«غرفة مكة»: تجار الذهب يواجهون ارتفاع سعر الجرام بالإغلاق ودمج المحال

«غرفة مكة»: تجار الذهب يواجهون ارتفاع سعر الجرام بالإغلاق ودمج المحال

كشفت الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، عن عزوف الكثير من المستثمرين العاملين في مجال الذهب والمجوهرات عن العمل في القطاع الذي باتت خسائره تظهر على السطح جلياً خلال العاميين الأخيرة، مشيرة إلى أن العديد من المستثمرين خرجوا من السوق، وذلك إما من خلال إغلاق المحال بشكل نهائي أو بدمج أكثر من فرع في فرعاً واحد، خاصة أنهم باتوا يتكبدون الخسائر نظير ارتفاع أسعار الذهب الخام، وعدم قدرتهم على تحقيق أرباح تفي بمصروفاتهم التشغيلية للمحال من رواتب موظفين وإيجار عقار وخلافه.
وأكدت الغرفة، أن نسبة الإغلاق للمحال تعد كبيرة، إلا أنها لا تستطيع أن تقدر حجمها بشكل دقيق، وذلك لعدم وجود قواعد بيانات تساعد على إحصاء المحال التي لا تزال عاملة وتلك التي أغلقت، مبينة أن هناك أيضاً محال قد تكون أغلقت نهائياً ولكن رخصة التشغيل وسجلاتها التجارية لا تزال سارية المفعول.
وقال للـ''الاقتصادية'' زياد فارسي، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة إن ''الإقبال على سوق الذهب والمجوهرات في مكة المكرمة بات ضعيفاً جداً إلى درجة أن الخسائر باتت تلاحق المستثمرين في هذا المجال، فالسوق لدينا كانت تعتمد على موسم رمضان والحج لتعويض حجم نقص المبيعات الذي قد يحدث طوال العام''، مشيراً إلى أن من الأسباب التي دفعت بالسوق إلى الدخول في دائرة الخسائر وانخفاض حجم القوة الشرائية تتمثل في الارتفاعات التي شهدها سعر الجرام الخام والتي بلغت مستويات متضخمة جداً، وبسبب عدم مقدرة القادمين من الخارج الشراء بكميات كبيرة لتذبذب قيمة وفارق صرف العملة.
وتابع فارسي ''نحن نقر بالخسارة في السوق، ولكننا لا نستطيع أن نوضح حجم تلك الخسائر بشكل دقيق لعدم امتلاك الغرفة لقاعدة بيانات توضح حجم النشاط أو الخسائر في القطاع''، مشيراً إلى أنه على الرغم من زيادة عدد المعتمرين في هذا العام وبلوغهم نحو 5.5 مليون معتمر، إلا أن الأمر لم يخدم قطاع الذهب والمجوهرات، وذلك قد يكون لعدم وجود المقدرة الشرائية لدى النسبة العظمى منهم، والذين قد تتركز مشترياتهم على الأساسيات في الحياة اليومية من أكل وشرب بجانب بعض الهدايا الرمزية التي يصطحبونها معهم عند عودتهم إلى بلدانهم.
وكشف فارسي، أن ارتفاع سعر جرام الذهب الخام خلال العاميين الماضيين بشكل مطرد دفع بالكثير من المستثمرين في القطاع للخروج من السوق بعد أن فضل البعض منهم تجنب الوقوع في دائرة الخسائر ودخول آخرين ضمن الدائرة التي تسببت في عدم قدرتهم على الإيفاء بالمصروفات التشغيلية للمحال التجارية، لافتاً إلى أن بعض المستثمرين اتجهوا لدمج أكثر من فرع من المحال في فرع واحد بغية تخفيض حجم المصاريف التي يواجهها تدن في مستوى الطلب على المعروض في السوق، خاصة أولئك الذين ينحدرون من بيوت تجارية عريقة في صناعة الذهب والمجوهرات، والذين من الصعب مغادرتهم السوق ويفضلون البقاء لو بعدد قليل جداً من الفروع.
وأشار فارسي، إلى إن معدل أرباح العاملين في قطاع الذهب تتراوح بين 5 و 50 ريال في الجرام معتمدة في ذلك التدرج على حسب نوع وجودة المصنعية والخامات المستخدمة، والتي تفوق الخمسين ريالا بمراحل لكل جرام في حال اشتملت المشغولات الذهبية على أحجار كريمة وغيرها من المكونات الأخرى، مستدركاً أن المستثمرين يضعون هامش ربح على كل نوع من أنواع المشغولات الذهبية، وأن الهامش يعد قليلا جداً خاصة في ظل وجود سوق تنافسية كسوق مكة المكرمة، التي يبحث فيها البائع على تقليص أرباحه بشكل كبير في محاولة لبيع أكبر كميات ممكنة لتغطية حجم المصاريف وتحقيق لو جزء بسيط من الأرباح.
وأكد فارسي، أن السوق لم يعتمد من الأزل على المعتمرين أو الحجاج القادمين من دول الخليج تحديداً، وإن اعتماده كان يرتكز بشكل كبير على المستهلك المحلي، وعلى بعض القادمين من بعض الدول خاصة القادمين من مصر والمغرب وليبيا، حيث إنهم يفضلون شراء الذهب من السعودية نظراً لوجود تحديث مستمر لطراز مشغولات الذهب ووجود الأسعار التنافسية والجودة المتقنة في نوع المصنعية، مستدركا أن ارتفاع أسعار الذهب مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بنحو 80 في المائة وارتفاع أسعار الألماس بنحو 30 في المائة، جعلت من الجميع يعزف عن الشراء سواءً من المقيمين في مكة أو القادمين من الخارج، وأن اغلبهم توجه لشراء الإكسسوارات التي أسعارها في متناول أيدي الجميع وتلبي رغبات العديد من الأذواق.
ويتوقع فارسي، أن سعر جرام الذهب بالرغم من وجود بعض التذبذب في الوقت الحالي في سوق البورصات العالمية سيواصل ارتفاعه، إلا أنه استبعد إمكانية أن يتوقع أين سيصل به الحال، خاصة في ظل ما وصفه بأن الارتفاع في الأسعار بشكل غير محسوب وزيادة حجم الفجوة بين الطلب والعرض بشكل كبير ستتأثر به اقتصاديات بعض البلدان في المستقبل، وكذلك في ظل أن حجم الذهب المنتج أصبح أقل من الأموال النقدية التي يتم ضخها لشرائه.
ويرى فارسي، أن أزمة الديون الأمريكية من خلال القراءة الأولية ستؤدي بكل تأكيد إلى ارتفاع متجدد في أسعار الذهب، وذلك قد يكون بسبب تفضيل الكثير من المستثمرين في عدة قطاعات تجارية ومصرفية وعاملين في البورصات والأسواق المالية الخروج واللجوء إلى الذهب كملاذ آمن للاستثمار، وذلك لكون أسعار الذهب التي وصل إليها في الوقت الحالي كانت متوقعة من السابق ولكنها كانت تقف عند حدود 1650 لسعر أونصة الذهب، وتحديدا منذ أن أطلت الأزمة الاقتصادية بعنقها على الأسواق العالمية.

الأكثر قراءة