أوباما ينحني لرغبة خصومه.. ويحدد موعد خطابه حول الوظائف

أوباما ينحني لرغبة خصومه.. ويحدد موعد خطابه حول الوظائف

انحنى الرئيس الأمريكي باراك أوباما لرغبة خصومه الجمهوريين في نزاع حول توقيت خطاب مهم حول الوظائف من المقرر أن يلقيه، ما يشير إلى ضعف احتمالات التوصل إلى اتفاق وسط بينه وبين الجمهوريين حول إنعاش الاقتصاد.
وكان أوباما قد أطلق في وقت سابق تحديا جريئا عندما طلب من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينز أن يفسح له المجال ليلقي كلمة أمام مجلسي الكونجرس في السابع من أيلول (سبتمبر)، وهو اليوم نفسه الذي تجري فيه مناظرة في كاليفورنيا بين المرشحين عن الحزب الجمهوري لاختيار من يمثل الحزب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2012.
غير أن باينر فيما وصفته مصادر بالرفض غير المسبوق لرئيس، قال إنه ليس بالإمكان ذلك إذ تقتضي دواع تتعلق بترتيبات أن يلقي الرئيس خطابه الليلة التالية، ولم يجد الرئيس أمامه سوى التراجع الأربعاء. وقال جاي كارني المتحدث بلسان البيت الأبيض ''يعنى الرئيس بالحاجة الماسة إلى خلق وظائف وإنماء الاقتصاد، ومن ثم يرحب بفرصة إلقاء كلمة أمام مجلسي الكونجرس الخميس الثامن من أيلول (سبتمبر)''.
ومن غير الواضح متى سيلقي أوباما خطابه، غير أن الرد الأول لباينر كان سيضع الخطاب الرئاسي في منافسة على المشاهدة مع المباراة الافتتاحية للموسم الجديد لكرة القدم الأمريكية. وقد كشف النزاع العلني عن العلاقة المتردية بين أوباما وباينر في أعقاب المواجهة حول رفع سقف مديونية الحكومة الأمريكية وهو الخلاف الذي دفع بالولايات المتحدة حتى حافة التخلف عن الوفاء بديونها الشهر الماضي.
كما عكس الخلاف الأزمة السياسية والتطاحن الحزبي بين الديمقراطيين ومنهم أوباما، والجمهوريين أصحاب الأغلبية في مجلس النواب برئاسة باينر، وهو ما حدا بهيئة ستاندرد آند بورز لخفض التصنيف الائتماني الأمريكي من الدرجة الأعلى لدرجة أقل، فضلا عن ضعف احتمالات اتفاق الحزبين حول كيفية التعامل مع أزمة الوظائف.
ويخشى حلفاء أوباما من فقدان الرئيس لمزيد من سلطته وخسارة أخرى أمام الجمهوريين. فالرئيس، الذي تردت شعبيته بسبب الوضع الاقتصادي المتعثر، يأمل في أن يؤذن هذا الخطاب بدفع الاقتصاد مجددا إلى الانتعاش ومن ثم تحسين وضعه السياسي مع اقتراب انطلاق حملة إعادة انتخابه في عام 2012.
وقال أوباما في رسالة وجهها لكبار زعماء الكونجرس ''أود طرح مجموعة من المقترحات التوافقية ينظر فيها الكونجرس فورا لمواصلة دفع الاقتصاد الأمريكي''، وتابع ''على واشنطن أن تنحي الخلافات السياسية جانبا وتتخذ القرارات استنادا إلى الصالح العام وليس إلى الصالح الحزبي، حتى يتعين إنماء الاقتصاد وخلق الوظائف''.
وكانت الاتهامات قد تطايرت طوال اليوم بين مساعدي أقوى رجلين في واشنطن حول مسألة توقيت الخطاب وهو الأمر الذي يتم في العادة الاتفاق عليه في هدوء وخلف أبواب مغلقة. فقد صرح مسؤول في البيت الأبيض - دون الكشف عن اسمه - أن الإدارة استشارت مكتب باينر حول موعد السابع من أيلول (سبتمبر) قبل الإعلان عنه دون أن تتلقى اعتراضا.
غير أن بريندان باك المتحدث بلسان باينر كذب ذلك قائلا ''إن أحدا لم يوافق على الموعد قبل وصول طلب أوباما عبر القنوات العامة''، وأضاف ''من المؤسف أن البيت الأبيض تجاهل بروتوكولات معمول بها منذ عقود - إن لم يكن قرون - للاتفاق على اليوم والساعة قبل الخروج على الملا وإعلان ذلك''. وليس بإمكان رئيس أن يستدعي جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس بنفسه، بل يتعين أن يصدر مجلسا النواب والشيوخ قرارين لتوجيه الدعوة للرئيس لإلقاء كلمة أمام أعضائهما المنتخبين عن الشعب. ووصف مساعد ديمقراطي كبير مسلك مكتب باينر بـ''الطفولي''.
وقال المساعد - الذي رفض أيضا الكشف عن اسمه - ''من غير المسبوق رفض الموعد الذي يريده الرئيس لإلقاء كلمة أمام مجلسي الكونجرس. الناس تموت وتجري جنازات رسمية دون هذا القدر من الصخب''. وربما تكون مبادرة أوباما هي فرصته الأخيرة لإنعاش الاقتصاد قبل دخول معمعة الانتخابات الرئاسية العام المقبل، فيما سيعكس خطابه بشائر استراتيجيته لإعادة انتخابه في عام 2012 حيث يسعى لتحميل الجمهوريين المسؤولية أمام الناخبين المنهكين من الكساد عن تعطيل أحدث جهوده لخلق مزيد من الوظائف.
ويصر البيت الأبيض على أن اختيار الرئيس إلقاء خطابه يوم مناظرة الجمهوريين الساعين للإطاحة به في قاعة مكتبة رونالد ريجان ذات الأهمية الرمزية الكبيرة في كاليفورنيا، ''لم يكن سوى محض صدفة''. وعلى الأرجح سيحدث خطاب أوباما جولة نزاع أخرى مع الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب حيث يرفض الجمهوريون المزيد من مقترحات الإنفاق، الذي يعتبرونه إهدارا مسؤولا عن الوضع الاقتصادي الراهن، فضلا عن مزيد من الضرائب التي يعتبرونها تعويقا لقدرة أصحاب الأعمال في دفع الاقتصاد الأمريكي.
وبدلا من ذلك يريد الجمهوريون خفضا ضخما في النفقات في البرامج التي يتمسك بها الديمقراطيون بشدة باعتبارها أساسية لمشاطرة عموم الأمريكيين المنافع الاقتصادية والنهوض بالأضعف منهم. ومن المتوقع أن تنطوي الخطة المطروحة على مزيج من مقترحات قديمة وجديدة، بما فيها الدعوة لزيادة الضرائب على أكثر الأمريكيين ثراء ومزيد من الإنفاق على مشاريع البنية التحتية بهدف خلق الوظائف وتمديد الخفض على ضريبة الدخل.

الأكثر قراءة