برامج تدريبية لاستثمار طاقات طلاب المدارس

أثار الدكتور عبد الله إبراهيم المنيف في مقاله المنشور في ''الاقتصادية'' بتاريخ 30 حزيران (يونيو) 2011 بعنوان: ''استثمار طاقات الطلبة والطالبات''، مشكلة العطلة الصيفية بالنسبة للطلاب والطالبات في مراحل التعليم العام والجامعي، وما تشكله من مسؤولية وعبء واضح على الأسرة، يجب التعامل معه بحكمة وبصيرة، حتى تكون العطلة الصيفية بالنسبة للطلاب والطالبات متعة ونشاطا وحيوية، لها مردودها الإيجابي في تعزيز قدرات العقل والانتماء وملء أوقات الفراغ.
أشار الدكتور المنيف في مقاله المذكور، إلى عدد من النماذج التدريبية، التي تقدمها مؤسسات تعليمية محلية خلال العطلة الصيفية للطلاب، بهدف صقل مهاراتهم وتنميتها، والاستغلال الأمثل لأوقات فراغهم، التي من بينها على سبيل المثال، الأندية الصيفية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي يبلغ عددها 35 نادياً في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، والتي تقوم بتقديم برامج تربوية وعلمية وترفيهية للمشاركين فيها من مختلف المستويات العمرية، بهدف تعزيز الانتماء للوطن. هناك أيضاً نموذج تدريبي آخر خلاق ومبدع، تطبقه مكتبة الملك عبد العزيز العامة خلال موسم صيف هذا العام، يزخر بعدد كبير من البرامج التدريبية، التي تستهدف جميع أفراد العائلة من الرجال والنساء والأطفال، لاستغلال أوقات الفراغ في القراءة والاطلاع وتنمية المهارات واكتشاف المواهب.
الغرفة التجارية الصناعية في الرياض من خلال مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة، أطلقت بتاريخ 21 حزيران (يونيو) من العام الجاري بالتعاون مع عدد من شركات القطاع الخاص ومحافظة الدرعية، وبمباركة وزارة العمل، عدداً من برامج التدريب والتأهيل الصيفي لطلاب الصف الثالث الثانوي بعنوان: ''التوظيف الصيفي التكاملي للطلاب بموارد القطاع الخاص لصالح المجتمع''، تهدف إلى تلبية تطلعات المشاركين المرتبطة بتعزيز رصيد خبراتهم، وتمهد لهم خوض غمار الحياة العلمية، من خلال منحهم فرصة الاحتكاك بالقطاع الخاص الذي يشارك في البرامج المختلفة، انطلاقاً من إحساسه بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع وطمعاً في تعزيز صورته لدى المجتمع.
جدير بالذكر، أن برامج التوظيف الصيفي التكاملي، تتكون من عدة مشاريع صممت لتحقق تغييرا ثقافيا واجتماعيا لصالح المجتمع، ويتكون كل مشروع من جزءين، جزء تدريبي يعنى بتعليم المهارات المطلوبة، وجزء آخر تنفيذي يقوم به الطلاب المشاركين في البرامج لخدمة المجتمع في المجال الذي تدربوا عليه.
من بين المشروعات التي تبنى برنامج التوظيف الصيفي التكاملي تطبيقها هذا العام، مشروع التثقيف التقني، ومشروع التثقيف الصحي، وأخيراً مشروع الهوايات والفنون.
مشروع التثقيف التقني، يتم من خلاله تدريب الطلاب المشاركين في البرنامج على أدوات التواصل الاجتماعي، وتدريبهم أيضاً على توصيل المعلومات للغير من أفراد المجتمع خلال فترة الجزء التنفيذي، الذي ينفذ طبقاً لمنهجية تعرف مصطلحاً بـ ''تعلم وعلم''، التي يتم من خلالها تقسيم الطلاب إلى مجموعات، تقوم كل مجموعة بتوصيل المعلومات لفئات في المجتمع عبر عقد الدورات القصيرة واللقاءات والمحاضرات العامة، بهدف تعريفهم بأدوات التواصل الاجتماعي المختلفة بما في ذلك منافعها ومضارها.
مشروع التثقيف الصحي، يتيح فرصة توظيف الطلاب وتزويدهم بجرعة تدريبية مكثفة في رعاية كبار السن والضعفاء والمعوقين ومرضى السكري ومرضى ارتفاع ضغط الدم، ومن ثم تأهيلهم علمياً للقيام بخدمة المجتمع في المجالات التي تدربوا عليها.
لعل ما يميز جميع برامج التدريب الصيفية لطلاب المدارس والجامعات، التي تنفذ في السعودية، أنها تنطلق جميعها من رؤية وطنية مشتركة، تسعى في نهاية المطاف إلى تحقيق أهداف نبيلة وسامية، تتمثل في إكساب الطلاب المهارات المهنية وتهيئتهم لسوق العمل من خلال الممارسة الميدانية، وزرع أخلاقيات العمل لديهم، قبل التحاقهم الفعلي بسوق العمل، بما في ذلك تأهيلهم للتعامل مع تحديات الحياة العملية، الأمر الذي سيسهم بفاعلية في بناء كوادر وطنية قوية للعمل في السوق مستقبلاً.
ما يميز أيضاً البرامج الصيفية، أنها تتيح الفرصة لشركات القطاع الخاص، اكتشاف المواهب الإدارية والقيادية للشباب الذين سيلتحقون مستقبلاً بسوق العمل، واستقطابهم لدى تخرجهم في الجامعات والكليات والمعاهد، ولا سيما أن معظم برامج التدريب الصيفية يشارك فيها القطاع الخاص سواء من خلال التوظيف المؤقت أو عبر التدريب والتأهيل وتقديم النصح والمشورة، كما أن مشاركة شركات القطاع الخاص في مثل تلك البرامج، سيعزز من قيمتها الاجتماعية باعتبارها تشارك في تلك البرامج من منطلق الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه أفراد المجتمع.
جدير بالذكر أن وزارة العمل تدعم بقوة البرامج المرتبطة بتدريب وتأهيل الطلاب خلال فترة الإجازة الصيفية وتوظيفهم، لكون تلك البرامج تعمل إضافة إلى إكساب الطلاب المهارات العلمية والعملية، التي تؤهلهم للعمل في السوق، فهي تساعدهم أيضاً على تنمية وتطوير مهاراتهم وقدراتهم الشخصية.
خلاصة القول، أن برامج التدريب الصيفية الموجهة لطلاب المدارس والجامعات، تعد من بين أفضل الوسائل لتطوير قدرات الطلاب وإكسابهم المعرفة بمجالات عمل القطاع الخاص المختلفة، مما يتطلب توفير الدعم الحكومي اللازم لإنجاحها، وتوفير حوافز للشركات المشاركة في البرامج لكونها تسهم في بناء جيل واعٍ ونافع لذاته ولوطنه، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي