المشاريع الإسكانية نقطة ارتكاز الإنفاق العام

المشاريع الإسكانية نقطة ارتكاز الإنفاق العام
المشاريع الإسكانية نقطة ارتكاز الإنفاق العام
المشاريع الإسكانية نقطة ارتكاز الإنفاق العام
المشاريع الإسكانية نقطة ارتكاز الإنفاق العام

يشكل قطاع الإسكان محورا أساسيا من المحاور الاقتصادية التي اهتمت بها الدولة وتخصص لها جزءا كبيرا من ميزانيتها السنوية، حتى يتمكن المواطن من تملك المسكن المناسب، لذا عملت الدولة على إنشاء وزارة مستقلة تعنى بقطاع الإسكان من شأنها تسريع معالجة قضايا الإسكان في المملكة.

وقال اقتصاديون

لـ «الاقتصادية» إن حجم الأنفاق التي تضمنته الميزانية، من شأنه أن يدعم مختلف القطاعات وفي مقدمتها المشاريع الإسكانية استشعارا لأهميتها وحاجة المواطن المتزايدة لتوفير السكن الملائم، حيث يتوقع أن ينمو حجم الإنفاق على مشاريع الإسكان 25 في المائة عما كان عليه العام الماضي، مما سينعكس على جميع مفاصل الاقتصاد في المملكة، ويخلق حراكا اقتصاديا في جميع القطاعات ذات العلاقة كقطاع البناء والتشييد والمقاولات وغيرها من القطاعات الاقتصادية المنفذة لمشاريع الإسكان.

وقال الاقتصاديون إن الدعم الذي حظي به قطاع الإسكان، خاصة توجيهات خادم الحرمين الشريفين ببناء 500 ألف وحدة سكنية ودعم صندوق التنمية العقارية بـ 40 مليار ريال، ليست كافية لسد العجز من مشاريع الإسكان والتغلب على موجة ارتفاع الأسعار للوحدات.

وأضافوا أن الخطة الخمسية التاسعة للمملكة، توقعت حاجة المملكة من الوحدات السكنية بـ 1.2 مليون وحدة سكنية، في إشارة إلى النمو السكاني الذي تسجله المملكة، والذي يعد الأعلى من بين المعدلات العالمية، بنسبة 2.5 في المائة سنويا، وفقا للإحصائيات التي أظهرتها أرقام التعداد السكاني الأخيرة للمملكة، مشيرين إلى أن الإحصاءات كشفت عن تحمل الموظف عبئا كبيرا جراء استقطاع ما نسبته 30 إلى 40 في المائة من الراتب شهريا للسكن.

#2#

وأكد فادي العجاجي المستشار في مؤسسة النقد أن الميزانية أولت اهتماما أكبر في تنمية كافة مناطق المملكة، منوها بحجم الإنفاق على الإسكان التنموي والشؤون الاجتماعية.

وقال العجاجي «يجب التأكيد على أهمية الوقت، فهناك مليون طالب وطالبة في جامعات المملكة، و100 ألف مبتعث سيدخلون سوق العمل خلال السنوات الخمس القادمة، لذا لابد من تسريع العمل إنفاذا لقرار خادم الحرمين الشريفين، القاضي ببناء 500 ألف وحدة سكنية، مشيرا إلى أن عنصر الوقت من أهم العوامل المساهمة في علاج أزمة الإسكان خاصة في المدن الرئيسة.

وأوضح العجاجي أنه استكمالا لمشاريع البني التحتية، ركزت الميزانية بشكل أكبر على زيادة مخصصات تطوير أراضي المنح وزيادة الإنفاق على مشاريع النقل العام لا سيما في المدن الرئيسة، ومن شأن مضاعفة الإنفاق على مشاريع النقل العام أن يساهم في تطوير ضواحي المدن، وسيسهم ذلك بشكل ملحوظ في زيادة المعروض من قطع الأراضي السكنية وعلاج أزمة الإسكان.

