جوبا السمراء.. أحدث عاصمة في العالم ومنازلها من الصفيح
أحدث عاصمة في العالم ليست سوى بلدة أنهكتها الحرب، معظم منازلها من الصفيح، تفصل بينها طرق غير معبدة ويتفرق سكانها بمحاذاة ضفاف النيل الأبيض.
يقول وليام دينج، العامل في البناء "ربما جوبا ليست واشنطن ولا لندن، ولا حتى الخرطوم أو كمبالا أو نيروبي غير أنها عاصمة بلدي الجديد، وأنا فخور بها!".
ولوليام محل تجاري في أحد الدروب الضيقة في سوق كونيو- كونيو الرئيس في جوبا التي خلفتها عقود من الصراع في حالة من الدمار الشامل، فضلا عن العنف الذي دفع بأهلها شأنهم شأن الغالبية الساحقة من الجنوبيين للتصويت بالانفصال عن الشمال، حيث من المقرر إعلان الاستقلال الرسمي السبت. ويقول دينج "نحن بلد وليد نبدأ من العدم، ولكننا سنبني وطننا" ملوحا للمارة بالدرب المكتظ بالتجار.
لقد تدفق على جوبا خلال السنين الأخيرة التجار والباحثون عن العمل أملا في الكسب من أموال المساعدات والنفط، سواء كانوا من الجنوبيين من نازحي الحرب الذين أخذوا في العودة إلى ديارهم أو من جيرانهم في المنطقة.
يقول إسماعيل حسين وهو بائع خضر من أوغندا المجاورة "التجارة هنا جيدة وأحقق كسبا لا أحققه في بلدي". ويضيف ولسون أولو المهندس الكيني للهواتف المحمولة "لا شك أن هناك صعوبات في العمل ولكن ثمة فرصا هنا لتحقيق كسب جيد". ولكن جوبا بالأساس ملاذ للاجئين من بلدان قريبة الباحثين عن ديار جديدة هربا من العنف أو الاضطهاد.
فالبلدة الجنوبية تضم صوماليين هربوا من الحرب وإريتريين لاذوا بها من حكم مستبد في بلادهم ومن تجنيد إجباري طويل الأمد، فضلا عن كونجوليين دفعهم المتمردون في بلادهم لعبور الحدود بحثا عن حياة أفضل. ويقول روبل أبرهة وهو تاجر من إريتريا "فرص التجارة جيدة هنا. هذا لا يتوافر لدينا البتة في بلادنا". ويضيف يوسف سيد "جوبا أفضل بكثير من مقديشو"، وهو تاجر من العاصمة الصومالية التي أتت عليها الحرب، مضيفا أن "الأرباح جيدة، وإن كانت أصعب أحيانا مما توقعت". لقد اشترى سيد محلا على زاوية الطريق من تاجر سوداني شمالي باع تجارته عائدا للشمال خوفا من العنف خلال تصويت الجنوب للاستقلال عن الخرطوم.
غير أن هناك الكثيرين من الشماليين ممن آثروا البقاء ولا يريدون العودة إلى الشمال الذي سيصبح قريبا بلدا أجنبيا. يقول محمد نمير من دارفور "أتينا هنا بسبب الحرب في بلادنا"، حيث ما زال الصراع مستمرا منذ ثماني سنوات بين القوات الحكومية والمتمردين رغم جهود قطرية للوساطة. "أتمنى العودة يوما إلى دارفور، ولكن إلى أن أضمن أنها غدت آمنة لأسرتي فإن جوبا هي مكان كسب العيش لنا".
ولا تزال جوبا تفتقر إلى البنية الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والمياه وأنظمة الصرف الصحي التي يعتمد عليها. ومع ذلك فقد طرأت عليها تغييرات كبيرة منذ نهاية الحرب قبل ست سنوات.