جديدة وشاهدا جديدا من حلقات وشواهد النجاح في الأداء الاقتصادي للمملكة، ففي ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية شديدة الاضطراب تأني الميزانية بدفع اقتصادي كبير للنمو؛ يوازن بين اعتبار التوسع وخلق فرص العمل وبين مكافحة التضخم وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين، في ظل التزام قوى لحكومة خادم الحرمين الشريفين بالحداثة والتطوير لتحقيق رؤية المملكة 2025م.

الأكثر قراءة