الأمير سلمان .. وزير دفاع كل قضية للوطن
اجتمعت في الأمير سلمان بن عبد العزيز مناقب كريمة وصفات فاضلة، إلى جانب مكونات شديدة التميز يصعب معها أن تجدها فيمن تمرسوا في القيادة مثلاً، فسلمان بن عبد العزيز نشأ وترعرع في رعاية والده المؤسس الملك عبد العزيز، يرحمه الله، وتتلمذ في مدرسته بكل ما فيها من ترسيخ للقيم الدينية ودماثة الخلق وفروسية الشمائل المتشربة لتعاليم الإسلام والقيم العربية الأصيلة وأعراف البلد وتقاليدها وموروثها وتاريخها العريق.
وما إن استوى الأمير سلمان رجلاً في مقبل فتوته، شاباً متوثباً بالحماس موفور النباهة حتى تولى إمارة الرياض التي صاحبها مدينة ومنطقة عرف ما لم يعرفه سواه عن دقيق تفاصيل ماضيها وحاضرها وموروثها الزاخر الديني والشعبي والفكري والتاريخي، حتى أن الأمير سلمان بات مرجعاً لا يضاهى في معارفه وعلمه، وبدا بقامته السامقة موسوعة تنشر ضياء معرفة نادرة برؤية ثاقبة لم تتوافر لسواه.
سلمان بن عبد العزيز، وحده يمتلك قدرة مدهشة على أن يذكر لمحدثه تفاصيل قريته أو مدينته أو روضته أو ما شئت من جغرافيا المملكة، فلديه خاصية الإحاطة وخاصية إغناء هذه الإحاطة بخلفيات المكان والزمان، ولسوف يذهل السامع كيف أن الأمير سلمان، ليس كنز تاريخ ومعارف البلاد، إنما هو متيم عاشق لانثروبولوجيا الوطن بدقائق ما فيها وما عليها، لنجده خبيراً بالشجر البري وبزهور وأعشاب وروائح وخصائص ومواسم ما ينبت على أراضي وجبال وسهول كل منطقة.. مثلما هو يمتلك فراسة فذة في معرفة من يلقاه بمجرد أن يراه ويتحدث معه ليفاجأ أن الأمير سلمان يذكر له اسم المدينة أو القرية بلباقة من يقارب بينه وبين المواطنين.
حمل الأمير سلمان هم إمارة منطقة الرياض أكثر من نصف قرن، لم يكن أميرها فحسب، بل مقصد ومرجع ومحط ثقة كل أمرائها ومحضن الاستشارة في كل شأن من شؤونها، مثلما كان رجل علاقات من طراز رفيع ونادر، فما من رجل صافحته أياد أكثر من الأمير سلمان، وما من مصافح له إلا فوجئ بسؤاله عن أحوال المكان الذي جاء منه، فإذا المسؤول يتعجب من نفاذ الفراسة وصواب القول.
ولم تكن علاقات الأمير سلمان إلا حسماً لشؤون المواطنين فيما قصدوه، في أبوة وأخوة كبيرة رائعة، مع عامة المواطنين، أما إذا نظرت إلى صِلاته الوطيدة برجال الدين وأهل الفكر والثقافة والأكاديميين، فلن تقوى على تفسير معرفتهم واحداً واحداً وملكة التحاور معهم في اختصاصاتهم كما لو كان متمرساً في هذا الاختصاص أو ذاك أو كان جليساً دائماً لهم لا تشغله تكاليف إمارة أكبر منطقة ومهام لا تقف عند حد رئاسة مجالس إدارات وهيئات ظل الأكثر إيثاراً إلى قلبه والأشد بذلاً لكل ما له صلة بالأعمال الخيرية، حيث نذر الأمير لها فوق الجهد والحب سخي ماله وسخي مبادراته لكيلا يواجه عمل الخير ما يعوقه من الإجراءات أو من الدعم والمساندة.
هي مهام ثقال ينوء بحملها عديد من أهل الجلد والصبر والاحتمال، فنهض بها الأمير سلمان بطيب نفس وسماحة روح وروية حكيم، يدهش المرء كيف يتأتى له ذلك، لكأن الأمير سلمان ليس مع يوم ساعاته محدودة وإنما هو يكثف يومه حتى يحسبه من ضخامة المهام وتعددها غير ما نعرفه من يومنا الموقوت بـ 24 ساعة.. ولو كان الحال مقصوراً على مشاغل المواطنين وداخل البلاد لظل العجب دون تفسير، غير أن الأمير سلمان يجاور ويوازي مهام أعماله داخل الوطن بجولات رسمية، كل جولة تقتضي تحضيراً وعملاً جسيماً لا يقف عند دوره كصانع لعلاقات وطيدة لمكانة هذا الوطن في الخارج بين مختلف بلدان العالم، وإنما إلى كونه هو بحضوره المهيب قمة شامخة بجلال العلم وشمول الوعي والثقافة، فهو في دوائر السياسة والإعلام والفكر والثقافة في العالم محط حفاوة دائمة واهتمام كبيرين مثلما هو في داخل الوطن الراعي المحب للصحافة والإعلام ولكل نشاط ثقافي وإعلامي، يده بيضاء بناصع الدعم والمساندة مع النشاط وأهله وفعالياته.
هذا الدور العارم للأمير سلمان منشغلا بشؤون المواطنين ومطالبهم، رجل علم وثقافة وفكر، صانع سياسات تنموية ومشرفاً مخططاً لإنجازات برامج ومشاريع حيوية في كل مجالات التنمية .. هذا الدور العارم في الداخل والخارج، ليس له سوى معنى كلي واستراتيجي يتلخص في حماية الوطن ورعاية مصالحه والمحافظة على أمنه واستقراره، ففي كل ما كان يفعله الأمير سلمان كان هذا هو الجوهر والأساس ولذلك فحين يصدر قرار خادم الحرمين الشريفين بتعيين الأمير سلمان وزيراً للدفاع فهذا إعطاء القوس لباريها.. واختيار تجتمع في الأمير سلمان كل أبعاده الإدارية والروحية، فقد كان الأمير سلمان وزير دفاع عن كل قضية كان يباشرها حين كان مسؤولا أول عن شؤون المواطنين ومهتماً بها، ليس في منطقة الرياض بل حيث قصدوه من كل المناطق .. فضلاً عن أن الأمير سلمان صعد مدارج عمره ومسؤوليته، وهو اللصيق برجال الجيش وبمختلف إداراته من علاقة الأخوة بالراحل الفقيد الأمير سلطان، إلى عميق الحرص على شرف الجيش السعودي وشخصيته الاعتبارية التي تسكن خلجات وجدانه ويترجمها كما ترجمها منذ إنشاء هذا الجيش، نذراً للنفس من أجل هذا الشرف الممثل لشرف الوطن وقيادته.
نحن لا نملك وقد تم تقليد الأمير سلمان المهمة الهائلة في قيادة وزارة الدفاع، إلا أن نرفع له تهنئتنا بسمو الكلمات وعميق المشاعر على هذا المقام العالي، مباركين لخادم الحرمين الشريفين سداد الاختيار .. سائلين الله أن يوفق الأمير سلمان وزير الدفاع لكل ما فيه السؤدد على دروب الخير والرشاد للوطن والمواطن.