اندفاع سندات الخزانة الأمريكية.. ومخاوف من الإقراض مددا طويلة

اندفاع سندات الخزانة الأمريكية.. ومخاوف من الإقراض مددا طويلة

رغم أن الظروف كانت تبدو أنها تميل إلى التحسن قليلاً بعد الهبوط الحاد الذي شهدته الأسواق يوم الخميس، إلا أن المتداولين دفعوا بالموجودات الخطرة باتجاه مستوياتها الدنيا عن ذلك اليوم في نهاية التداول يوم الجمعة، على اعتبار أن الملاذات الآمنة كانت في حالة صعود.
وكانت أوضح علامة على الإجهاد الذي أصاب المتداولين في وصول الين إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، حيث هبط إلى ما دون 76 يناً للدولار للمرة الأولى وأخذ يرتفع بصورة ثابتة، ثم اقترب من مستوياته العليا مرة أخرى في أواخر التداولات ليصل إلى 76.52 ين. يذكر أن الين الياباني منذ فترة يعتبر من قِبل بعض المستثمرين على أنه ملجأ يقيهم الأوقات العصيبة. وفي وقت مبكر، اندفع الذهب كذلك إلى مستوى مرتفع جديد، حيث لامس 1877 دولاراً للأونصة للمرة الأولى، وذلك على خلفية مشاعر القلق حول صعوبات المالية العامة التي تعانيها البلدان المتقدمة، وخصوصاً الكيفية التي يتم بها التعبير عن هذه المشاكل من خلال النظام المالي في منطقة اليورو.
هذه المخاوف نفسها كانت تعزز صورة الملاذ الآمن للسندات، حيث وصلت سندات الخزانة الألمانية والأمريكية والبريطانية إلى مستويات قياسية متدنية لم تبلغها منذ بضعة عقود.
وبسبب قوة الاندفاع التي شهدتها سندات الخزانة الأمريكية، حيث اخترقت السندات لأجل عشر سنوات حاجز 2 في المائة للمرة الأولى منذ عام 1950، حضر بعض المشترين، وكانت العوائد حتى منتصف اليوم أعلى قليلاً. لكن بحلول نهاية جلسة التعاملات كانت العوائد عند مستويات أدنى، حيث هبطت إلى 2.06 في المائة.
كذلك حاولت الأسهم الاندفاع في وقت مبكر من جلسة التعاملات، لكنها تخلت بعد ذلك عن هذه الجهود. وقد أقفل مؤشر ستاندارد أند بورز 500 عند مستوياته الدنيا في جلسة التعاملات، بهبوط مقداره 1.7 في المائة. والواقع أن أداء الأسبوع الحالي، بما فيه من خسارة لهذا المؤشر القياسي بنسبة 4.7 في المائة، كان سيئاً تماماً بالنسبة للأسهم على نحو يفوق التراجع الذي سجلَتْه في الأسبوع الماضي. ومن المتوقع أن يكون شهر آب (أغسطس) أسوأ شهر للأسهم منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2008، ما لم يحصل اندفاع قوي في الأسبوع المقبل. يذكر أن تقرير الأرباح من شركة هيوليت باكارد المتخصصة في التكنولوجيا لم يكن جيداً على المستوى المطلوب. وبسبب التقرير وعملية التغيير الاستراتيجي الشامل في الشركة، فقد أدى ذلك إلى الضغط على أسهم شركات التكنولوجيا بصورة خاصة في مؤشر ستاندارد أند بورز 500، التي شهدت أسوأ هبوط لها منذ الأزمة المالية.
لكن ينبغي أن نلاحظ أن عمليات البيع المكثفة في السوق تتسم بقدر من التمييز يفوق ما كانت عليه الحال في الأسبوع الماضي. ذلك أنه كان هناك نحو 70 سهماً في مؤشر ستاندارد أند بورز 500 سجلت ارتفاعاً يوم الجمعة، في حين أن الأسبوع الماضي شهد تراجعاً شبه شامل في الأسهم.
بصورة عامة كان سلوك السوق أقرب كثيراً إلى الناحية الفنية.
