مختص: التمويل الإسلامي نظام أخلاقي وليس مجرد صناعة مالية لتحقيق الربح

مختص: التمويل الإسلامي نظام أخلاقي وليس مجرد صناعة مالية لتحقيق الربح

أكد الدكتور سامي السويلم المختص في المصرفية الإسلامية أن المدرسة التي كانت سائدة في عالم المال والاقتصاد على مدى الـ 20 عاما الماضية هي مدرسة السوق المطلقة، حيث تراجعت التنظيمات والضوابط الحاكمة للأسواق والمنتجات المالية، ومعها تراجعت القيم والأخلاق السلوكية، وارتفعت المديونية بدرجة عالية، وأصبح القمار والرهان هو الأساس لأدوات التعامل مع المخاطر، مضيفا أن الأزمة المالية كشفت عن جوانب كبيرة من الخلل في البناء المالي السائد.
وأضاف السويلم أن الزمان يدور دورته وتتجدد فرص الاستفادة من مشعل الحضارة الإسلامية في مجال التمويل والصيرفة، وهي فرصة للبلاد الإسلامية لتقدم ما عندها وأن تسهم بإيجابية فاعلة في إعادة بناء النظام المالي العالمي بما يحقق الخير والرفاهية للإنسانية جمعاء.
وقال السويلم في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وذلك خلال الملتقى المغاربي الأول للمالية الإسلامية المنعقد أخيرا، إن منطقة المغرب العربي كانت من أوائل المناطق التي عنيت بالمصرفية الإسلامية، حيث احتضنت المنطقة أول مصرف إسلامي عام 1983 باسم بيت التمويل التونسي والذي أصبح اسمه لاحقا بنك البركة تونس، وشهدت مسيرة الصيرفة الإسلامية تحركات إيجابية في السنوات الأخيرة. وأضاف السويلم أنه في ظل هذا المؤتمر الأول من نوعه حول المالية الإسلامية في المغرب العربي فإن هذه المنطقة تملك مقومات عدة لتتبوأ مركزا قياديا في صناعة التمويل الإسلامي، ولكي يتحقق ذلك فمن الضروري أن تستفيد من تجارب التمويل والصيرفة الإسلامية الثرية حول العالم، مضيفا أنه كي يتحقق الدور الريادي لهذه المنطقة فإن الأمر يتطلب إعداد خريطة طريق أو خطة استراتيجية يمكن من خلالها بناء مركز متميز للصناعة المالية الإسلامية بمعايير جودة وثبات عالمية.
وأكد أن الهدف الأول ينبغي أن يكون واضحا من البداية وهو تحقيق التنمية الشاملة والتوظيف ورفع مستوى الرفاه والرخاء في المجتمع، وهذا هو حقيقة التمويل الإسلامي ومقصوده الأساس وهو أن يكون التمويل مساندا وداعما للإنتاج والتبادل وتوليد الثروة.
وأشار السويلم إلى ركني بناء الصناعة على أسس متينة هما الكفاءة والنزاهة، حيث تتطلب الكفاءة بناء رأسمال بشري قوي في مجال التمويل الإسلامي والذي يقوم على مبادئ عميقة وتحميه ضوابط دقيقة، مشيرا إلى أن المنطقة تتميز بارتفاع مستوى التعليم والكفاءات البشرية، وهي مرشحة لتنجح في بناء كفاءات متميزة على نطاق عريض، وعن النزاهة قال السويلم إنها تتطلب تأسيس مبادئ حوكمة رفيعة تحمي قيم الشفافية والعدالة، إذ إن التمويل الإسلامي نظام أخلاقي في الدرجة الأولى وليس مجرد صناعة مالية لتحقيق الربح، ولذا لا بد من وجود نظم حوكمة وقواعد سلوك تجسد هذه القيم الأخلاقية على أرض الواقع.
وأكد السويلم على المبادئ الأساسية التي ينبغي أن يتم التخطيط لبنية الصناعة الإسلامية وهيكلتها عليها، وهي التوازن بين القطاع الربحي وغير الربحي، والتوازن بين التمويل بالدين وبالملكية، والتنويع في بنية الصناعة من خلال تنويع المؤسسات والمنتجات المالية، والدور الجوهري الذي تقوم به مؤسسات تمويل الأعمال الصغيرة من خلال رفع معدلات التوظيف ودعم مجالات الإبداع والابتكار.
وكان الملتقى المغاربي الأول للمالية الإسلامية قد عقد منتصف تموز (يوليو) الماضي في مدينة تونس العاصمة لمدة يومين، وبتنظيم من المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، ومؤسسة ''الكافي'' للاستشارات والتدريب والخدمات المالية الإسلامية، وشركة أمانة للاستشارات، وذلك تحت شعار ''التمويل الإسلامي .. فرص واسعة لمنطقة المغرب العربي''، وأكد الملتقى في ختام أعماله أهمية الصناعة المالية الإسلامية ودورها في تسريع عملية النمو وإيجاد فرص عمل في بلدان المنطقة المغاربية عموما وتونس تحديدا انطلاقا من أن الهدف الأساسي لهذه الصناعة هو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإجابة عن التحديات التي تواجه هذه المجتمعات، كما أكد الملتقى أيضا أهمية التكامل والتوازن والتنوع في مكونات الصناعة المالية الإسلامية مثل صناديق الاستثمار، وأسواق رأس المال، ومؤسسات التمويل الأصغر، وشركات رأس المال المخاطر، والصناديق الوقفية، ومؤسسات التمويل التأجيري، وشركات التأمين التكافلي، إضافة إلى المصارف الإسلامية التجارية والمتخصصة، ودعا المؤتمر الجهات المختصة إلى العمل على إرساء التشريعات الملائمة لجميع مكونات الصناعة المالية الإسلامية.
وبقصد تحقيق هذه الأهداف الأساسية لتطوير الصناعة المالية الإسلامية أوصى المؤتمر بالعمل على تأهيل وتدريب العاملين في المجالات ذات الصلة في مكونات الصناعة المالية الإسلامية في القطاعين العام والخاص، وعقد ورشات عمل تطبيقية متخصصة في مجال المنتجات والخدمات المالية الإسلامية لمعالجة المشكلات العملية والفنية والتطبيقية بقصد إدماج تلك المنتجات والخدمات في المنظومة الاقتصادية، وكذلك الاطلاع على التجارب السابقة في مجال الصيرفة والمالية الإسلامية بمختلف قطاعاتها ودراستها بالشكل الذي يحقق الاستفادة منها، إضافة إلى فتح مكتب إقليمي للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ليتولى تنسيق الأنشطة في مجال الصيرفة والمالية الإسلامية على الصعيد المغاربي والإفريقي والأوروبي متوسطي.

الأكثر قراءة