عطور شرقية مصنعة محليا تنافس أشهر الماركات العالمية
شهدت الأيام الأخيرة من رمضان ارتفاعاً ملحوظاً في مبيعات العطور في المملكة بنسبة تجاوزت 25 في المائة عن الأيام العادية ولكن بنسبة أقل عن نفس الفترة من العام الماضي. ولم يؤثر ارتفاع أسعار العطور على اهتمام المستهلك السعودي المتزايد باقتناء العطور الفاخرة مع ملاحظة ميل المستهلكين إلى زيادة الإنفاق على العطور.
وعند دخول المتسوق لأي مجمع تجاري تستقبله روائح مختلفة قادمة من محال العطور التي تشتد المنافسة بينها لاجتذاب الزبائن فتختلط العطور الشرقية بالغربية وتتداخل مع عطور وروائح المتسوقين ليصبح من الصعب في خضم هذه الروائح اختيار العطر بسهولة.
وقد أثبتت العطور الشرقية وجودها بين الماركات العالمية واستفاد مصنعو العطور المحليون من ثراء التراث العربي بالروائح والعطور الكلاسيكية كما استفادوا من التجارب العالمية والفرنسية على وجه الخصوص في مجال العطور لإنتاج روائح مزيجة من الشرق والغرب، ودخلت بذلك مجموعة من ماركات العطور الشرقية إلى الأسواق العالمية.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن صناعة العطور واحدة أسرع القطاعات نموا في المملكة بسبب الإقبال المتزايد لدى فئة الشباب لاقتناء العطور، وتتزاحم الشركات العالمية على دخول السوق السعودية، ويتوقع استمرار نمو استهلاك المملكة للعطور دون أن تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية العالمية.
وذكر تقرير لمؤسسة ''يورومونيتور إنترناشيونال'' للأبحاث أن المملكة أحد أكبر الأسواق المستهلكة للعطور في العالم وأن استهلاك الفرد السعودي للعطور سجل ارتفاعا متزايدا في الحجم والقيمة وصلت نسبتة في عام 2010 إلى 12 في المائة، ومن المتوقع أن يسجل عام 2011 نسبة مماثلة.
وأشار التقرير الذي صدر حديثا إلى وجود منافسة شديدة بين العديد من الشركات والوكالات العالمية لاجتذاب المستهلك السعودي كما أن ظهور ونمو عدد من شركات صناعة العطور المحلية زاد من حدة المنافسة. وتوقع التقرير استمرار النمو السنوي مدفوعا بزيادة الطلب على الماركات المحلية في ظل الإقبال المتزايد عليها من قبل السعوديين.
ويقول محمد الشرقاوي المسؤول في إحدى شركات العطور والكماليات إن نسبة مبيعات العطور ترتفع أيام العيد بنسبة تتراوح من 20 إلى 30 في المائة، ولكن الارتفاع في هذا العام لم يصل لمستواه في العام الماضي الذي شهد نسبة مبيعات قياسية. وقال إن المستهلك في أيام العيد يميل إلى شراء عطور متوسطة القيمة لأنه يشتري كميات كبيرة كهدايا لأفراد عائلته وذويه لذلك يبتعد الغالبية عن العطور ذات الأسعار المرتفعة جدا التي يفضلها الزبون في الأيام العادية.
وقال الشرقاوي إن السوق الخليجية أكثر الأسواق أهمية لمصنعي العطور ويزيد استهلاك المواطن الخليجي من العطور على أي مواطن آخر في العالم، وأرجع الشرقاوي ذلك إلى أسباب دينية وثقافية متغلغلة في المجتمع الخليجي حيث إن الدين الإسلامي حث على التطيب في المناسبات الدينية والأعياد، كما أن ارتفاع درجة حرارة الجو في الخليج تدفع الناس لاستخدام العطور بكثافة.
وأكد الشرقاوي على تأثير السوق الخليجية في الذوق العالمي للعطور حيث تعمد شركات العطور إلى تلبية الذوق العربي من خلال تنويع مركباتها العطرية ومزج العطور الغربية بالشرقية واهتمامها بإدخال مكونات شرقية مثل العود والصندل واللبان وروائح البهارات للعطور الحديثة، إضافة إلى دخول بعض الشركات لصناعة العطور العربية الخالصة.
وقال الشرقاوي إن العطور الفرنسية تستحوذ على نصيب الأسد من سوق العطور العالمية والخليجية ولكن هناك شركات تنافس بقوة ولها عملاؤها وخصوصا الشركات الإنجليزية والإيطالية والأمريكية.
وبين أن المتسوق حالياً يدقق كثيراً قبل شراء العطر للتأكد من أصالة العطر بسبب انتشار الأصناف المقلدة ذات الجودة المنخفضة والتي يصعب التفريق بينها وبين الماركات الأصلية، وقال إن الطريقة الأمثل للتأكد من أصالة العطر هي شراؤه من الوكالات المعتمدة والشركات الكبرى، واستبعد الشرقاوي وجود حالات غش لدى المعارض والوكلاء المعتمدين لأن هذه المحال تحصل على العطور من مصادرها الأصلية ولن تخاطر بسمعتها وثقة زبائنها كما أن هناك رقابة من قبل الغرفة التجارية التي تقوم بجولات تفتيش متكررة على هذه المعارض.
وحول ارتفاع أسعار العطور قال الشرقاوي إن الارتفاع في أغلب العطور يعتبر ارتفاعا منطقيا لكون معظم العطور تأتي من منطقة اليورو إلا أن هناك بعض الأصناف القليلة ارتفعت بشكل مبالغ فيه.
وهنا أبدى كيفن هينو مقيم كندي له اهتمامه الشديد بالعطور الشرقية، وقال: ''إن الطيوب العربية آسرة وهي ليست مجرد روائح جميلة بل إن عبقها يعكس حضارة ضاربة في أعماق التاريخ ويحكي عن سحر الشرق الغامض ويغري بالمغامرة والاكتشاف''.
وقال إنه يحرص باستمرار على اقتناء عطور شرقية وخصوصا عند سفره ليقدمها هدايا قيمة لأصدقائه، وأضاف أن العطر العربي لا يمنح رائحة جميلة فقط بل يمنح أحساساً بالدفء والثقة والهدوء ويساعده على احتمال البرد في موطنه.