اقتصاديون: ما زال ربط الريال بالدولار ملائما للمملكة
أيّد اقتصاديون سعوديون الإبقاء على ربط سعر صرف الريال بالدولار في الوقت الحالي، حيث وفّر ربط العملة ركيزة على المدى الطويل للاقتصاد السعودي، كما أن سعر الصرف يتماشى مع أساسيات الاقتصاد، متوقعين انخفاضا في فائض الحساب الجاري دون المستوى المعتاد.
وقال لـ"الاقتصادية" فيصل الصيرفي، رئيس بيت الاستشارات المالية في جدة: إن استمرار ربط الريال بالدولار في الوقت الحالي مع استمرار الأوضاع الاقتصادية العالمية والكساد أفضل من الخيارات الأخرى المتمثلة في فصل الريال عن الدولار أو التحول إلى سلة العملات، مع ضرورة إعادة التقييم لعكس القوة الشرائية للريال.
وأوضح الصيرفي، أن إعادة تقييم الريال مقابل الدولار إحدى الخطوات المطروحة حاليا في ظل تراجع قيمة الدولار، كما أن سلة العملات أحد الحلول الممكنة على المدى الطويل.
وقال: هناك تنبؤات بعودة الدولار بقوة في العام المقبل، مع التوقعات بتحسن الاقتصاد الأمريكي في 2012، خاصة مع تراجع اليورو حاليا، بسبب العجز في عدد من الدول الأوروبية، وقرب إعلان إفلاس بعض الدول مثل اليونان؛ لعدم قدرتها على تسديد الديون، مما انعكس سلبا على قيمة اليورو وإضعافه، وذلك أثر إيجابا في تحسن قيمة الدولار أمام اليورو، وبالتالي تحسن قيمة الريال.
وأيّد الصيرفي التوقعات بانخفاض فائض الحساب الجاري دون مستواه المعتاد في حال استمرار ربط الريال بالدولار على المدى المتوسط، لكن في كل الأحوال وفي الوقت الحالي ما زال ربط الريال بالدولار أفضل الحلول.
وأضاف: "الدورة الاقتصادية في السعودية ما زالت تعتمد بشكل كبير على النفط، في الوقت الذي تتعامل فيه دول أوبك بالدولار كعملة أساسية، ولا شك أن العوائد ستتأثر سلبا وستنخفض، ولكن لن تؤثر بشكل كبير ولن يكون هناك عجز في مصروفات الميزانية،؛ نظرا للأسعار الحالية للنفط في الأسواق العالمية".
من جهته، بيّن الدكتور محمد محمود شمس، مدير مركز دراسة الجدوى الاقتصادية للاستشارات، أن الوضع الاقتصادي المتردي في منطقة اليورو الآن يعطي أهمية كبيرة للالتزام بالدولار كعملة واحتياطي عالمي مهم جدا، فأسعار البترول مرتبطة بالدولار وكذلك أسعار الذهب، إضافة إلى ميزانيات المنظمات العالمية المرتبطة بالدولار؛ مما يعطي الدولار قوة إضافية.
وأوضح أن أهمية الالتزام بالدولار أكبر من السابق، خاصة بعد مشاكل الديون الأوروبية، والتوقعات بانهيار بعض الاقتصاديات مثل اليونان، البرتغال، إيرلندا، وإسبانيا، وكذلك إيطاليا المهددة بمشاكل الديون.
وأشار مدير مركز دراسة الجدوى الاقتصادية للاستشارات، إلى وجود تكهنات بنزوح اليونان من منطقة اليورو وانتقال العدوى إلى مناطق أخرى، وذلك سيؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار اليورو والعودة للعملات الوطنية.
ولفت إلى أن القروض الكبيرة للدول المتضررة في منطقة اليورو ستؤدي في حال الفشل في سدادها إلى انهيار للعديد من المؤسسات المالية وأسعار الأسهم في العالم، وستنتشر العدوى والكساد.
وعاد شمس ليؤكد أن الدولار في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية العالمية ملاذ آمن للريال وللاحتياطي النقدي السعودي الموجود في السندات المالية الأمريكية، مؤكدا أن الارتباط بالدولار له أهمية أكبر من السابق، وهو مأوى آمن للكثير من المدخرات في العالم.
ونوه إلى أن الانخفاض في قيمة الدولار ستؤدي بلا شك إلى انخفاض الحساب الجاري بصفة خاصة في السعودية، حيث يعتمد على إيرادات البترول، مؤكدا ما ذهب إليه خبراء صندوق النقد الدولي من توقعات بانخفاض في فائض الحساب الجاري دون المستوى المعتاد.
وحذر من التفكير حاليا في فك الارتباط بالدولار أو التحول إلى سلة العملات، حيث إن الوقت والأوضاع المالية العالمية لا تشجع الانفصال عن الدولار والخروج عنه.
يذكر أن خبراء صندوق النقد الدولي أيدوا في تقرير تم نشره الأسبوع الماضي عقب انتهاء المناقشات مع مسؤولين في السعودية في 25 أيار (مايو) الماضي حول مختلف التطورات والسياسات الاقتصادية الإبقاء على ربط سعر الصرف بالدولار، وذكر التقرير أن الدورات الاقتصادية في الولايات المتحدة والسعودية ليست متوافقة تماما في الوقت الراهن؛ فالدورة الاقتصادية في السعودية لا تزال مدفوعة بالنفط، والذي يرتبط بدوره ارتباطا متزايدا بالدورة الاقتصادية في بلدان آسيا الصاعدة؛ مما يسهم في حدوث ضغوط تضخمية، ومع ذلك، وفّر ربط العملة ركيزة على المدى الطويل للاقتصاد من حيث تسهيل تطوير الأسواق المالية وتوفير الوضوح للمستثمرين. وأشار تقييم خبراء الصندوق إلى أن سعر الصرف يتماشى على نطاق واسع مع أساسيات الاقتصاد، وهذا أيضا مدعم من أسواق الصرف الآجل، والتي لا تشير إلى أي دليل على اختلال سعر الصرف، وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك بعض الأدلة تشير إلى أنه قد تظهر مبالغة بسيطة على المدى المتوسط في تقدير القيمة، بما يتسق مع إنفاق مالي أعلى من تقديرات المستوى القابل للاستمرار وبالتالي انخفاض فائض الحساب الجاري دون مستواه المعتاد.