مسؤول خليجي: مفاوضات التجارة الحرة ستستمر بعد إنهاء إعادة تقييم الاتفاقيات
أكد مجلس دول التعاون الخليجي أن جميع مفاوضات التجارة الحرة متوقفة مع دول العالم، بهدف إعادة تقييم جميع الاتفاقيات في ضوء الأزمة المالية العالمية، من خلال دراسة انتهت حاليا ومعروضة أمام لجنة التعاون المالي والاقتصادي في المجلس، لاستكمال بعض الجزئيات.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد العزيز العويشق، الأمين المساعد لشؤون المفاوضات والحوار الاستراتيجي في مجلس دول التعاون الخليجي، أن الدراسة ستحدد الأولويات والمفاوضات ومن أي الدول سنبدأ.
وأضاف: نتائج دراسة جدوى المفاوضات عرضت على لجنة التعاون المالي والاقتصادي في المجلس، وكان لديهم بعض التوجيهات، والاستشاري يراجع حاليا بعض الحسابات.
وعلل العويشق تجميد المفاوضات مع تركيا، بأنها شاملة لجميع الدول وليس هناك شيء موجه لتركيا على وجه الخصوص.
يأتي ذلك ردا على ما أعلنه وزير الاقتصاد التركي ظفر شالايان أمس الأول، استغرابه من تجميد دول الخليج المفاوضات معها بشأن التجارة الحرة دون أن تفصح عن الأسباب، واصفاً المفاوضات التي تقوم بها تركيا مع دول مجلس التعاون الخليجي بالجرح الدامي بالنسبة لهم. وشدد على أن تركيا كانت جاهزة بالأمس للتوقيع، وهي تنتظر حالياً موقف دول الخليج.
ورد المجلس على لسان الأمين المساعد لشؤون المفاوضات والحوار الاستراتيجي في مجلس دول التعاون الخليجي، على تصريحات الجانب التركي بالقول: "في آخر اجتماع وزاري بين دول المجلس وتركيا كان هناك اتفاق على استئناف المفاوضات في أقرب فرصة ممكنة بعد استكمال دراسة إعادة التقييم، وهناك اتفاق بشكل عام بأن تكون تركيا ضمن الأولويات، لكن الوقت لم يتحدد حتى الآن".
وعاد العويشق ليؤكد أن العلاقات في أحسن حال مع تركيا، وتجميد المفاوضات لا يعني أن هناك شيئا موجها لتركيا، بل جمدت جميع الاتفاقيات بين المجلس ودول العالم.
وكشف العويشق، أن الجانب التركي طلب في آخر جولة تفاوضية مع دول المجلس بعد نشوب الأزمة المالية العالمية، بإعادة النظر في بعض العروض التي سبق أن قدمها لدول المجلس، في خطوة لحماية بعض الصناعات للشركات التركية.
ولفت إلى أن دول المجلس كانت ترغب في أن تكون اتفاقيتها مع تركيا شاملة، ولا تقتصر على السلع فقط، بل تشمل الاستثمار والخدمات، مؤكدا أن الجانب التركي هو من كان متحفظا.
وقال العويشق: "باعتبار أن المفاوضات توقفت، لم يدخل الجانبان في نقاش حول العروض التي تطلب تركيا إعادة النظر فيها، ووقف المفاوضات من جانب دول الخليج جاء بهدف إعادة تقييم بعض النقاط في بعض القطاعات وتأثير الأزمة المالية فيها".
وذكر العويشق، أن دول مجلس التعاون دخلت مع تركيا في حوار استراتيجي، وأعطتها أهمية في سبتمبر (أيلول) 2008، وفي ضوء ذلك وقعت اتفاقية في جدة للحوار الاستراتيجي، وأصبحت هناك خطة عمل مشتركة مدتها ثلاث سنوات، وشكلت حتى الآن عشرة فرق عمل مشتركة في مجالات الصحة والسياحة والتجارة والاستثمار والتعليم وغيرها بهدف تعزيز التجارة والاستثمار بين دول المجلس وتركيا.
وقال: "هناك اهتمام خاص بتركيا، ومتوقع في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل. ولم يتقرر حتى الآن عقد اجتماع وزاري رابع لوزراء الخارجية لدول المجلس ووزير الخارجية التركية".
وأضاف: العلاقات من وجهة نظرنا تسير من حسن إلى أحسن.
