عُمان.. هيئة مركزية لوضع الضوابط والمعايير التشريعية لأنشطة المؤسسات المصرفية الإسلامية

عُمان.. هيئة مركزية لوضع الضوابط والمعايير التشريعية لأنشطة المؤسسات المصرفية الإسلامية

في خطوة خليجية غير مسبوقة، تقدمت سلطنة عمان بإنشاء هيئة مركزية تكون مهمتها وضع الضوابط والمعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية وللمؤسسات المتعاملة بالمنتجات الإسلامية، باعتبارها مرجعية إشرافية عليا تخضع لسلطة البنك المركزي العماني، وهي خطوة لم يقدم عليها عديد من البنوك المركزية الخليجية، رغم ازدهار قطاع المصرفية الإسلامية فيها. وأكد حمود بن سنجور الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني أن وجود البنوك الإسلامية في البلاد أصبح واقعاً ملموساً بصدور موافقة رسمية بممارسة الصيرفة الإسلامية في السلطنة، وأنه يجري حاليا التنسيق مع مكتب مفتي عام السلطنة لتشكيل هيئة مركزية على المستوى الوطني لوضع الضوابط والمعايير التشريعية لأنشطة المؤسسات المالية المتعاملة بالمنتجات الإسلامية. جاء ذلك خلال ندوة أقيمت في غرفة تجارة وصناعة عمان حول تجربة البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قال حمود بن سنجور إن البنك المركزي اتخذ التدابير اللازمة لتجهيز البيئة التشريعية والتنظيمية لعمل البنوك الإسلامية، حيث يعكف حالياً فريق من المختصين في البنك على دراسة البيئة التشريعية من جوانب عدة لإيجاد تشريع متكامل للبنوك الإسلامية وإجراء التعديل الضروري على نصوص القانون المصرفي الحالي، مستعينين في ذلك بأحد المكاتب الاستشارية المتخصصة ليتم وضع اللوائح المصرفية اللازمة للعمل المصرفي الإسلامي.
وقال الرئيس التنفيذي إن البنك المركزي العماني نفذ عديدا من الإجراءات العملية في هذا الشأن، حيث أصدر تعميما إلى كافة البنوك العاملة في السلطنة لإبلاغها بإمكانية تقديم طلباتها في حال وجود رغبة لدى أي منها لممارسة العمل المصرفي الإسلامي من خلال نافذة مخصصة لذلك، وكذلك تعميم بمتطلبات تأسيس البنوك الإسلامية الذي تحدد بموجبه اعتبار العمل المصرفي الإسلامي أحد الأوجه المصرح بها لممارسة العمل المصرفي تحت القانون المصرفي العماني وبما يتوافق مع متطلبات الالتزام بالأحكام الشرعية، وتم التأكيد في هذا التعميم صراحة على أن الالتزام الشرعي من أهم المتطلبات، وعلى عدم المساومة فيما يتعلق بعدم التعامل بالفائدة، الغرر أو التعامل مع ما هو محظور، كما يجب احترام قدسية المواثيق والعقود ومراعاة متطلبات الإفصاح والتنفيذ.
وقال سنجور إن التعميم المذكور أكد أنه على المصارف التي سيتم الترخيص لها بممارسة العمل المصرفي الإسلامي أن تتقيد بجملة من الترتيبات الضرورية، وهي إنشاء هيئة أو لجنة شرعية لدى المركز الرئيسي للبنك مهمتها الرقابة الشرعية وتقديم المشورة لمجلس إدارة البنك وإدارته التنفيذية فيما يتعلق بأغراض الالتزام والموافقة والتأكد من سلامة التطبيق، وإنشاء دائرة مستقلة لدى المركز الرئيسي للبنك بغرض توفير الدعم والإشراف، والتنسيق مع الهيئة الشرعية الوطنية للحصول على الموافقات والإيضاحات المطلوبة. وبالنسبة للبنوك التي ستعمل من خلال نافذة تم توجيهها بإجراء