القطاع الخاص الخليجي يستوعب 10 ملايين عامل أجنبي ويدير تريليوني دولار والبطالة تتفشى في الخليجيين
ذكرت ورقة عمل قدمتها غرفة الرياض أمام اللقاء الثاني لمسؤولي الموارد البشرية وسوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي الذي استضافته إمارة الشارقة في الإمارات في أيار (مايو) الماضي أن توظيف العمالة الخليجية غير المواطنة بالقطاع الخاص الخليجي لم يصل بعد إلى مستوى الطموحات، ورأت أن أعداد العاملين بالقطاع الخاص بدول المجلس لا يزال ضئيلاً رغم المساواة في العمالة بالقطاع الخاص الخليجي.
ولفتت ورقة غرفة الرياض التي ألقاها خالد القحطاني مدير مركز التوظيف والتأهيل المهني بالغرفة أمام اللقاء الذي عقد بعنوان: ''تحديات الموارد البشرية وسوق العمل بدول مجلس التعاون الخليجي'' إلى وجود العديد من العقبات التي تقف حجر عثرة أمام قيام القطاع الخاص الخليجي بدور فاعل في دعم سوق العمل الخليجي، من أهمها تفضيل القطاع الخاص توظيف العمالة الوطنية نتيجة وقوعه تحت عامل ضغط يتمثل في التزامه بنسب توطين معينة.
وأضاف القحطاني أن العمالة الخليجية غير المواطنة تواجه كذلك منافسة غير متكافئة بين العمالة الخليجية الوطنية بكل دولة، وبين العمالة الوافدة الأجنبية، فإذا كانت العمالة الخليجية المطلوب توظيفها في القطاع الخاص الخليجي في غير دولها تمتلك حقوق العمالة المواطنة، وتلك تشكل ميزة لها، إلا أنها تقف في الوقت نفسه في موقع العمالة الوافدة وهو ما يحرمها ميزة حقوق العمالة المواطنة.
وأوصت الورقة في هذا الخصوص بضرورة وضع تشريعات واضحة لتوظيف العمالة الخليجية غير المواطنة في دول المجلس الأخرى، دون الاكتفاء بمجرد إقرار المساواة في المعاملة، مع ضرورة النظر في إعطاء مزايا تفضيلية للمنشآت التي توظف عمالة خليجية من غير مواطنيها، أو على الأقل النظر في كيفية الوفاء بالتزامات المساواة في المعاملة التي تترتب على توظيف الخليجي، في ظل التزامات المنشأة بتوظيف مواطنيها.
واقترحت الورقة كذلك النظر في وضع نسبة معينة تلتزم بها المنشآت الخليجية (الكبرى على الأقل) في تعيين مواطنين خليجيين من غير مواطنيها، وخاصة الشركات التي لديها تعاملات خليجية بينية واسعة، إضافة للنظر في اقتراح إقرار مزايا تفضيلية بينية متبادلة بناء على اتفاقيات ثنائية يمكن أن تتحول إلى جماعية فيما بعد بهدف تنشيط توظيف العمالة الخليجية بين دول المجلس.
ورأت ورقة عمل غرفة الرياض مشكلة البطالة في دول المجلس بأنها تشكل أخطر الأزمات التي تواجه هذه الدول، لافتة إلى أن المشكلة لم تعد قاصرة على الشباب غير المتعلم أو ذوي التعليم المتوسط الكفاءة، بل امتدت إلى ذوي الشهادات العليا، وذلك بالرغم من السياسات والخطوات التي تبنتها دول المجلس منفردة ومجتمعة لمجابهة المشكلة، إلا أنها بقيت في التزايد وبمعدلات ملحوظة.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن القطاع الخاص الخليجي يستوعب حالياً أكثر من عشرة ملايين عامل أجنبي، ويدير استثمارات محلية وخارجية تتجاوز تريليوني دولار، إلا أن الكثير من العمالة الخليجية القادرة على العمل تعاني من البطالة، في ظل ارتفاع معدلات النمو السكاني في هذه الدول، مع زيادة نسب الفئات الشابة الطالبة للتوظيف، مع محدودية قدرة القطاع الحكومي الخليجي على استيعاب الخريجين وطالبي التوظيف، بينما تنعقد الآمال على منشآت القطاع الخاص في إيجاد حلول عملية لهذه المشكلة ودعم سوق العمل الخليجية المشتركة.
ودعت الورقة إلى أهمية العمل الجماعي الخليجي لمجابهة مشكلة البطالة، والتخلص من تداعياتها السلبية على المجتمعات الخليجية، وخصوصاً الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، والتي تقود إلى تزايد معدلات الجريمة والانحراف، وانعدام الاستقرار الاقتصادي للأسرة، والعزلة الاجتماعية للعاطل، فضلاً عن ضعف الإنتاج، ورصدت الورقة أعلى معدلات البطالة في الإمارات وقدرتها بنسبة 13.8 في المائة تليها المملكة بنسبة 10.5 في المائة أي ما يمثل 440 ألف مواطن وفق إحصاءات 2008، ثم عمان 6.7 في المائة.
ورأت ورقة عمل غرفة الرياض أنه رغم أن القطاع الخاص الخليجي أصبح فاعلاً بعد اكتمال خطوات التكامل بين دول المجلس والسماح بانتقال العمال ورؤوس الأموال، والمساواة في حقوق العمالة، إلا أنها اعتبرت أن حجم إنجازاته في سوق العمل ما تزال متدنية، مستشهدة بعدد العاملين الخليجيين الذي ما يزال ضئيلاً بالقطاع الخاص الخليجي باستثناء مواطني الدولة، حيث لم يتجاوز العدد 20 ألف عامل، مما يثبت أن حقيقة حرية انتقال العمالة المواطنة بالقطاع الخاص الخليجي لم تحقق المأمول منها.
وأرجعت الورقة ضعف دور القطاع الخاص الخليجي في استيعاب العمالة الخليجية المواطنة إلى جملة من العوامل والصعوبات من بينها اعتماده في جزء كبير على عمالة غير ماهرة وبمستويات أجور متدنية في مهن متدنية ذات طبيعة غير مقبولة أو مرغوبة لدى العمالة الخليجية، كما أن القطاع الخاص الخليجي ما زال ينأى بنفسه عن العمالة الخليجية لأنها تطالبه بحقوقها كاملة سواء بالنسبة للمزايا أو التعويضات أو البدلات وغيرها، وهو ما تعجز كثير من منشآت القطاع الخاص ـــ وخصوصاً الصغيرة أو المتوسطة أو حديثة التأسيس ــــ أن تتيحه في الأوقات كافة.
وتضيف الورقة أن توظيف العمالة الخليجية بمنشآت القطاع الخاص الخليجي لا يزال يرتكز على قرارات عاطفية تقوم على ضرورة الأخذ بمبدأ تفضيل المواطن الخليجي أكثر منها قرارات تركز على الخبرة والمهارة، وحيث تفضل هذه المنشآت العامل ذي الخبرة الأقل بأجر منخفض، على العامل الأعلى خبرة بأجر مرتفع، لتقليل التكلفة، إضافة إلى أنها تفضل استيعاب أكبر عدد من مواطنيها لأنها تسجلهم ضمن النسبة المقررة عليها في مجال توطين الوظائف، بينما توظيف العمالة الخليجية لا تستفيد منه في احتساب نسب التوطين المقررة عليها.