ويرى العويشق أن الأزمة المالية حسّنت من الوضع التفاوضي لدول مجلس التعاون، والمفاوض لابد أن يأخذ ذلك في الحسبان، وهذا يبدو من نتائج الدراسة التي قدمت أنها صحيحة إلى حد كبير، وأن الوضع التفاوضي لدول المجلس تحسن خلال الأزمة المالية.
بينما يقول الجانب التركي - والحديث للأمين المساعد في مجلس التعاون الخليجي في آخر جولة تفاوضية - إنه يحس بالعكس بأن الأزمة المالية العالمية أثرت سلبا في بعض القطاعات في الاقتصاد التركي، وأنه قد يعيد النظر في بعض العروض المقدمة للمجلس.
وفي جانب متصل، سيطرت معوقات التجارة وحركة التصدير بين السعودية وتركيا، وتأخر إصدار التأشيرات، على ملتقى الأعمال السعودي - التركي أمس في الرياض.
ووعد توفيق الربيعة وزير التجارة السعودي بالعمل جنبا إلى جنب مع الجانب التركي من أجل إزالة كل معوقات التجارة وحركة التصدير بين البلدين، مطالبا في الوقت ذاته القطاع الخاص في البلدين باستكشاف المزايا والفرص النسبية التي يوفرها البلدان الشقيقان للمستثمرين لزيادة عدد وحجم المشاريع المشتركة.
وأوضح الربيعة في كلمة له أمام ملتقى الأعمال السعودي - التركي بمشاركة وزير الاقتصاد التركي، أنه من عام 2005 إلى 2008 تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين من 9.9 مليار دولار إلى 18.4 مليار دولار، وهذه الزيادة تحقق مستويات المأمول منها.
ولفت الربيعة إلى أن عدد الشركات التركية الموجودة في السعودية وصلت لـ 159 شركة، منها 41 صناعية، و118 في مجالات أخرى.
وقال: "القفزة في الأرقام تؤكد عمق الروابط والعلاقات التجارية المشتركة خصوصا أنها مدعومة من إرادة سياسية".
وأضاف: كما أن النمو في هذه الأرقام يؤكد أن المجال مفتوح لمضاعفتها في الاستثمارات للوصول إلى المستوى الذي يليق بحجم اقتصاد البلدين، والذي تؤكده المؤشرات الاقتصادية كافة.
ودعا الربيعة الحكومة التركية إلى العمل من أجل إزالة كل معوقات الصادرات السعودية إلى تركيا، والاستفادة من مستوى العلاقات الثنائية بين قيادتي البلدين لتعزيز مكاسب القطاع الخاص من توافر الفرص الاستثمارية وكبر سوقي البلدين. وأشار إلى أن افتتاح مكتبي ملحقين تجاريين للسفارة التركية في كل من الرياض وجدة سيكون له دور في تنشيط التجارة في الفترة المقبلة.
من جهته، طالب وزير الاقتصاد التركي ظفر شالايان بإنشاء بنك سعودي تركي، وقبول السلطات السعودية الخطابات والضمانات الممنوحة من البنوك التركية.
وأكد الوزير التركي أنه مع وزير التجارة والصناعة متفقان على ضرورة إزالة كل معوقات التجارة بين البلدين بما يخدم حركة التجارة البينية وحركة الصادرات. وأشار إلى أن هناك عددا من مجالات التعاون الصناعي والتجاري يمكن لرجال الأعمال في البلدين التعاون فيها، ومن بينها قطاع الدواجن واللحوم التي تعد المملكة سوقا كبيرة لها، إضافة إلى قطاع المقاولات خاصة مع إطلاق المملكة عددا من المشاريع الكبرى التي يمكن للشركات التركية تنفيذها وخاصة أن العديد من الشركات التركية مصنفة دوليا، وتعد ثاني أفضل قطاع مقاولات على المستوى الدولي حاليا.
وشدد الوزير شالايان في كلمته التي وجهها إلى رجال الأعمال في البلدين، على أنه يمكن مضاعفة حجم التبادل التجاري القائم بين الدول الإسلامية التي تعاني ضعفا مقارنة بحجم تجارة تلك الدول مع العالم. وبين أن حجم تجارة تركيا مع دول العالم الإسلامي لا يتجاوز 25 في المائة من حجم التجارة الكلية لبلاده مع دول العالم.