الترتيبات اللازمة بأن تكون النافذة مستقلة، مع وجود فصل في الأموال والعمليات المرتبطة، وكذلك التأكيد على ضرورة التقيد بالمتطلبات المحاسبية، ووجوب أن تتهيأ المصارف للالتزام بقاعدة المشاركة في المخاطر والعوائد الناتجة وفي النشاط والأصول الحقيقية والأساليب المستخدمة لتقييم وتصنيف الأصول وكيفية المشاركة في الأرباح واحتساب كفاية رأس المال وغيرها من متطلبات الالتزام الرقابية الأخرى المتعلقة بالإجراءات المحاسبية وإعداد التقارير بما يفي بالأغراض الرقابية بالمستوى المطلوب.
وحول السماح للبنوك الإسلامية بإصدار الصكوك قال سنجور إن الصكوك هي أهم منتجات البنوك الإسلامية، مؤكدا ضرورة تدرج البنوك الإسلامية في إصدار المنتجات وفق احتياجات السوق وبما يتوافق مع المتطلبات الرقابية الاحترازية المنصوص عليها في القانون المصرفي وطبيعة وحساسية السوق.
وشدَّد سنجور على أن آليات العمل داخل البنوك الإسلامية والنوافذ الإسلامية في البنوك التقليدية ستكون أكثر تنظيمًا، وسيتم تأسيس هيئات شرعية في كل بنك لا تقل عن ثلاثة أشخاص، إضافة إلى ذلك سيتم تأسيس هيئة شرعية عامة في السلطنة تضم نخبة من العلماء والشرعيين وأساتذة في العلوم الشرعية بحيث يكونون ''المرجع الأخير'' في توصيف الأمور بشكلها الصحيح.
وأشار الرئيس التنفيذي إلى أنه يجري العمل حاليا للتنسيق مع مكتب سماحة مفتي عام السلطنة لتشكيل هيئة مركزية على مستوى السلطنة لوضع الضوابط والمعايير التشريعية لأنشطة المؤسسات المصرفية المتعاملة بالمنتجات الإسلامية، إلى جانب إنشاء لجان شرعية داخل المؤسسات نفسها للتأكد من أن المنتجات المصرفية في هذه المؤسسات متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وحول تأخر سلطنة عمان في السماح للبنوك الإسلامية، قال حمود بن سنجور إن السلطنة حريصة على البدء من حيث انتهى إليه الآخرون، وقال إن الفرصة أمامنا كبيرة لمعرفة الكثير عن هذه البنوك، خاصة أن هناك تجارب ثرية في كثير من دول العالم التي انتهجت هذا النوع من التعاملات المصرفية، وتوقع أن تبدأ عمان بداية قوية في حال استكمال البنوك كافة المتطلبات والشروط.
وأكد سنجور على تعهدات البنك المركزي العماني بمواصلة جهوده لبلورة العمل المصرفي بشكل عام والإسلامي بشكل خاص من خلال تهيئة بيئة تشريعية وتنظيمية متكاملة، وقال إنه تم توجيه كلية الدراسات المصرفية والمالية لإعداد برامج تدريبية في مجال الصيرفة الإسلامية، كما أوفد البنك عددا من مسؤوليه في زيارات ميدانية إلى الدول المتقدمة في مجال الصيرفة الإسلامية للاطلاع على تجاربهم والاستفادة من خبراتهم في وضع نظام تشريعي متكامل مبني على الاستفادة من مختلف المدارس الرقابية لدى مختلف الدول التي سبقت في هذا المجال، كما أصدر البنك المركزي موافقته المبدئية لتأسيس بنكين إسلاميين هما ''بنك نزوى'' و''بنك العز الدولي'' للعمل كبنكين إسلاميين متكاملين. وفي إطار توفير المعرفة والتدريب على أسس النظام المالي والمصرفي الإسلامي قام البنك المركزي بتنظيم ندوتين في مقره الرئيس حول الصيرفة الإسلامية، وذلك بالتعاون مع أحد المكاتب المتخصصة لموظفي البنك المركزي وموظفي البنوك العاملة في السلطنة.

الأكثر قراءة