شهادة دولية بالأداء المالي المتميز للبنوك السعودية
كشف تقرير صدر أخيراً عن وكالة التقييم الائتماني ستاندرد آند بورز S&P، أن البنوك في المملكة العربية السعودية تتمتع بمراكز مالية قوية انعكست على أرباحها القوية وجعلتها من بين البنوك الأكثر ربحية وكفاءة على مستوى العالم.
من بين العوامل التي ساعدت على تميز البنوك السعودية في تحقيقها للأرباح وفقما أشار إليه التقرير، ارتفاع أسعار النفط العالمية، واتباع الحكومة سياسة إنفاق توسعية تزامنت مع انخفاض تكلفة التمويل، وكفاءة التسعير في بيئة خالية من الضرائب. كما أشار التقرير إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' لعبت دوراً بارزاً ومهماً للغاية في محافظة البنوك السعودية على مراكزها المالية القوية، من خلال إلزام البنوك بتطبيق الممارسات الأكثر نجاعة في إدارة المخاطر على مستوى العالم.
المحلل المالي نيكولا هاردي في مؤسسة ستاندرد آند بورز الائتمانية أكد أن اتباع البنوك السعودية مزيجا فريدا من الخصائص الداعمة، مكنها من أن تواصل إثبات قدراتها الصلبة على تحقيق إيرادات أساسية مستمرة، وبالتالي تحقيق أرباح عالية، مضيفا أن آفاق المكاسب والأرباح تبدو مشرقة في البنوك السعودية، كونها تعمل في بيئة مواتية لتحقيق تلك المكاسب.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن ستاندرد آند بورز لا تتوقع أن تشهد البنوك السعودية تدهوراً في أصولها في المستقبل القريب، نظرا لانخفاض أسعار الفائدة لفترات طويلة من جهة، وقدرة البنوك على توسيع مواردها الحالية من جهة أخرى، ما سيؤهلها لاغتنام فرص النمو في القطاعات النامية المحلية للأفراد والشركات والاستمرار في جني أرباح ثابتة.
وربط التقرير أداء البنوك السعودية المالي المتميز، بقدرتها على التعامل مع أوضاعها المالية، عقب الأداء الضعيف للأسواق المالية الدولية منذ عام 2008، حيث قامت البنوك بتعديل استراتيجياتها لتعزيز ممارسات إدارة المخاطر، إضافة إلى تخصيصها لعائداتها التشغيلية القوية لزيادة رأس المال، ولتوسيع مظلة تغطية القروض المشكوك في تحصيلها، إلى مستويات أعلى من 100 في المائة''. كما أضاف التقرير أن هذه العوامل المساعدة إضافة إلى مرونة الإيرادات، دعمت جودة الائتمان ومكنت البنوك السعودية من مواجهة كل من الخسائر المتوقعة وغير المتوقعة.
تأكيداً للمعلومات الواردة في تقرير ستاندرد آند بورز، فقد نمت الأرباح المجمعة للبنوك السعودية منذ بداية العام حتى نهاية حزيران (يونيو) من العام الجاري، بنسبة بلغت 13 في المائة، ليصل مجموعها إلى 15.7 مليار ريال مقابل 13.8 مليار ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وترجع أسباب تحقيق البنوك السعودية لهذا النمو في الأرباح، إلى عدة عوامل، من بينها: التحسن الملحوظ في مستوى الدخل المحقق من دخل العمولات الخاصة، إلى جانب تنويع مصادر الدخل وزيادة الدخل من رسوم الخدمات البنكية الأخرى، والتحكم في مستوى وحجم المصروفات التشغيلية.
وقد دعم نمو أرباح المصارف الارتفاع في حجم الموجودات في نهاية حزيران (يونيو) من العام الجاري، بنسبة 9 في المائة، لتصل إلى 1.507 مليار ريال، مقارنة بما كانت عليه بنهاية نفس الفترة من العام الماضي، حيث بلغت قيمتها 1.382 مليار ريال، كما قد بلغت قيمة إجمالي الودائع في نهاية حزيران (يونيو) من العام الجاري مبلغ 1.054 مليار ريال، مسجلة بذلك ارتفاعاً قدره 111 مليار ريال، أو ما يعادل نسبته 12 في المائة.
إن محافظة البنوك السعودية على مستويات ملاءة وسيولة مالية جيدة وعلى رؤوس أموال واحتياطيات قوية خلال الفترة الماضية، مكنتها من التوسع في أنشطتها المصرفية المختلفة، وبالذات في النشاط الائتماني والاستثماري، حيث ارتفعت قيمة إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الخاص (ائتمان مصرفي) خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بنسبة 8 في المائة، لتبلغ 820 مليار ريال، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، والتي بلغت فيها قيمة القروض الممنوحة للقطاع الخاص مبلغ 760 مليار ريال.
خلاصة القول، إنه على الرغم من الصعوبات والمشاكل المالية التي تعانيها مؤسسات مالية ومصرفية عملاقة على مستوى العالم، بما في ذلك حكومات عدة دول، إلا أن البنوك التجارية العاملة في السعودية لا تزال تحقق نتائج مالية جيدة استرعت انتباه مؤسسات ووكالات التقييم المالي والائتماني العالمية المرموقة، مثل وكالة ستاندرد آند بورز، التي أكدت في التقرير الأخير الصادر عنها متانة الأداء المالي للبنوك السعودية وتمتعها بمراكز مالية قوية قادرة على التعامل مع الأحداث المستقبلية. هذه المتانة المالية للبنوك السعودية مكنتها من القيام بممارسة أنشطتها المصرفية المختلفة على الوجه المطلوب، وعلى النحو الذي يخدم متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها السعودية، وبما يحقق للمساهمين والمستثمرين في البنوك عوائد مالية معقولة تتناسب ونوعية الأنشطة المصرفية التي تمارسها البنوك ودرجات المخاطر التي تتحملها.
ويتوقع للبنوك السعودية أن تستمر على النهج السابق نفسه في الأداء بتحقيقها نتائج مالية جيدة في المستقبل، وبالذات في ظل استمرار تمتع البنوك بمراكز وملاءة مالية قوية، وقدرتها على الاستمرار في انتهاج تطبيق سياسة متوازنة لإدارة جميع أنواع المخاطر (الائتمانية، والتشغيلية، والإدارية والتسويقية)، والله من وراء القصد.