وأشار العجاجي إلى أن معظم الاستثمارات في السوق العقارية السعودية توجه لحيازة الأرض بغرض بيعها بسعر أعلى وليس بغرض تطويرها لزيادة المعروض من القطاع السكني أو إنشاء المجمعات السكنية لزيادة المعروض من الوحدات السكنية، لذا أصبحت الاستثمارات العقارية جزءا من المشكلة، مما يستدعي تطوير البنية التشريعية للسوق العقارية للحد من عمليات المضاربة مثل فرض الضريبة على الأراضي البيضاء، وبما أن فقاعة السوق العقارية السعودية مستمرة في النمو بوتيرة عالية، فالأرجح أن يكون معدل نمو الاستثمارات المحلية في قطاع العقار قد تجاوز 50 في المائة في عام 2011.

وبين العجاجي أن زيادة مخصصات وزارة الإسكان ستنعكس على ارتفاع معدلات نمو قطاعات الأسمنت، والتشييد والبناء، وستشهد أسواق مواد البناء الأولية مثل الحديد والأخشاب وغيرها انتعاشا ملحوظا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وسيمتد تأثيرها إلى أسواق أخرى مثل الأثاث المنزلي والتجهيزات المنزلية، ومن شأن الاهتمام الكبير في تطوير الصناعات المحلية المرتبطة بالإنشاء والتعمير والتجهيزات المنزلية أن يضاعف المنافع الاقتصادية لمشاريع الإسكان.

#4#

وفي السياق ذاته، قال طلعت حافظ اقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي، إن ميزانية عام 2012 ميزانية تاريخية لما تحمله من أرقام ستنعكس تأثيراتها على جميع مفاصل الاقتصاد في المملكة، مشيرا إلى ان النصيب الأكبر من الميزانية خصص لقطاعي التعليم والصحة، كونهما قطاعين يهتمان بالمواطن في الدرجة الأولى ويلامسان احتياجاته اليومية، بيد أن إنشاء وزارة الإسكان سيكون لها الأثر الكبير في حل مشكلة الإسكان التي تعتبر شغل المواطن، في الوقت الذي وصلت فيه أسعار العقارات إلى أسعار قياسية يصعب على محدودي الدخل تملك المساكن.

وبين حافظ أن النمو السكاني للمملكة يعد الأعلى عالميا، حيث تشير الإحصاءات إلى أن المملكة تحقق نموا سكانيا بمعدل 2.5 في المائة سنويا، ما يجعل من توفير السكن مشكلة حقيقية يجب الإسراع في حلها، إضافة إلى ما يتم الآن من إجراءات من خلال صندوق التنمية العقارية.

وبين حافظ أنه قد سبق وتم اعتماد 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية، وهذه ليست النهاية أو الحل للمشكلة، مشيرا إلى أن المطلوب أكثر بكثير من هذا العدد، فالخطة الخمسية التاسعة للمملكة تتوقع أن يتجاوز الطلب على الإسكان 1.2 مليون وحدة سكنية، والمطلوب للمستقبل المنظور أكثر من الـ 500 ألف وحدة سكنية، وذلك لعدة أسباب، أهمها رغبة الملك عبد الله بن عبد العزيز في أن ينعم المواطن بحياة كريمة وأن يحصل كل مواطن على السكن الخاص به، ومن خلال الإحصاءات الأخيرة وجد أن السكن يشكل عبئا كبيرا على المواطن باستحواذه على 30 إلى 40 في المائة من دخل الفرد، مشيرا إلى أن الدولة في حال إيجاد سكن لكل مواطن فإنها ستوفر له مبلغا كبيرا من دخله يمكن استغلاله في مجالات الحياة الأخرى.

