من يمتلك الفضاء؟ سؤال منذ 40 عاما .. ادعاء الملكية وصل للشمس والكويكب «إيروس»

من يمتلك الفضاء؟ سؤال منذ 40 عاما .. ادعاء الملكية وصل للشمس والكويكب «إيروس»

التقدم التكنولوجي يعني قدرتنا على السيطرة على الموارد الشاسعة الموجودة في الفضاء قريبا. ولكن من يمتلك حق امتلاك هذه الموارد، على حد تساؤل شون بلير من مجلة ''بي بي فوكس'' العلمية البريطانية. وهل يمكنك حتى امتلاك قطعة من الفضاء الخارجي؟ الإجابة في التقرير التالي:
من المقرر إرسال بعثة إلى القمر خلال الشهر الجاري عبر منطاد. حيث سيقوم فريق متحمس من مغامري الفضاء الرومانيين برفع صاروخ ثلاثي المراحل لارتفاع 18 كيلو مترا (11 ميلا) عن الأرض قبل إطلاقه، فضلا عن إطلاق مركبة فضاء بدون رائد فضاء نحو سطح القمر في محاولة للفوز بجائزة القمر X لـ ''جوجل''. وهناك فرق أخرى تتنافس على ذلك. وسجل 25 فريقا حول العالم أسماءهم في هذه المسابقة لتكون هي الأولى من نوعها في إرسال طائرة إلى القمر لالتقاط صور وجمع بيانات أخرى.
كما سجلت أندية هواة، وهيئات جامعية، وشركات عملاقة أسماءها للمشاركة في جائزة القمر X، أملا في الحصول على نصيب من الجائزة التي تُقدر بـ 30 مليون استرليني. ولكن في النهاية، الهدف هو استكشاف الموارد الموجودة على القمر؛ وهو هدف سيمهد الطريق نحو استغلال هذه الموارد.

المشاركة الرسمية
تشارك الحكومات أيضا في المسابقة. ومن المقرر أن تهبط العربة الفضائية الصينية Chang’ei3 على خليج قوس قزح Bay of Rainbows في عام 2013، في سباق من المحتمل أن يكون كتفا بكتف مع العربة الفضائية الهندية Chandrayaani2. وبالنسبة للمتنافسين في السباق على القمر في الستينيات من القرن الماضي، تقوم الولايات المتحدة بإطلاق مركبة مدارية في عام 2013، وتقدم روسيا خدماتها في مجال الفضاء للهند لمساعدتها في الهبوط على سطح القمر. وفي العام المقبل، ستقوم بإرسال مركبة الهبوط الخاصة بها أيضا. كما تعتزم وكالة الفضاء الأوروبية إطلاق مركبة الهبوط على القمر الخاصة بها أيضا إلى القطب الجنوبي للقمر في عام 2020.
لذا، فإن سباق القمر الثاني يختمر حاليا. ولكن هذه المرة، الموارد هي المكافأة بالوصول إليها، ومطالبة الحق فيها، والتربح منها. هناك مشكلة واحدة فقط هي أنه لا يوجد من هو متأكد إذا كان من الممكن قانونا امتلاك أي شيء في الفضاء.

ادعم طلبك
ثار الجدل بين المحامين حول مفهوم الملكية الفضائية أو التملك في الفضاء على مدار 40 عاما. ولكن الآن، بينما تعني التقنيات الجديدة أن يصبح استغلال موارد النظام الشمسي إمكانية متاحة ومميزة، توسعت المسائل التي كانت تتخذ طابعا أكاديميا بحتا لتشمل جوانب وتضمينات أخرى في العالم الفعلي.
يقول كريس نيومان، كبير محاضري مادة القانون في جامعة سوندرلاند ''إذا كنت تقوم بإعداد كتاب حول قانون الفضاء، فسيتضمن 20 صفحة من الحقائق و180 صفحة من علامات الاستفهام. لم يتم النظر في عديد من المسائل حتى الآن. الأمر يشبه ما حدث مع الإنترنت منذ 25 سنة. ولكن يخضع ذلك الأمر للتغير نظرا لأن الشركات التجارية التي تعمل في مجال الفضاء ستطالب بوجود إطار قانوني''.
وينبع الإطار القانوني الموجود اليوم بشكل رئيسي من معاهدة الفضاء الخارجي Outer Space Treaty التي أبرمتها الأمم المتحدة في عام 1967. يقول نيومان: ''هذه المعاهدة بمثابة الماجنا كارتا (أو الميثاق الأعظم) في مجال الفضاء، والتي من المحتمل أن تتطور منها كل القوانين التي ستخرج في المستقبل''. وتم التفاوض على هذه المعاهدة خلال السباق إلى القمر، وقد تخطت حواجز الجدل الإقليمي من خلال منع أي ''استيلاء قومي'' لأي دولة على الفضاء الخارجي والأجسام الفضائية. ولكي تعكس الوقت الذي أُبرمت فيه، لم تأت هذه المعاهدة على ذكر أي أفراد أو شركات خاصة.
هذه الثغرة هي التي تسمح بوجود الشركات الخاصة في الفضاء؛ وهذه هي حجة رجل الأعمال الأمريكي دينيس هوب. فقد تقدم بطلب لامتلاك النظام الشمسي كله في عام 1980، بما يؤدي إلى تربحه لملايين الدولارات عن طريق بيع تخصيصات على القمر، والمريخ، والزهرة مباشرة. وتقدم الكثيرون بالطعن على الطلب الذي تقدم به هوب. ومن بين من تقدموا بالطعون جريج نيميتز الذي أكد ملكيته للكويكب ''إيروس'' قبل أن يهبط مسبار وكالة الفضاء الأمريكية ''ناسا'' عليه في عام 2001.
ادعى فيرجيليو بوب الذي وُلد في رومانيا ملكيته للشمس من خلال تسجيل على الإنترنت في عام 2002، وهو يهدد في نوع من المزيج بمطالبة كل من هوب ونيميتز وغيرهم من ملاك العقارات الفضائية بثمن استخدام ضوء الشمس الذي يمتلكه.

