تحديد 12.5 % من الزكاة للجمعيات الخيرية يثير الجدل

تحديد 12.5 % من الزكاة للجمعيات الخيرية يثير الجدل

أثارت توصية بين مجموعة من علماء الشريعة وخبراء الصيرفة الإسلامية والعمل الخيري الجدل حول جواز الجمعيات الخيرية المرخصة من قبل الدولة الأخذ من الزكاة بمقدار سهم العاملين عليها وهو الثمن (12.5 في المائة) كحد أعلى أو اعتبار أن الجمعيات تستقبل التبرعات فقط ولا تعتبر من العاملين عليها.
ونادى عدد من العلماء وخبراء المصرفية بضرورة تفعيل وتحديد نسب معينة حددت بـ 12.5 في المائة كحد أعلى وحد مقبول للجمعيات كسهم للعاملين على الزكاة، لما لها من إيجابيات تهدف إلى الارتقاء بالعمل الخيري وتعزيز الثقة بين مانحي الزكاة والجمعيات وتضييق دائرة الفقر ورفع الشفافية وزيادة إيرادات الجمعيات، فيما أبان عدد آخر أن الأصل عدم التحديد والأخذ بالقدر الكافي، خاصة أن الجمعيات جهة تستقبل التبرعات فقط ولا تعتبر من "العاملين عليها" وأن ما تحصل عليه الجمعيات يكون بهدف التشجيع والتحفيز للعمل الخيري.
وأكد لـ"الاقتصادية" الدكتور عبد الوهاب نورولي مساعد أمين عام الندوة العالمية للشباب الإسلامي سابقا ضرورة تحديد نسبة معينة للجمعيات الخيرية المرخصة من الدولة، كحل جذري لرفع مستوى الشفافية للجمعيات الخيرية خاصة من قبل أصحاب الزكاة، موضحا أن 80 في المائة من الجمعيات الخيرية تفتقر إلى الشفافية ولا توجد لها قوائم مالية فيما يتعلق بالمصروفات والإيرادات وحجم إنفاقها، مما نزع ثقة المتعاملين مع الجمعيات.
وأشار إلى أن حصول الجمعيات على سهم من الزكاة هو عبارة عن بند شرعي تعمل عليه الجمعيات الخيرية المرخصة من الدولة باعتبارها من "العاملين عليها" وهم من يقومون بالبحث عن المحتاجين وتوجيه الزكاة لأهل الحاجة، ولكن يتطلب الأمر نسبا معينة توضح حجم ما يؤخذ من الزكاة لمصروفات إدارية.
وحول تحديد النسبة قال "12.5 في المائة نسبة جيدة ومعقولة فالأصل أن تكون في حدود المعقول"، مبينا أن بعض المنظمات العالمية قد تصل نسبة مصروفاتها الداخلية إلى 80 في المائة من حجم الإيرادات وتعتبر نسبة كبيرة وضخمة مقارنة بالجمعيات المحلية.
وحول ما نادى به بعض العلماء والخبراء بإعطاء العاملين عليها كامل أجرهم من الزكاة وإن أدى ذلك إلى استغراق كامل حصيلة الزكاة وعدم تحديد حد أعلى، بين الدكتور عبد الوهاب أن أصل الزكاة مخصوص مالي يعطي لذوي الاحتياج، الأمر الذي يتطلب من الجمعيات الخيرية أن تعمل جاهدة لخفض نسب أخذها من الزكاة خاصة للجمعيات التي لها موارد غير الزكاة وأن لا تتجاوز نصف حصيلة الزكاة كحد أعلى، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة فرض آليات معينة ومضاعفة الرقابة الداخلية للجمعيات وعمل حسابات معلنة توضح حجم الإنفاق والإيرادات، وتكون منشورة في المواقع الإلكترونية للجمعيات، كذلك تحديد مجلس إدارة مستقلا للجمعية وعدم تركها تحت تصرف شخص معين حتى يكون هناك انضباط وشفافية في العمل، إضافة إلى ضرورة تكثيف رقابة الشؤون الاجتماعية على الجمعيات وإرفاق الوزارة لدفاتر مالية ومحاسب للجمعيات توضح وتتابع إيرادات ومصروفات الجمعيات حتى يكون هناك نظام معين، يرفع معدلات الثقة بالجمعيات وأدائها.
من جانبه أوضح مازن بترجي مدير جمعية البر الخيرية أن تحديد نسبة حصول الجمعيات الخيرية من مال الزكاة أمر مهم يعمل على رفع الشفافية في عمل الجمعيات وتعزيز الثقة بين مانحي الزكاة ، عبر معرفتهم حجم مخصصات الزكاة التي تذهب للشؤون الإدارية، كما تساعد الجمعيات على أداء رسالتها في مساعدة المحتاجين وخفض معدلات الفقر والحاجة، موضحا أن الجمعيات الخيرية تعمل جاهدة لخفض سهمها من الزكاة، إضافة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تقدم إعانة للعاملين في الجمعيات وقد تختلف حجم الإعانة من جمعية إلى أخرى، ولكن أغلب الجمعيات في المملكة تكتفي بإعانة وزارة الشؤون المالية والموارد الأخرى للجمعية حتى لا تأخذ من الزكاة.
فيما أوضح الدكتور سعود الفنيسان أستاذ شريعة في جامعة الإمام أنه لا توجد نسبة معينة لاستحقاق الجمعيات الخيرية من الزكاة، فالأصل فيها أن تأخذ بالقدر الكافي، فالجمعيات الأصل فيها الثقة والأمانة ولا توجد لدينا جمعيات مخالفة أو مشبوهة وجميعها أهل ثقة في توزيع الزكاة، فكل جمعية لها كوادر وظيفية من محاسبين وإداريين قادرين على تحديد مصروفات الجمعيات، ولكن يجب على العاملين عليها تقليص ما يؤخذ للاستفادة منها.
وأبان أستاذ الشريعة في جامعة الإمام أن الجمعيات جهة تستقبل الزكاة ولا تعتبر من "العاملين عليها" فالنسب التي تعطي للجمعيات تكون غير محدودة وتعتبر نسبا تشجيعية لتحفيزها على الأعمال الخيرية ومضاعفتها.
وأوضح أهمية أن توجه زكاة البنوك والمؤسسات والشركات إلى الجمعيات الخيرية باعتبارها جهات خيرية تعمل على خدمة ذوي الاحتياج، مبينا أن توجيه الزكاة للجمعيات يأتي لتقليص الفقر ورفع إيرادات الجمعية وحصر معدلات الفقر والاحتياج.
من جهتها أضافت فوزية الطاسان مديرة جمعية الفيصلية الخيرية في جدة أن الزكاة تعتبر من أكبر إيرادات الجمعيات الخيرية، فتحديد نسبة سهم الجمعيات الخيرية من الزكاة لا بد أن يستند إلى دراسة وإفتاء شرعي، خاصة أن كثيرا من العلماء أوضحوا أن الجمعيات الخيرية لا تعتبر من "العاملين عليها" وأنها جهات تستقبل الزكاة فقط، وقالت "لا بد من توضيح المعلومة وتفاصيلها قبل أن تحدد النسب فلا توجد نسب معينة تحدد نصيب الجمعيات من الزكاة"، مشيرة إلى أن أغلب الجمعيات تعتمد بشكل كبير على الإعانات المقدمة من الشؤون الاجتماعية، التي يختلف فيها نصيب كل جمعية عن الأخرى، حيث تأخذ بعض الجمعيات نسبا من الزكاة، بينما هناك جمعيات أخرى تكتفي بمواردها الأخرى في الصرف على الشؤون الإدارية.
يذكر أن حلقة نقاش بين مجموعة من علماء الشريعة الإسلامية وخبراء في المصرفة الإسلامية والعمل الخيري حول ما يستحقه العامل على الزكاة من حصيلة الزكاة، أدت إلى الخروج بتوصيات من شأنها تشجيع مانحي الزكاة الشرعية على تقديم زكواتهم للجمعيات الخيرية وإضفاء المزيد من الترشيد على أداء تلك الجمعيات، فضلا عن ضبط تصرفات الجمعيات الخيرية تجاه أموال الزكاة، وخرجت التوصيات بالجواز للجمعيات الخيرية المرخصة من الدولة بالعمل الخيري والتي من ضمن إيراداتها الزكاة الشرعية الأخذ من هذه الزكاة بمقدار سهم العاملين عليها وهو الثمن (12.5 في المائة) حدا أعلى للإنفاق على إدارة شؤون الزكاة جباية وصرفا وفي إطار عدد من الضوابط.

الأكثر قراءة