وأوضح حافظ أن ما خصص من الميزانية لقطاع الإسكان، سيذهب جزء منه لاستكمال المشاريع السابقة، إضافة إلى دعم صندوق التنمية العقاري، والذي يحظى بدعم كبير في كل ميزانية، إضافة إلى الدعم الأخير الذي حظي به الصندوق عندما أمر خادم الحرمين الشريفين بدعمه بمبلغ 40 مليار ريال، ساعدت وبشكل كبير في صرف آلاف القروض، وأشار حافظ إلى أن هناك هاجسين تنمويين يؤرقان الدولة هما مكافحة البطالة وتوظيف أكبر عدد من الشباب والشابات، وهذا ما لمسناه في عديد من البرامج التي تقدمها وزارة العمل بين حين وآخر، والهاجس الآخر توفير السكن لكل مواطن، حيث حرصت الدولة ومنذ إنشاء صندوق التنمية العقارية على المساهمة في تملك المواطنين للمساكن من خلال القروض التي قدمها ولا يزال يقدمها حتى الآن، وحين رأى خادم الحرمين الشريفين أن القروض التي يقدمها للمواطنين لا تفي بمتطلبات شراء أو بناء منزل في ظل ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، أمر برفع سقف قرض الصندوق إلى 500 ألف ريال، كما أمر بدعم الصندوق بمبلغ 40 مليار ريال، أسهمت بتسريع صرف القروض والتقليل من قوائم الانتظار، مبينا أنه ومع كل هذه الإجراءات وما تقوم به الدولة من خلال صندوق التنمية، لن يستطيع ومن خلال ما يقدمه من قروض للمواطنين أن يسد العجز الكبير والطلب المتزايد على المساكن، داعيا إلى تضافر الجهود وتعاون القطاعين العام والخاص إلى الوصول بإجراءات أكثر إيجابية من شأنها التسريع في تملك المواطنين للمساكن.

وأشار إلى أن دعم قطاع الإسكان سينعكس على جميع مفاصل الاقتصاد في المملكة، ما سيخلق حراكا اقتصاديا على جميع القطاعات ذات العلاقة كمواد البناء والمقاولات، وغيرها من القطاعات المهمة، مشيرا إلى أن تخوف البعض من أن يتسبب هذا الحراك إلى تضخم وارتفاعات حادة في الأسعار، سيتلاشى في حال قامت وزارة التجارة بما هو مطلوب منها من تكثيف لعمليات الرقابة والمتابعة للأسعار في جميع القطاعات، داعيا إلى اعتماد إجراءات وأنظمة تتعلق بالبناء الحديث مثل كود البناء من شأنها التقليل من تكلفة بناء المساكن، في الوقت التي ستشهد فيه المملكة ثورة عقارية كبيرة في السنوات المقبلة.

البعد الاستراتيجي والأمني

#3#

من جانبه، أكد فضل البوعينين، اقتصادي، أن كل ما تضخه الدولة من أموال في قطاعات التنمية المختلفة سينعكس إيجابا على الجانب الاقتصادي وستستفيد منه معظم القطاعات، مضيفا «بما أن الأزمة الأساسية في التنمية هي أزمة الإسكان فمن الأولى أن يوجه الفائض من الميزانية لدعم قطاع الإسكان من خلال عدة محاور، فدعم صندوق التنمية العقاري سيلبي الطلبات المتراكمة على قوائم الانتظار لمن يمتلكون أراضي، ما سيؤدي إلى بناء مساكن بصفة فردية من قبل المقترضين بأعداد كبيرة، مشيرا إلى أن تخصيص ميزانيات لإنشاء مدن أو ضواح سكنية تضم تجمعات كبيرة للإسهام في حل أزمة السكن، والأفضل أن يقوم بتنفيذ هذه المشاريع شركات عالمية متخصصة في بناء مثل هذه المدن، بإشراف مباشر من وزارة الإسكان، منوها إلى أن هناك مدنا وتجمعات حدودية تحتاج إلى مزيد من التنمية، ومن خلال تنفيذ مشروعات إسكانية، أن يحقق البعد الاستراتيجي الأمني، مشيرا إلى أنه لابد أن تكون هناك مشروعات إسكانية لشريحة من المواطنين «محدودي الدخل والفقراء» أكثر حاجة من غيرهم.

ويرى البوعينين أهمية الاستفادة من فائض الميزانية في تطوير مخططات حكومية واستكمال البنى التحتية لها وتوزيعها على المواطنين، مع الأخذ في الاعتبار عدم السماح للمواطنين الممنوحين بالتصرف في الأرض إلا بعد الانتهاء من عملية البناء، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن ينعكس على أسعار الأراضي في المملكة ويحد من الارتفاعات التي طالت السوق، كما سيساهم بشكل كبير في حل أزمة السكن في ظل النمو السكاني الكبير الذي تشهده المملكة سنويا بمعدلات كبيرة.

الأكثر قراءة