وقال: "إن الصادرات الصناعية تمثل حجر الزاوية في الصادرات التركية إلى المملكة حيث تشكل 88 في المائة من صادرات بلاده إلى المملكة، داعيا رجال الأعمال في البلدين إلى الاستثمار في مجالات الزراعة والغذاء وقطاعات السياحة والخدمات.
ودعا وزير الاقتصاد التركي إلى البدء في مفاوضات اتفاقية التجارة الحركة من النقطة التي توقفت فيها، وأيضا نقطة الدخول وإزالة العقبات في هذا الصدد. وقال: "قدمنا خطيا لوزير التجارة السعودي خلال اجتماعنا به بعض المشكلات التي يعانيها بعض الشركات التركية".
وأشار الوزير التركي إلى مواجهتهم صعوبات في منح تأشيرات الدخول إلى المملكة والتي تستغرق نحو عشرة أيام.
وفيما يتعلق بمنتجي الدواجن واللحوم، قال شالايان لقد تطرقنا لهذا الموضوع، وهم يقولون بشكل محق إنهم يريدون بيع الدواجن والبيض في المملكة، وأيضا يقولون إن الدواجن والبيض تأتي من البلدان المسيحية، وأنا أقول بأن الدواجن التي تأتي من البلدان الإسلامية تكون طازجة وطيبة، والذبح يتم حسب الطريقة الإسلامية".
وقال شالايان: "نريد تعزيز صداقتنا معكم، وأن نزيد حجم التبادل التجاري بين البلدين، نحن من أقوى البلدان في مجموعة الـ 20، لدينا قواسم مشتركة".
وأكد شالايان أن الاقتصادين السعودي والتركي أصبحا من الاقتصادات اللامعة في العالم، وكذلك استقطاب الاستثمارات. وأشار إلى أن الحجم التجاري بين البلدين هذا العام حطم الأرقام القياسية، فقبل ثماني سنوات كان حجم التبادل التجاري 1.7 مليار دولار، وفي نهاية هذا العام سيصل إلى ستة مليارات دولار. والاتحادات خلال السنوات الثلاث المقبلة يمكن أن يصل إلى ضعف أو ضعفي هذا الرقم فليس هناك أي عوائق من أجل تنفيذ هذه الأمنية.
وتم خلال الملتقى توقيع اتفاقية بين مجلس الغرف وجمعية الأعمال والمصنعين المستقلين التركية، ومذكرة تفاهم بين اللجنة الوطنية للمقاولين وجمعية المقاولين التركية.
وعلى أثر ذلك، أوضح فهد الحمادي رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن الاتفاقية جاءت لتبادل التعاون بين المقاولين السعوديين والأتراك، ولحل العقبات التي تعترضهم عبر القنوات الخاصة.
وقال الحمادي: "هذه اتفاقية مبدئية لتبادل التعاون، وسنزور تركيا في 29 كانون الثاني (يناير) المقبل للمشاركة في المؤتمر التركي الخليجي لتبادل الخبرات وزيارة الشركات التركية".
وأضاف: ومن الجانب السعودي نسعى كمقاولين لتسهيل دخول المقاولين الأتراك للتضامن في مشاريع داخل المملكة. وقال: "هذه اتفاقية مبدئية قابلة لأن تكون لها اتفاقيات أخرى متفرعة على مستوى الدولة".
وبسؤاله عن العوائق التي تقف أمام المستثمرين السعوديين في تركيا، قال الحمادي: "هناك عوائق لبعض المستثمرين السعوديين في تركيا مثل البنوك والتحويلات وحرية استجلاب أجنبي في داخل تركيا للعمل في شركة خاصة. وبالنسبة للمقاولات لا توجد عوائق الآن في تركيا لعدم وجود مقاولين سعوديين يعملون في مشاريع في تركيا".
وأضاف: كما أن هناك عوائق تواجه المستثمرين السعوديين في مجال الزراعة والصناعة والتجارة في جانب التصدير عبر البحر، بسبب الأوضاع في سورية لما فيه من زيادة في التكاليف.
وحول صعوبة حصول المستثمرين الأتراك على التأشيرات، قال الحمادي: "كل دول العالم والمملكة لها سياسة في عدم فتح الباب على مصراعيه، وفي المملكة باعتبار أنها بلد ديني له ضوابط محددة في استصدار التأشيرات، ونعمل مع وزارة الخارجية لضبط آلية دخول المستثمرين الأتراك إلى المملكة.