«باس ريال».. «بنجي ريال».. عبارات ترويجية وثقافات مكتسبة
تركوا محابر الأقلام، وكتب الدراسة، واعتمروا العمائم، وقبضت أيديهم على مكبرات الصوت، ينادون بصوت عال، وبلغات مختلفة، على من يمرون بجوارهم من الحجيج، بهدف ترويج بضاعتهم التي افترشوها في بسطات على الأرصفة، ومن كان أفضل تطورا فإن منتجاته تتخذ من "الوانيت" مبسطا لها، من مختلف الأدوات المنزلية وألعاب الأطفال رخيصة الثمن، التي يتهافت عليها هؤلاء الحجاج لشرائها كهدايا تذكارية في موسم الحج.
"باس" و"بنجي" أسماء أرقام أجنبية كثيرة التداول هذه الأيام ويصدح بها شبان مكيون استغلوا بدء الإجازة المدرسية لموسم الحج، للعمل في بيع "بضائع التجزئة" التي لا تكلفهم مبالغ طائلة، ولكن في الوقت ذاته تدر عليهم أرباحا كبيرة، خصوصا أن الحراك الاقتصادي في مكة المكرمة بلغ قمة ذروته هذه الأيام مع توافد الحجيج إلى مساحات مكة المختلفة ووجود أكثر من مليوني حاج قادمين من خارج السعودية، ونحو مليون ونصف من حجاج الداخل، مما يسهم في نجاح تجارتهم ويعود عليهم بالربح الوفير.
أبناء مكة اعتادوا على استغلال موسم الحج في العمل التجاري على البسطات، ولا يكاد يوجد أحد من أبنائها إلا وأنخرط في تجارة ما، أو عمل لدى إحدى الجهات المعنية بأعمال الحج وذات العلاقة بالحجاج، الأمر الذي يكسب المكيين الشباب ميزة قد لا تتوافر بين أقرانهم من أبناء السعودية، إذ يمتلكون الخبرة عن أسلافهم في التجارة، أو الأعمال الاقتصادية الأخرى الموسمية.
عبد الله الجبيري - قادم من أطراف مكة ويدرس في إحدى المدارس النائية يقول: "انتظرت الإجازة وقمت بالاستعداد أنا وأحد أصدقائي من خلال جمع مبلغ من المال وشراء بضاعة بغرض ترويجها بين الحجاج، وهي تتكون من أدوات منزلية بسيطة وأخرى شخصية، ومنذ زمن ونحن لا يساورنا القلق في قضية الربح فسرعان ما يتهافت الحجاج على شرائها على سبيل الهدايا، إضافة إلى ما يتبقى من مخزون العام الماضي، وهذا ما أكسبنا لهجات مختلفة نظير الاحتكاك المباشر مع الحجاج والزوار.
ويلتقط عمر السلامي طرف الحديث ليؤكد أن الربح قد يراوح ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف ريال، وتكون القسمة بيننا بالتساوي، وهو ما يعين على توفير مبالغ لأسرنا أو لمصروفاتنا الشخصية، مطالبا في ذات الوقت الجهات الرقابية - وعلى رأسها أمانة العاصمة المقدسة ممثلة في إدارة صحة البيئة - بتخفيف القيود الرقابية فيما يتعلق بتجارتهم، خصوصا أن نوعية المبيعات التي يروجونها قاصرة على الأدوات المنزلية وألعاب الأطفال والإكسسوارات البسيطة ولا يرتبط بيعها إلا بموسم الحج ولا تتصل بالأغذية التي تكون في الأرجح هي المعنية بالرقابة نظير خطورة ترويجها بعيدا عن الرقابة.
من جهته قال لـ "الاقتصادية" الدكتور محمد فوتاوي مدير إدارة صحة البيئة في العاصمة المقدسة، إن مشروع البسطات أمر تقره أمانة العاصمة المقدسة، ولها اشتراطات يجب التقيد بها من قبل الأشخاص الذين يريدون إنشاء بسطات، ومن أهم الاشتراطات هناك اشتراطات صحية يجب توافرها، وهذه تعد أمرا مشروعا، يعمل به في مواسم رمضان والحج، ولكن هناك بسطات عشوائية، لا تتقيد بالأنظمة أو القوانين، وتنتشر في مواقع يوجد فيها الحجاج بكثافة، وغالبا ما يكون وراءها عمالة مخالفة للأنظمة والإقامة، وهذه البسطات هي التي تكثف الفرق الميدانية جولاتها عليها لمصادرتها نظرا لاحتوائها على مواد غذائية مضرة بصحة الحجاج.
ودعا فوتاوي، الجميع إلى أن يتقيدوا بالأنظمة، والتقدم للحصول على تصاريح مؤقتة لعمل بسطات نظامية تكون تحت إشراف أمانة العاصمة المقدسة، وإدارة صحة البيئة، ليسهل على الأمانة متابعتها والإشراف عليها من خلال الفرق الميدانية.