ارتفاع حالات الانتحار في أوروبا بفعل الأزمة المالية والبطالة
يمكن أن يكون الاضطراب المالي الذي تسبّب في تضخم طوابير العاطلين عن العمل في أوروبا، هو المسؤول عن تنامي عدد حالات الانتحار.
قال علماء يدرسون الصلة بين التباطؤ الاقتصادي والبطالة ومعدل الوفيات خلال العقود الثلاثة الماضية، إنه بنظرة أولية لبيانات عام 2009 يتضح أن حالات الانتحار زادت في تسع دول أوروبية خلال العام التالي على بداية الأزمة المالية.
وذكرت وكالة أنباء بلومبيرج الاقتصادية الأمريكية، أن تعليقات أولئك العلماء تم نشرها، أمس، في مجلة "ذي لانسيت" الطبية.
قال أحد العلماء في مقابلة إن اليونان وإيرلندا، اللتين كانتا الأكثر تضرراً من الأزمة المصرفية عام 2008 ومشكلات الديون السيادية، شهدتا أكبر زيادة في معدلات الانتحار.
وقال: "إن البيانات تشير إلى أن مشكلات التوظيف تسبّبت في انتشار حالة من اليأس على نطاق واسع".
قال ديفيد ستوكلر الأستاذ بجامعة كامبريدج إن "حالات الانتحار هي مجرد غيض من فيض بالنسبة لزيادة حالات الاكتئاب.. إننا نشهد بوادر أزمة في الصحة العقلية".
كتب ستوكلر في مقالة بمجلة "لانسيت" عام 2009 بعد أن جمع بيانات من 26 دولة خلال أكثر من ثلاثة عقود، إن كل زيادة تبلغ 1 في المائة في معدل البطالة ترتبط بزيادة نسبتها 0.8 في المائة في حالات الانتحار من جانب من هم أقل من 65 عاما.
وقال "إن تزايد معدل البطالة يرتبط أيضا بارتفاع معدلات الجريمة، وانخفاض الخسائر البشرية في حوادث الطرق".
قال ستوكلر وزملاؤه إنهم لاحظوا "اتجاهاً نزولياً بشكل مطرد" في معدلات الانتحار في الأعوام السابقة على عام 2007 والتي "ارتدت بشكل مفاجئ جدا" بعد أن قفزت البطالة إلى نحو 35 في المائة في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في الفترة من عامي 2007 و2009.
قالت "بلومبيرج" إن معدل البطالة في اليونان تضاعف تقريباً إلى 16.2 في المائة منذ عام 2008.
وقال ستوكلر إن حالات الانتحار زادت بنسبة 19 في المائة ليصل إجمالها إلى 391 حالة في الفترة المذكورة.
ووافقت الحكومة، الأسبوع الماضي، على خفض الإنفاق بمقدار 78 مليار يورو (112 مليار دولار) من أجل الحصول على الشريحة الخامسة من حزمة الإنقاذ الدولية التي تستهدف خفض تكاليف الإقراض في بلد قد ترتفع فيه الديون إلى 158 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وفقاً لتوقعات الاتحاد الأوروبي.
وفي إيرلندا ارتفع عدد حالات الانتحار 15 في المائة خلال الفترة نفسها إلى 527 حالة بعد أن زادت البطالة بنحو ثلاثة أمثال منذ الربع الأول من عام 2008.
ويبلغ معدل البطالة حاليا في إيرلندا 1 .14 في المائة، إذ تعمل الحكومة على تقليص عجز موازنتها.
وأصبحت البلاد ممنوعة من دخول أسواق الائتمان بعد أن أصبح المستثمرون قلقين من تكلفة إنقاذ قطاعها المصرفي.
قال ستوكلر إنه "بقدر حجم التخفيضات التي يتم النظر فيها حالياً لخدمات الصحة العقلية وبرامج إعادة التأهيل الوظيفي، ستكون هناك إمكانية حقيقية من أن تلك الإجراءات يمكن أن تفاقم من المخاطر".
ونقلت "بلومبيرج" عن العلماء قولهم إن النمسا كانت الدولة الوحيدة التي فيها عدد أقل من حالات الانتحار من بين عشر دول تم الحصول على بيانات عنها عام 2009. وقالوا إنه في كل دولة أخرى، زاد عدد حالات الانتحار بنسبة 5 في المائة على الأقل.
ووفقاً لدراسة نُشرت العام الماضي من منظمة "ميند" الخيرية للصحة العقلية، ومقرها لندن، فإنه منذ بداية التباطؤ الاقتصادي عام 2008، بدأ نحو 7 في المائة من أكثر من ألفي عامل شملتهم الدراسة في إنجلترا وويلز في تعاطي أدوية لعلاج الاكتئاب "لمشكلات ناتجة بشكل مباشر من ضغوط الركود على أعمالهم" مثل عدد ساعات عمل أطول وتراجع الروح المعنوية.
وظل معدل البطالة في بريطانيا فوق مستوى 5 .7 في المائة لمدة بلغت نحو عامين مقارنة بمعدل بلغ 5 .5 في المائة في كانون الثاني (يناير) من عام 2007، وفقاً للمكتب البريطاني للإحصاء الوطني.
ووفقاً لمتوسط تقديرات 12 خبيراً اقتصادياً استطلعت "بلومبيرج" آراءهم، فمن غير المرجح أن يتراجع معدل البطالة في بريطانيا دون مستوى 7.5 في المائة قبل عام 2013.