وزارة الصحة.. الخطة الاستراتيجية 1431 - 1440هـ نقد ومراجعة تفصيلية شاملة (1)

تتكون هذه الخطة من 260 صفحة منشورة في ملف PDF في موقع الوزارة على الإنترنت www.moh.gov.sa لمن أراد قراءتها وأراد أن يرى خطة منهجية عامة من إحدى أكبر الوزارات الخدمية في نظام الدولة القائم. شعارها المريض أولا ومقولة خادم الحرمين الشريفين "لا شيء يغلى على صحة المواطن". وتتكون من مقدمة وستة أجزاء ثم المراجع، من صفحة 4 إلى صفحة 249. وتعتمد القيم الأساسية لحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية مع التخطيط المستقبلي للرعاية الصحية في المملكة لمدة عشر سنوات قادمة ابتداء من هذه السنة (وننتظر خطة الـ50 سنة المقبلة). وورد في هذه الاستراتيجية ص5 أن هذه الخطة "متسقة ومتناغمة مع استراتيجية الرعاية الصحية في المملكة التي تمت المصادقة عليها بقرار من مجلس الوزراء الموقر رقم 320 وتاريخ 17/9/1430هـ. ويذكر التقرير أن وزارة الصحة تقدم 60 في المائة من الخدمات الصحية والباقي موزع ما بين القطاعات الأخرى الحكومية مثل المستشفيات العسكرية والقطاع الخاص.
وفي الصفحة 6 كتب التالي "إن هذه الخطة الاستراتيجية تأتي استجابةً لمجموعة من التحديات الكبيرة". وكان أول ما ذكر التالي: "حيث تشهد الساحة لدينا نمواً كبيراً في مستوى وعي المتلقي للخدمة وثقافته الصحية وارتفاع سقف توقعاته المتمثل في تطلعه المتزايد إلى خدماتٍ صحية يستطيع الوصول إليها بسهولة ووفق معايير جودة عالية"، وتم ذكر أسباب أخرى وجيهة. وهنا يلزم القول إن نمو وعي المواطن ومطالبته بتحسين الخدمات الصحية حق من حقوقه، والتطوير النوعي المستمر واجب شرعي على ولي الأمر حتى لو لم يطالب المواطن بذلك، وهذا ينطبق على جميع من يعمل في أي جهاز حكومي وفي أي مستوى مهما كان، وعليه يجب إضافة أن التخطيط والتطوير والشفافية وتحسين الخدمة المستمر حق أصلي من حقوق أي مواطن.
وفي السياق نفسه، "ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية الناتج عن التطور التكنولوجي الطبي المتسارع في مجال الأجهزة والمعدات والتقنيات الطبية المتقدمة والباهظة الثمن، والاكتشافات المتواصلة للعديد من الأدوية مرتفعة التكلفة، وكذلك ارتفاع تكاليف الكفاءات البشرية المؤهلة تأهيلاً عالياً وصعوبة استقطابها، وهذا كله في مواجهة موارد محدودة وتنامٍ كبير في الطلب على الخدمات الصحية، تدفعه عوامل كثيرة منها النمو السكاني المتزايد بمعدلات عالية، وتصاعد نسبة المسنين الذين تتوقع الإحصاءات أن يفوق تعدادهم مليوني نسمة بحلول عام 1440 هـ، وما سيتبع ذلك من تزايد الطلب على خدمات الرعاية الصحية المتعلقة بعلاج أمراض الشيخوخة المختلفة مثل أمراض القلب والشرايين، والأمراض العصبية، والجلطات الدماغية والأمراض المزمنة الأخرى مثل الفشل الكلوي والسكري وغيرها من الأمراض التي تحتاج إلى رعاية طبية متواصلة لفترات طويلة". وهنا يجب القول إن تحديد وتدني الرواتب والحوافز المادية بسلم الرواتب الجديد للأطباء والفنيين سبب رئيس لنفور الأطباء والفنيين المهرة من العمل في المملكة عموما ووزارة الصحة خصوصا، وإذا أردنا أن نستقطب أعدادا كافية من الأطباء والفنيين الأكفاء لا بد من مضاعفة رواتب جميع الأطباء والفنيين إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف ما هي عليه الآن، ويجب أن يكون المرجع سوق الأيدي العاملة الطبية، فالعرض قليل والطلب عال، ومن يعرف سوق العمل الطبي يعلم ويعي ما أقول. أيضا لا بد من خطة استراتيجية وطنية فاعلة في رفع عدد كليات الطب وإيجاد برامج تدريب للأطباء والفنيين في مختلف التخصصات النادرة والشائعة، النادرة مثل طب السمنة السريري Bariatric Medicine وطب كبار السن Geriatric Medicine والطب الرياضي ٍSports Medicine وطب المراهقينAdolescent Medicine والسكري Diabetology وغيرها، والاستفادة من مئات المستشفيات الموجودة مع استقطاب كفاءات طبية عالية المهارة للعلاج والتدريب تناسب حاجات المواطنين. وهذا يوجب ابتداع برامج غير تقليدية تناسب حاجات مرضانا مع التركيز على "الوقاية خير من العلاج"، فكفانا تقليدا، ونستطيع أن نكون قياديين بدل أن نكون تابعين.
ولتقليل العبء المالي على الدولة والمواطن يجب أن تكون البرامج الوقائية والكشف المبكر من الأولويات وعلى رأسها مرض السمنة التي هي السبب الرئيس لمرض السكري رقم 2 في المملكة والتي لم تحض بما يجب في هذه الخطة حيث هناك برامج لمكافحة السكري وأمراض القلب، لكن أحد مسبباتها الرئيسية لم تجد الاهتمام المطلوب مع أنها ذكرت في مواضع أخرى سيتم نقاشها في حينه. وهذا يجب أن يصحح ومن لا يرى أن السمنة مرض اكتسبت تخصصا طبيا مستقلا في الدول المتقدمة وخصصت لها مئات الملايين من الدولارات للبحوث فيها ويجب مكافحتها وعلاجها، عليه أن يقرأ الأدلة العلمية، ويبتعد عن التوقعات الشخصية. تقول منظمة الصحة العالمية Obesity is one of the greatest public health challenges of the 21st century "السمنة واحدة من أكبر الأخطار التي تهدد الصحة العامة في القرن الواحد والعشرين". والسؤال هنا ما خطة وزارة الصحة والوزارات الأخرى (التعليم والبلديات) لمكافحة وعلاج السمنة؟ ننتظر الجواب! يتبع..
وكما قيل: من سار على الدرب وصل والوقاية خير من العلاج والاعتراف بالمشكلة أول خطوة لحلها.
المراجع:
1. الخطة الاستراتيجية لوزارة الصحة المنشورة على موقع الوزارة www.moh.gov.sa
2. WHO
3. www.cdc.gov

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي