الإعلام الخليجي .. إلى أين يتجه؟
إصلاح البنية والبيئة الإعلامية الخليجية.. هل هو ضرورة لاستكمال العمل الخليجي الكبير القادم؟
أيضا، هل الإعلام في دول المجلس يعمل بانسجام مع المصالح العليا لدول المجلس؟
هذه من الأسئلة الحيوية التي تدور حول الإعلام الخليجي، وهي ضرورية للنقاش مع التوجه الواضح لإعادة الحيوية للعمل الخليجي الموحد.
ثمة جوانب وجودية تمس الإعلام في دول المجلس، ومنها ما قد أصبح من الأمور الظاهرة الآن، وهو خضوع وسائل الإعلام المؤثرة في الناس لسيطرة تجمعات تجارية وسياسية. فمثلا هناك فئة معروفة تسيطر على صناعة الإعلان والعلاقات العامة الكبيرة، وهذا مكنها من توجيه محتوى الإعلام، بالذات التلفزيون، حيث حولته إلى محتوى هابط يروج للثقافة الغربية ويستهدف الشباب بالدرجة الأولى ويقدمهم على أنهم نجوم للفن والرياضة فقط.
هذه الجهود المنظمة المستمرة سوف تؤدي لإيجاد انفصام ثقافي بين هذه الأجيال وبيئتها الأصلية لا يخفى عليكم أثره.
كما تسيطر هذه الفئة على مدخلات البنية المالية والإدارية من خلال سيطرتها على كل المعلومات المتعلقة بالإيرادات المالية ومعلومات الانتشار الإعلامي، وهذا اختراق يتم بغفلة من القائمين على مؤسسات الإعلام الخليجية، فهؤلاء يهمهم بالدرجة الأولى الأرباح المالية، أما المصالح القومية والوطنية ومدى الخلل الذي يصيب البنية النفسية والاجتماعية وخطورة الاغتراب الثقافي للشباب، فهذه أمور لا تدخل في حساباتهم. أهدافهم تجارية بحتة، وربما لا يلامون بشكل كبير على هذه التوجهات.. التي تلام بشكل أساسي هي الحكومات المسؤولة عن تحقيق الانسجام والتوافق بين الأهداف القومية الوطنية ومصالح المؤسسات والتجمعات التجارية الإعلامية.
والأخطر أن هناك تغلغلا من الفئة نفسها في الإعلام الخليجي يوجه المحتوى السياسي الإعلامي، سواء عبر الإدارة المباشرة لمؤسسات إعلامية تخدم بالدرجة الأولى المصالح الإيرانية، أو عبر المشاركة في إدارة الأخبار وإنتاج البرامج الهابطة، بالذات في القنوات الفضائية.
هذه غفلة خليجية كبرى وتكشف عن حالة الانفصام بين أهداف الدول وأهداف ومصالح هذه الفئات في الإعلام الخليجي.
إن التواجد البشري الخليجي في هذه الصناعة الحيوية ضعيف، بل مخجل في قطاع حساس للأمن الوطني الخليجي، وأيضا ثري بالفرص التجارية وفرص العمل للخليجيين.
قد لا تلام الناس على عدم تواجدها القوي في الصناعة بالشكل الذي يخدم مصالحها ومصالح الدولة، فالملام هنا الوزارات الحكومية وهيئات صناعة القرار الأمني الوطني، فهي التي يفترض أن تتدخل وتفرض إرادة الدولة والمجتمع عبر إصلاح القطاع.
ولكن السؤال: هل الوزارات المعنية بالإعلام والثقافة في دول المجلس تعرف عن المشكلة؟ أشك في ذلك!
هل مؤسسات صناعة القرارات الوطنية الكبرى تعرف عن دقائق الصناعة ومدخلاتها ومدى الخلل الهيكلي البنيوي ومدى سيطرة غير الخليجيين عليها؟
أشك في ذلك!