وقال جون شليتز، كبير المحللين الفنيين للسوق الأمريكية في شركة إنستِنِت Instinet للوساطة المالية: ''كل شخص مقتنع أنه لا بد لنا من اختبار المستويات الدنيا (عند 1101 نقطة) قبل أن نحاول السعي باتجاه اندفاع آخر''. ويراقب المتداولون الوضع ليروا إن كان هناك ارتفاع في نحو ثلث أسهم ستاندارد أند بورز 500 التي جرى تداولها دون مستوياتها الدنيا في الأسبوع الماضي.
إن مشاعر القلق الناتجة عن حالة عدم العلم، خصوصاً فيما يتعلق بتمويل البنوك، لا تزال تتردد أصداؤها إلى الأعلى. على سبيل المثال، متوسط تاريخ الاستحقاق للأوراق المالية قصيرة الأجل التي تصدرها الشركات تراجع من 43.9 يوم عند نهاية تموز (يوليو) إلى 41.9 يوم بتاريخ 12 آب (أغسطس)، وفقاً لبيانات من بنك باركليز كابيتال، ما يشير إلى مخاوف إقراض المال إلى فترات تزيد كثيراً على الأفق المباشر.
وتعرضت أسهم البنوك لضربة أخرى في مختلف أنحاء العالم. فخلال الأسبوع تراجعت أسهم رويال بانك أوف اسكتلاند وبنك باركليز بنسبة 20 في المائة تقريباً، كما أن مؤشر فاينانشال تايمز 300 لقطاع البنوك تراجع بصورة إجمالية بنسبة 8.7 في المائة. وفي الولايات المتحدة أقفل مؤشر كيه بي وKBW للبنوك عند أدنى مستوى له منذ تموز (يوليو) 2009. بدأت الهزيمة المنكرة للمخاطر العالمية يوم الخميس، في الوقت الذي عبر فيه المستثمرون مرة أخرى عن مخاوفهم حول صحة الاقتصاد العالمي بعد أن قام بنك مورجان ستانلي بتخفيض توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام والعام الذي يليه.
وترددت هذه المخاوف وتعمقت بفعل الدراسة الرديئة المثيرة للصدمة حول نشاط الأعمال في ولايات الأطلسي الأوسط وبيانات أخرى رديئة. من جانب آخر، كانت هناك إشاعات (وهي إشاعات تم نفيها منذ ذلك الحين) تفيد بأن البنك المركزي لولاية نيويورك كان يركز بصورة صريحة على رصد نشاطات البنوك الأوروبية في الولايات المتحدة. وقد أدت هذه الإشاعات إلى عودة المخاوف الخاصة بانتقال العدوى في السندات السيادية في منطقة اليورو والمخاوف حول النظام المالي، ودخولها من جديد في المعادلة الاستثمارية.
كذلك فإن العنف الشديد الذي اتسمت به العاصفة الصيفية في الأسواق هي علامة على الاعتقاد السائد بين بعض المستثمرين، ومفاده بأن الحكومات والبنوك المركزية أقل قدرة على القدوم لنجدة الأسواق، حيث إن العقل السياسي الذي يفضل التقشف والسياسة النقدية وصل الآن إلى مستويات هي غاية في التراخي والتسهيل. لكن لا تزال هناك بعض العلامات الدالة على اصطياد الصفقات الرخيصة المربحة، على اعتبار أن العملات التي تركز على النمو، مثل الدولار الأسترالي، تتمتع الآن بوضع أقوى من ذي قبل، وذلك بفضل الاندفاع اليسير في بعض السلع، مثل النحاس، الذي ارتفع بنسبة 0.6 في المائة ليصل السعر إلى 3.98 دولار للباوند، رغم أنه عند هذا السعر يعتبر أدنى من مستوياته العليا التي سجلها أثناء اليوم. كما أن خام برنت، الذي هبط بنسبة 3.3 في المائة يوم الخميس، ارتفع بنسبة 2 في المائة ليصل السعر إلى 109.40 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة