اقتصاديون: قوة الميزانية السعودية تحميها مخاطر الأزمات الاقتصادية وتقلبات أسعار النفط
أكد اقتصاديون وماليون أن الميزانية التاريخية التي أعلنت عنها السعودية البارحة تلقي الضوء على الأداء الاقتصادي القوي للمملكة، مؤكدين أن هذه النتائج المالية مميزة في ظل ترنح عديد من اقتصادات العالم ودخولها مراحل تقشفية شديدة.
وأوضح المختصون في حديثهم لـ ''الاقتصادية'' أن النتائج المالية القوية لميزانية الحكومة السعودية تجعلها في موقف قوي لمواجهة المخاطر والشكوك التي تخيم على الاقتصاد العالمي في عام 2012، وتمكن المملكة من مواجهة التقلبات الدورية في أسعار النفط.
#2#
وقال لـ ''الاقتصادية'' الدكتور يارمو كيوتلاين كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري، إن الميزانية السعودية تسلط الضوء على الأداء الاقتصادي القوي للمملكة العام الماضي، مشيرا إلى أن زيادة الطلب في أسواق النفط العالمية سمحت للسعودية بزيادة الإنتاج والاستفادة من ارتفاع أسعار النفط.
وأضاف ''المحصلة لذلك كانت نتائج مالية وفقا للمعايير العالمية مميزة للمملكة، ولا سيما في ظل البيئة الحالية من التقشف في جميع أنحاء العالم، وزيادة الإنفاق ينعكس بشكل طبيعي في إطار التركيز المتزايد على السكن، والإنفاق الاجتماعي، وخلق فرص العمل في أعقاب كشف النقاب عن خطط الإنفاق في الربيع التي اتخذت في المملكة نحو نموذج نمو أكثر شمولا''.
وأكد كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري أن هذه النتائج المالية تضع المملكة في موقف قوي لمواجهة المخاطر والشكوك الاستثنائية للاقتصاد العالمي في عام 2012.
وتابع ''على الرغم من أن استمرار الأزمة قد يحدّ من الزخم الإيجابي لأسعار النفط، وربما يؤدي إلى خفض الإنتاج، فإن قدرة البلاد على الدخول في مواجهة التقلبات الدورية عبر الإنفاق قوية''.
#3#
إلى ذلك، يرى الدكتور مقبل الذكير الخبير الاقتصادي أن الميزانية تعكس أن الجانب المالي لدى الحكومة قوي جدا، وقال ''كما تعكس أن الاهتمام بالتدريب والتعليم لا يزال يستحوذ على ربع ميزانية الدولة وهذا يمثل ميزانية دول أخرى، ولا شك أن بقية القطاعات حصلت على اعتمادات لا تقل عن اعتمادات العام الماضي، وذلك يظهر في أرقام الميزانية''.
وأضاف ''ما لفت انتباهي هو أن الميزانية الفعلية للعام الماضي حدث فيها فائض كبير جدا في الايرادات الفعلية حيث تجاوزت التريليون بينما كانت التقديرات 500 مليار ريال تقريبا.
هذه الفوائض كان لها تأثير كبير جدا منذ سبع سنوات إيجابي على تخفيض الدين العام الحكومي حتى بلغ الآن تقريبا 135 مليار ريال، وهو لا يقدر بمبلغه المقدر وإنما بنسبته إلى الدخل القومي مع أن المعايير الدولية تقول حتى 60 في المائة يعد مقبولا فيما بلغ الآن تقريبا 6 في المائة في السعودية''.
ولفت الذكير إلى أنه لا يوجد قلق على الدين العام لأن الحكومة تستخدمه كأداة من أدوات السياسية المالية، وتابع ''هي عبارة عن سندات تكون أدوات تستخدمها الحكومة، والبنك المركزي يستطيع شراءها في أوقات الكساد أو يبيعها في أوقات الرواج والتضخم، أعتقد أن الأهم في الميزانية أن نعمل على أن تحقق هذه الاعتمادات في جميع القطاعات وترشيد هذه النفقات وتصبح أكثر كفاءة حتى يلمس الناس الفوائد التي تعود عليهم من هذه الاعتمادات''.
فيما استبعد الدكتور مقبل حدوث ضغوط تضخمية كبيرة بسبب زيادة الإنفاق الحكومي مؤكدا أن ذلك بلا شك يؤخذ في الحسبان من قبل صانعي السياسات المالية والاقتصادية للمملكة، وقال ''التضخم يحدث لو كان الاقتصاد لا يستوعب هذا الإنفاق، لكن إذا كان الاقتصاد يستوعب الإنفاق ليس هناك أي مخاوف من التضخم، طبعا هذا لا يعني أنه لن تكون هناك ضغوط تضخمية لكنني متأكد أن ذلك يؤخذ في الاعتبار لدى مخططي السياسة الاقتصادية سواء في وزارة المالية أو غيرها، مثلا عندما تعتمد الحكومة مشاريع ضخمة جدا مثل الحرمين وغيرها بطبيعة الحال الطلب على الأسمنت سوف يرتفع، إلا إذا كان هناك ترتيبات وضعت بحيث يجاري العرض الطلب ويحول دون ارتفاع الأسعار''.
وأردف ''أنا مطمئن من هذه الناحية لأن أغلبية الضغوط التضخمية تأتي من الخارج لأننا نستورد أغلبية احتياجاتنا ونستورد معها الأسعار كما هي في الخارج، كما لا ننسى موضوع ارتباط الريال بالدولار وانخفاضه في السنوات الأخيرة بنسبة 40 في المائة مقارنة بالعملات الأخرى، أثر بشكل أو بآخر على الأسعار لكنني أقول دائماً عندما نقارن الأسعار مقارنة بالماضي لا شك أن هناك ارتفاعا وترهق قطاعات من الناس، لكن عندما نرى الغلاء في الخارج يشعر أن لدينا تحكم جيد بالنسبة للأسعار، المخاوف الحقيقية للضغوط التضخمية أن تأتي من قطاع الإيجارات والمساكن، وقد طالبنا باتخاذ كل ما يمكن من سياسات اقتصادية لزيادة العرض، طبعا لا نؤيد التدخل الحكومي في قوى السوق إلا في الأوقات الشديدة لأن هذا التدخل مضر على المدى الطويل''.