مكتبة عبدالكريم البابطين تضم أول كتاب عربي مطبوع في العالم
ربما لا يعرف الكثيرون شيئا عن كتاب "مختصر نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" للعلامة الرحالة الجغرافي أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس الصقلّي المتوفى سنة 550هـ/1165م والمعروف بالإدريسي.
ولكن المعلومة التي يجب أن يعرفها كل مثقف هو أن هذا الكتاب قد طبع في مطبعة مديتشي (Medicea) في روما بإيطاليا سنة 1592م، ليكون بذلك أول كتاب عربي كامل طبع على ورق الكتان. حيث يعد ذلك العام هو تاريخ بداية طباعة الكتب العربية أي منذ أكثر من 415 سنة ولم يبق من هذا الكتاب سوى إحدى عشرة نسخة في العالم. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية والألمانية واللاتينية وطبعت منه باللغة العربية ملخصات وخرائط منها "صورة الأرض".
وبالنظر إلى الرأي الثقافي العام تجاه فكرة الاهتمام بالمخطوطات النادرة والعناية بها وإهدائها للمكتبات العامة فإنه يتجه إلى اعتبارها تحررا لهذه الكنوز الأدبية من أحبار المخطوطات إلى أحبار المطابع وانعتاقها من المكتبات الخاصة وخزائنها المغلقة إلى جميع أرجاء المعمورة وليكون في متناول الناس على اختلاف مشاربهم وأماكن تواجدهم. فيما يعتبر مثقفون أن المكتبات التي تعنى بالمخطوطات والكتب التراثية تقدم خدمة جليلة يصل مداها إلى كل الباحثين بالثقافة العربية في العالم الإسلامي والعالم أجمع.
كتاب الإدريسي الذي تحدثنا عنه سابقا موجود في مكتبة عبدالكريم بن سعود البابطين في الكويت بجانب عدد كبير من نوادر كتب التراث العربي والإسلامي من علوم الدين والأدب والشعر والعروض والفقه والتفسير والأنساب والطب والأحياء والفلسفة والأساطير والتاريخ والجغرافيا والرحلات وغيرها. حيث يتضح أن كثيرا من الجهد والمعاناة كانا وراء جمع هذه المكتبة التي تحتوي على من نوادر الإرث الإنساني التي تم شراؤها بأثمان باهظة قبل أن يتم نقلها وتصنيفها ومعالجتها وتجليدها، ومن ثم إعتاق تلك الكتب من ظلمات خزائن المكتبات الخاصة إلى أرفف المكتبات العامة لترى النور ويراها ويستفيد منها الناس على اختلاف مشاربهم وأماكن وجودهم.
#2#
في جانب آخر، كانت إدارة "مكتبة البابطين المركزية" بالكويت بدأت بإصدار سلسلة مجلدات سيبلغ عددها 35 مجلدًا للتعريف بنفائس المكتبة بعنوان "مكتبة عبد الكريم سعود البابطين : نوادر النوادر من الكتب" وقد صدر من هذه السلسلة عدد من المجلدات الفاخرة الطباعة الملونة.وفي هذا الإطار يقول الباحث الدكتور عبدالعزيز بن لعبون : بجانب أن هذه السلسلة هي أيسر دليل للتعرف على تلك النوادر والاستفادة منها وخير توثيق لمحتويات المكتبة من كتب التراث العربي الإسلامي، هي معلومات قيمة حول تلك النفائس بمختلف فنونها ومؤلفيها ومترجميها وأماكن وسنوات ونوعية طبعاتها.
فمن هذه الكتب ما طبع في القرن التاسع عشر الميلادي ومنها ما طبع طباعة حجرية بطبعات عربية وأوروبية مختلفة وبعضها بترجمات بلغات عدة منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واللاتينية ومحققة وبعضها مؤلفة من قبل مستشرقين مشاهير من أمثال بروكلمان وفنسنك ودي ساسيه وكوزيجارتن.لقد جاءت سلسلة "نوادر النوادر من الكتب" كعنوانها من حيث استعراضها لتلك الكتب النادرة بطريقة شيقة وعملية، فبجانب صورة الغلاف الملونة للكتاب النادر كتبت حوله نبذة تبدأ بعنوانه واسم مؤلفه أو محققه وبلده وسنة ميلاده ووفاته وما إلى ذلك ومعلوماته مختصرة حول الكتاب وسنة ومكان طباعته، والكتب وردت مرتبة ترتيباً زمنياً حسب زمن طباعتها.
واعتبر بن لعبون أن ما حوته "خزانة البابطين الأدبية" من المخطوطات والوثائق والكتب والدوريات سواء ما كان منها في الرياض في "مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة" أو في الكويت في "مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي" يمثل دعما للثقافة في العالم العربي ومنهل مفيد للباحثين والدارسين ثقافياً وأكاديمياً.