اقتصاديون: القاعدة الصناعية وتنظيم العقار حلان جذريان لكبح التضخم

اقتصاديون: القاعدة الصناعية وتنظيم العقار حلان جذريان لكبح التضخم

اتفق عدد من الاقتصاديين على أن توسيع القاعدة الصناعية وتنظيم السوق العقارية من أهم الاستراتيجيات التي تحد من ارتفاع معدلات التضخم في المملكة، خاصة بعد أن سجلت المملكة مستوى قياسيا بلغ 5.3 في المائة في أيلول (سبتمبر) الماضي فاق توقعات مؤسسة النقد التي صرح بها محافظ مؤسسة النقد باستقرارها عند 4.9 في المائة باعتبارها معدلا "مقبولا" وعدم ظهور أي بوادر تحسن في تشرين الأول (أكتوبر).
وشددوا على ضرورة معالجة مسببات التضخم المحلية في الوقت الذي يمر فيه العالم بظروف اقتصادية سيئة وتذبذب في الأسعار دفع بمعدلات التضخم للارتفاع في جميع الدول ما يتطلب الوقفة الجدية لمعالجة مسببات التضخم المحلي والحد من ارتفاعه، خاصة أن مؤسسة النقد لن تستطيع السيطرة على معدلات التضخم.
وأكد لـ "الاقتصادية" الدكتور أسامة فلافلي أستاذ اقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، مواصلة ارتفاع معدلات التضخم لتسجل معدلات قياسية خلال الفترة المقبلة. وقال :"العالم يمر بظروف اقتصادية سيئة فيوجد ركود اقتصادي في العالم ومع ذلك يوجد تضخم"، موضحا أن التضخم الذي يعيشه العالم الآن "تضخم ركودي" ارتفاع في الأسعار وركود في الأعمال وارتفاع نسب البطالة، ويعد تضخما معدوم الرؤية يصعب تحديد اتجاهه سواء للارتفاع أو الانخفاض.
وأوضح أن المملكة سجلت مستوى قياسيا للتضخم في أيلول (سبتمبر) 5.3 في المائة فاق توقعات مؤسسة النقد المحصورة بين 4.6 و4.9 في المائة، ما يعطي أن التضخم يحقق ارتفاعا عاليا وغير متوقع، فالمؤشرات التي تحيط بدول العالم وبالمملكة تدفع معدلات التضخم للارتفاع فارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع البترول الذي يعد عنصرا أساسيا في كثير من الصناعات سواء كوقود أو طاقة أو مواد خام إضافة إلى ارتفاع الأجور في كثير من الدول مثل الهند والصين التي ارتفعت الأجور بشكل كبير فيهما، جميعها مسببات خارجية تؤكد استمرار التضخم في الارتفاع.
وحول معدلات التضخم في المملكة أشار إلى أن المملكة جزء من العالم ومن المتوقع أن يرتفع معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، ولكن المثير للاهتمام أن التضخم في المملكة يرتفع باتجاه مخالف عما كان عليه خلال الأشهر الماضية حيث سجلت الخدمات والسلع الأخرى ارتفاعا بأكثر من 3.9 في المائة على أساس شهري وسجلت السلع الشخصية ارتفاعا بنحو 11 في المائة، بينما مجموعة الترميم والإيجارات هي الأخرى لم ترتفع بأكثر من 0.6 في المائة، ما يعطي مؤشرا خطيرا لاستهلاك الأفراد في المملكة.
وقال "90 في المائة من مدخول الأفراد يوجه للاستهلاك و10 في المائة للادخار وتعتبر نسبة ضعيفة ومؤثر في مسيرة الاقتصاد".
وزاد: "إن طبيعة حياة الأفراد في المملكة جعلت من الكماليات أمورا أساسية في الحياة لا يمكن الاستغناء عنها، فأغلب القروض توجه إلى الخدمات الاستهلاكية".
وتخوف من زيادة الإنفاق وتوجه النفقات لقطاع السلع والخدمات خاصة أن المملكة تسجل معدل نمو سكاني مرتفع عالميا يقدر بـ 3.5 في المائة ما يعكس ارتفاع الطلب على الاستهلاك 3.5 في المائة كأقل تقدير ومع ذلك يعد مرتفعا نسبيا".
وحول الآلية لخفض معدلات التضخم قال: "العمل الجاد في زيادة الإنتاج المعروض للسلع والخدمات وزيادة الصناعات والاهتمام بالسوق العقارية وسياسة الإعانات لبعض السلع من قبل الحكومة، حيث نحتاج إلى استراتيجيات وإعادة تنظيم لبعض القطاعات وتوسيع قطاعات أخرى للحد من معدلات التضخم".
من جانبه قال عبد الوهاب أبو داهش خبير اقتصادي: إن التضخم في المملكة تضخم مستورد وليس لمؤسسة النقد القدرة على تغيير معدلات التضخم على الإطلاق، بمعنى ليس للسياسة النقدية السعودية القدرة على تغيير معدلات التضخم.
وأوضح أبو داهش أنه من الصعوبة التوقع بمعدلات التضخم خلال الفترة المقبلة لسببين رئيسيين، أن النمو الاقتصادي العالمي غير واضح والتذبذبات الحاصلة في الذهب وأسعار المواد الغذائية وأسعار النفط تجعل من الصعوبة التوقع بمعدلات التضخم، إضافة إلى عدم وجود مؤشر على تغيير أسعار الواردات يجعل من الصعوبة قياس معدلات التضخم، خاصة أن تضخم المملكة تضخم مستورد.
وقال: "للأسف غياب المؤشر يصعب تقديم حلول وخطط المعالجة والسيطرة عليه، ما يتطلب التحرك الفعلي لإيجاد مؤشر لطرح دراسات وخطط لعلاج التضخم والسيطرة عليه".
وأشار إلى أن معدلات التضخم في المملكة كانت مستقرة نوعا ما فلم تتجاوز 2 في المائة ولكن الآن وخلال السنوات الأخيرة بدأت معدلات التضخم في الارتفاع لمستويات عالية ليس في المملكة فقط بل في جميع دول العالم والاقتصادات الكبرى التي بات همها الأكبر إعادة الانتعاش للسيطرة على التضخم، مؤكدا "أن التضخم الآن لم يعد مسألة ذات أولوية في الاقتصاد العالمي، حيث يركز العالم على كيفية إعادة انتعاش الاقتصادات الرئيسية، أمريكا والاتحاد الأوروبي كأولوية تعم الاقتصادات العالمية". وحول كيفية السيطرة على معدلات التضخم قال: "لا يمكن السيطرة على التضخم في المدى القصير فالعالم بشكل عام يعاني التضخم ومستوى التضخم في المملكة يعد مقبولا، فالأوضاع الآن تتطلب التريث والانتظار إلى أن تتضح الصورة لتوجه الاقتصادات العالمية. واستدرك: "الحلول التي قدمت منذ فترة للسيطرة على التضخم كرفع سعر الريال أمام الدولار بات أمرا غير مستحب خلال الفترة الحالية، فالغموض الذي تعيشه الاقتصادات العالمية يتطلب التريث، ولكن لا بد من البحث والعمل على الحلول طويلة الأجل التي تتطلب العمل والتنظيم الداخلي بتذليل جميع المعوقات التي تواجه الاقتصاد الداخلي، كتنظيم سوق العقار وفك الاحتكار للقطاعات خاصة قطاع التجزئة وتوسيع القاعدة الصناعية".

الأكثر قراءة