محادثات أوروبية حاسمة للتغلب على أزمة الديون
بعد صيف صعب سارع قادة منطقة اليورو المنقسمون على أنفسهم هذا الأسبوع إلى إجراء محادثات عاجلة لإنقاذ اليونان من الإفلاس وخفض أزمة ديون أوروبا التي تكاد تخرج عن السيطرة.
ورغم انقسام وزراء مالية دول اليورو حول كيفية معالجة الأزمة التي زاد من تفاقمها تدهور الاقتصاد العالمي، إلا أنهم سيعقدون أولى محادثات لهم بعد الصيف الجمعة والسبت في بولندا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وياتي اجتماع وروكلو بعد أسبوع من انخفاض عملة اليورو إلى أدنى مستوى لها منذ ستة أشهر بسبب مخاوف من إفلاس اليونان وكذلك بسبب استقالة مسؤول بارز في البنك المركزي الأوروبي. وستسعى القمة إلى التغلب على العقبات التي تواجه الحصول على مبلغ ثان بقيمة 160 مليار يورو (220 مليار دولار) لمنحه لليونان بموجب اتفاق مبدئي تم في قمة 21 تموز(يوليو).
ولكن بعد سبعة أسابيع فقط، بلغت الضغوط على العملة الموحدة مستويات جديدة وسط تصاعد المخاوف من أن يؤدي انقسام أوروبا إلى الفشل في التخلص من أزمة الديون.
وحذر كبار خبراء الاقتصاد مثل نوريل روبيني وحتى المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر من أن ''الوحدة السياسية'' التامة، مثل الولايات الأوروبية المتحدة هي وحدها التي يمكن أن تحافظ على اليورو.
وقال وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتر في اجتماع في عطلة نهاية الأسبوع لدول مجموعة السبع في مرسيليا أن الدول الأوروبية تحتاج إلى فعل المزيد لإثبات أن لديها الإرادة السياسية للتعامل مع الأزمة المالية التي تجتاح القارة.
والأربعاء المقبل سيعود المدققون الدوليون من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي إلى اليونان لإلقاء نظرة جديدة على الخطة التقشفية الصعبة التي تتبناها اليونان لخفض الدين المقدر بنحو 350 مليار يورو.
وكان الخبراء، وتعبيرا عن عدم رضاهم عن الخطوات التي اتخذتها اليونان، قد قطعوا زيارة قصيرة إلى اليونان لتقييم ما إذا كانت أثينا قد وفت بالشروط التي وضعها منقذوها من أجل أن تتلقى مبلغ ثمانية مليارات يورو كقسم من صفقة الإنقاذ الأولى البالغة قيمتها 110 ملايين يورو.
ومن ناحية أخرى ينتشر الاستياء من ديون الدول والعجز الذي تعانيه دول مثل ألمانيا وفنلندا وهولندا.
والأسبوع الماضي أثار وزير مالية هولندا يان كيز دي ياغر احتمال طرد الدول المخالفة من منطقة اليورو.
وقال :''إذا لم تكن قادرا على الالتزام بالشروط، عليك إن تغادر اللعبة''. وفي خطوة لتخفيف المخاوف من انفجار منطقة اليورو، قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روت لاحقا: إن ''العقوبات القصوى تتعلق بالمدى البعيد وليس باليونان. هذه اقتراحات عن الدول التي لا تلتزم مستقبلا بالمتطلبات''.
وأوضح ''لا نستطيع أن نطبق ذلك مع اليونان، لأننا قطعنا شوطا طويلا حتى الآن''.
ولكن فنلندا تريد ضمانات من اليونان قبل إقراضها مزيدا من الأموال، وسلوفاكيا، التي لم تشارك في صفقة الإنقاذ الأولى، تهدد بتأخير المصادقة على صفقة الإنقاذ الثانية حتى نهاية العام. والأسبوع الماضي تجنبت دول منطقة اليورو كابوسا عندما أقرت محكمة ألمانيا العليا صفقات إنقاذ جديدة.
ولكن وفيما تستطيع برلين مواصلة تقديم الأموال لجاراتها الأضعف، قالت المحكمة الدستورية :إن الحكومة عليها أولا أن تضمن موافقة لجنة الميزانية في البرلمان قبل أن تقدم أية مبالغ مالية أخرى.
وسيضيف ذلك حاجزا جديدا في عملية صنع القرار في الوقت الذي تحاول فيه منطقة اليورو حاليا التصرف بسرعة لتهدئة الأسواق المتوترة، حسب اقتصاديين.
وفي أحدث ضربة لمساعي منطقة اليورو للتحدث بصوت واحد بشأن الأزمة، استقال كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي يورغين ستارك فجأة من منصبه الجمعة مما أدى إلى انخفاض اليورو والأسواق المالية. وقال ستارك: إنه استقال لأسباب شخصية. إلا أن مراقبي البنك قالوا إنه منتقد صريح لعملية شراء سندات حكومات اليورو لمنع ارتفاع أسعار الاقتراض إلى مستويات غير مقبولة.