الفدادين الفضائية
يريد الناشر ستيف دورست، الذي يتخذ من هاواي مقرا لأعماله، عملا مشابها في الفضاء. ويعمل دورست على حشد رجال المال في ''وادي السيليكون'' لدعم عربة هبوط على سطح القمر تُدعى مرصد القمر الدولي International Lunar Observatory ILO. وسيتم توجيه هذه العربة الفضائية نحو القطب الجنوبي للقمر، والهدف من ذلك هو كسب عائدات من الملاحظات العلمية التي سترصدها وخدمات الاتصالات التي ستجريها لعربات الهبوط الفضائية الأخرى. يقول دورست ''إن ILO ستقوم بطرح مسألة حقوق ملكية عوالم متعددة. وسيتم حفر الأحرف الأولى للناس على القوائم الخاصة بالأرجل الأربع لعربة الهبوط الفضائية، وبالتالي يستطيع كل شخص المطالبة بحقه في امتلاك مساحة بوحدة الفدان على سطح القمر. ولا نزال نبحث كم عدد الأحرف التي يمكن تسجيلها؛ مجموعة واحدة من الأحرف لكل قائم لتبسيط الأمر، أو تقسيم كل قائم إلى أربع، أو حتى تقسيمها إلى 360 اتجاه. وقد اخترنا الأكر كوحدة قياس للمساحة حيث يوجد نحو عشرة ملايين أكر على سطح القمر، بدون حساب عدد منحدرات الفوهات – وهو ما يكفي نظريا ليحصل كل فرد على حصّة خاصة به''.
وبينما يوحي حق المطالبة بإنقاذ الممتلكات في البحار على سطح كوكب الأرض بأنه سيكون كافيا، علينا أن نكتشف بالضبط ما سيحدث عندما يقوم شخص ما بالهبوط بطائرته على أحد الكواكب ولديه نية في امتلاكه، أو امتلاك جزء منه على الأقل. هناك البعض ممن يعتقد أنه بغض النظر عما حدث على الأرض، فلا يمكنك امتلاك شيء ما في الفضاء ببساطة. يقول تانجا ماسون - زوان، رئيس المعهد الدولي لقانون الفضاء ''من الواضح بالنسبة لنا أنه غير مسموح المطالبة بحقوق ملكية خاصة على أجزاء من الفضاء الخارجي. فلا يوجد إجماع على حقوق الملكية في الفضاء، حيث سيكون دوما هناك أشخاص سيستمرون في تحدي ما ينص عليه القانون''.
والشخص الوحيد الذي له ملكية خاصة غير متنازع عليها على سطح القمر هو مطور ألعاب الفيديو المولود في بريطانيا وسائح الفضاء ريتشارد جاريوت. فقد اشترى العربة الفضائية الروسية Lunokhod-2 في مزاد أقيم في عام 1993. إن معاهدة الفضاء الخارجي تحدد أن الكيانات التي من صنع البشر يمكن تملكها، وكما كتب جاريوت في العام الماضي: ''على الأقل يمكني المطالبة بحق تملك الأرض التي ترتفع عليها تلك الكيانات، إن لم يكن مزيدا من الأراضي الأخرى''.

التملك في الفضاء
في عام 1979، صدّقت الأمم المتحدة بالتصديق على معاهدة القمر Moon Treaty، التي أغلقت كل الثغرات الموجودة في معاهدة القمر الخارجي، عن طريق منع المطالبات بالملكية الخاصة تماما. ولكن كانت هذه خطوة بعيدة جدا بالنسبة لمعظم الشعوب. يقول نيومان ''لم تقم القوى التي ترتاد الفضاء بالتصديق على المعاهدة وكذلك بعض الدول القليلة الأخرى. ويتم تجاهل المعاهدة بشكل أساسي اليوم''.
ولكن هناك سؤال أساسي يطرح نفسه وهو ''هل هناك ما يستحق التملك في الفضاء على أي حال؟ هناك مورد فضائي يسهم بالمليارات في الاقتصاد على وجه الأرض وهو مدار ثابت جغرافيا؛ وهو يمثل تلك النقطة الفضائية التي توجد أعلى خط الاستواء مباشرة حيث يدور قمر صناعي في مدار في نفس معدل دوران الأرض، ولذا يبدو ثابتا في موضعه.
وهو الذي يسمح لهوائي ثابت بالحفاظ على حلقة وصل مع قمر صناعي. ويقوم اتحاد الاتصالات السلكية واللاسلكية ITU بتنظيم الوصول إلى الفضاء. ولا أحد يمتلك أي منطقة في الفضاء، ولكن يتم تخصيص ''حيز'' 0.1° (عرضه نحو 70 كيلو مترا) لكل فرد. وقد نجح العمل بهذا النظام لعشرات السنين، ويؤكد على ذلك ماسون - زان قائلا: ''لا توجد حاجة إلى التملك للقيام بالأنشطة في الفضاء الخارجي، كما هو الحال في ممارسة حقوق التعدين بدون امتلاك الأرض التي يتم التنقيب فيها''.
لكن تمت المطالبة بتملك مدار ثابت جغرافيا. ففي عام 1976، أصدرت دول استوائية عدة إعلانا يُعرف باسم إعلان بوجوتا Bogotá، مفاده أن المدار كان امتدادا لمجالها الجوي الوطني. ولكن تشككت الدول غير الاستوائية من الإعلان.
علاوة على ذلك، يشتمل القمر على مساحة مكافئة لأمريكا الشمالية والجنوبية مجتمعتين، ويحتوي على تركيزات من المعادن النفيسة مثل الألومنيوم، التيتانيوم، البلاتينيوم، والعناصر الأرضية النادرة. ويدعم هاريسون شميت رائد الفضاء لمركبة ''أبولو 17'' التنقيب عن هيليوم -3، وهو نظير مشع نادر يمكّن من الاندماج النووي النظيف. ويمكن الحصول على الهيليوم -3 على سطح الأرض عن طريق تفكيك الأسلحة النووية فقط. ولكن يمكن لخليج مكوك Shuttle bay ممتلئ بهذه المادة أن يزود الولايات المتحدة بالطاقة لمدة عام. ''ستكون السوق الرئيسية لهذه المواد عبارة عن الأشخاص الموجودين في الفضاء بالفعل على المدى القصير''، على حد قول البروفيسور جون إس لويس الأستاذ في مختبر القمر والكواكب في جامعة أريزونا، ومؤلف كتاب التعدين في السماء Mining The Sky.
وباستخدام خطة ''ستون''، يمكن لبعثات أخرى أن تستخدم صواريخ أصغر وأرخص يمكنها الحصول على كل الوقود الذي تحتاج إليه لعمليات فضائية من ''محطات الغاز'' التابعة له. ويمكن أن يتم تحويل الجليد المستخرَج إلى ماء يمكن فصله إلى هيدروجين لاستخدامه كوقود دافع للصواريخ وأكسجين لاستخدامه كمؤكسِد لازم للاشتعال.
هناك عديد من المسائل التي نواجهها، ولكن في النهاية، السماء هي الحدّ، حسبما يقول البروفيسور لويس. ''إذا كنا نظن أن مواردنا تنضب، فنحن بحاجة للبحث عن موارد جديدة''. وقد أجرى عملية حسابية اكتشف فيها أن موارد الكويكبات يمكنها أن تدعم تريليونات من البشر حتى تموت الشمس. ولكن قبل أن نبدأ في استغلال مثل تلك الموارد، ينبغي أن يتم التعامل مع المسائل المتعلقة بالملكية. وهذا بالضبط ما يرجوه رجال أعمال لهم مشروعات في الفضاء مثل دورست عندما يقومون بعرض مسألة الملكية في الفضاء على كل المرشحين في انتخابات الرئاسة الأمريكية العام المقبل. يقول دورست ''نحن بحاجة إلى النقاش. سيتم عرض المطالبات بالتملك في الفضاء قريبا وذلك خلال فترة الرئاسة القادمة''.

الأكثر قراءة