ربيع العرب يتحول إلى شتاء دافئ على صعيد عرفات

ربيع العرب يتحول إلى شتاء دافئ على صعيد عرفات

قد يبدو المشهد مختلفا للكثير من الحجاج العرب هذا العام من على صعيد عرفات الطاهر، فإلى جانب أن الله وفقهم في الوصول لهذا المكان العظيم زماناً ومكاناً، فهم يتنفسون هواء الحرية والنصر بعد أن قضوا على أنظمة لطالما كبلتهم بأصفاد الذل والاستعباد لعقود طويلة.
الربيع العربي الذي بدأته الشعوب العربية تحول إلى شتاء دافئ على جبل الرحمة في عرفات لحجاج ليبيا ومصر وتونس، فيما مثّل قرب انبلاج ضوء الفجر لثوار اليمن وسورية الذين أطلقوا لقلوبهم العنان دعاء وابتهالا إلى الله بفرج قريب.
ومع أن حجاج الدول العربية المحررة من طغيان أنظمتها البائدة جاءوا وهم يتنفسون الحرية، إلا أنهم لم ينسوا أشقاءهم وإخوانهم من الدول التي ما زالت تحت نيران القصف، وأصروا على الدعاء لهم وتبادل الخبرات معهم لكيفية الصبر والتعاضد حتى يأتي نصر الله.
وفي حديثه لـ ''الاقتصادية'' يقول الحاج الليبي حسين مسعود حلبي (53) عاماً إنها المرة الأولى في حياته التي يؤدي الحج بعد انتظار خمسة عقود من الزمن، ويضيف حلبي الذي يسكن مدينة زوارة ''كما تعلمون فإن نظام الطاغية البائد كان يحرمنا من جميع حقوقنا الدنيوية والدينية. في السابق كان أداء الحج محتكراً على فئة معينة من الناس وهم الخاصة أو أتباع وأقارب العاملين مع الطاغية أما (الغلابة) فلا يجدون شيئاً''.
وتجمع أكثر من مليوني حاج أمس على صعيد عرفات الطاهر في مشهد إيماني مهيب ليشهدوا الوقفة الكبرى عند جبل الرحمة، ولأداء الركن الأعظم من الحج وسط أجواء صحوة ومستقرة.
ويشير الحاج حسين حلبي إلى أنهم تحركوا إلى الأراضي المقدسة بعد إعلان التحرير، وقال ''الأمور في ليبيا على خير ما يرام، إجراءات الحج كانت سهلة جدا جدا، وهنا نشكر المجلس الانتقالي الذي ساعدنا على إنهاء إجراءاتنا، وقرر أن تكون أول حجة لأسر الشهداء تكريماً لهم''. أول دعوة لهج بها الحاج حسين على جبل الرحمة في عرفات هي أن يتقبل الله شهداء الثورة الليبية وأن يعجل في شفاء جرحاهم على حد قوله، وأضاف ''لقد دعونا الله لإخواننا اليمنيين والسوريين بالنصر، وأن يفرج الله عنهم قريبا ليذوقوا طعم الحرية كما سبقناهم في ذلك''.
إلى ذلك، يصف الحاج عبد الحفيظ 42 عاماً من مصر الحج هذا العام بالمختلف تماماً عن الأعوام السابقة، وقال ''بالتأكيد هذا العام هناك حرية وديمقراطية في مصر، كما ستجرى إن شاء الله انتخابات والناس سيعبرون عن رأيهم ويختارون من يريدون''.
ولفت عبد الحفيظ إلى أنه يحج للمرة الأولى، وأن مشاعره عظيمة بوقوفه على عرفات الطاهرة''.
بدوره، أوضح الحاج اليمني أحمد الريمي 23 عاما أن الأوضاع في بلاده سيئة للغاية، وتابع ''جئت من مدينة تعز وتركت عائلتي وأنا خائف عليهم فالأجهزة الأمنية تقوم بقصف الأحياء السكنية بطريقة عشوائية''.
ورغم أن الريمي لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، لكنه يؤكد أنه يؤيد ثورة الشباب ضد الفساد والمحسوبية، وقال ''من هنا على جبل الرحمة أدعو الله أن يفرج عن الشعب اليمني ويصلح الحال عاجلا''.
في السياق ذاته، طغت الثورات العربية على أدعية الحجاج في عرفات وردد الكثيرون منهم الدعاء أن يصلح أحوال أهل تونس، مصر، ليبيا، اليمن، وسورية.

الأكثر قراءة