تسلق «جبال الجليد» متعة تختلط بالحذر .. والأوكسجين يتناقص في مرتفعاتها
هناك فوق الأعالي، حيث الابتعاد عن الضوضاء والمرور ومشاق اليوم، حيث الاستمتاع بالمشهد الرائع في هدوء ودعة، والإحساس بجسدك مرة أخرى، وتذكر ذلك الشعور الذي ضاع وأهمل في غياهب روتين العمل.
تلك هي المشاعر التي تجذبك للقيام بنزهة إلى أعلى نحو قمم الجبال، وللتمتع بها، فإنك لست بحاجة إلى أن تكون متسلق جبال ماهرا. ومن واقع خبرته يقول مانويل أسباتش :''إن جسدك يمكنه فعل ما هو أكثر بكثير مما تعتقد''. لقد نجح ذلك الشاب (31 عاما) الذي يعمل مستشارا في إحدى المؤسسات، في محاولته الثانية لتسلق أعلى قمم أوروبا، قمة جبل ''مونت بلانك'' التي يبلغ ارتفاعها 4810 أمتار.
الشاب تمكن أيضا من تسلق قمم أخرى عالية ، مثل جروس فينيدجر(3666 مترا) وجروس لوكنر (03798 مترا) وكلتاهما في النمسا. يقول أسباتش''أردت في مرحلة ما تسلق بعض الجبال الأعلى ارتفاعا من تلال الألب.الأمر يتعلق بالبحث عن التحدي''. بعد ثلاثة آلاف متر تشعر بالارتفاع مع كل خطوة. عندما تقل نسبة الأوكسجين في الهواء ويصبح التنفس أكثر صعوبة. لكن بعد بلوغ القمة تستشعر جمالا ومتعة خاصة عندما تجلس لتناول وجبة الغذاء التي أحضرتها معك، عندما تدرك أن ما أنجزته لتوك، أن تعرف أن مهاميز تسلقك تحفر في جليد تراكم منذ آلاف السنين. لكن الرحلة الأولى بين الجبال الجليدية تتطلب استعدادا جادا، فالجليد قد يكون خطيرا أيضا، ويجب عليك أن تكون على دراية بكيفية التعامل مع المواقف الحرجة، كما ينبغي أن تتزود بمعدات خاصة، وأن تعرف جيدا كيفية استخدامها.
لقد تسلق كارل شراج، أحد الخبراء في هذا المجال، فالرجل البالغ من العمر ستين عاما مرشد تسلق، وهو في الوقت نفسه رئيس طاقم التدريب في اتحاد متسلقي جبال الألب الألمان ''دي أيه في''، أول قمة جليدية وهو بعد في السابعة عشرة من عمره.
يقول شراج :''بدنيا يمكن للمرء أن يتعامل مع الفكرة.إذا كنت تستطيع القيام بنزهة تستغرق يوما على الأرض المسطحة أو عند أطراف تلال الألب دون أي مشكلات، فبإمكانك أيضا أن تقوم بجولة عبر الجبال الجليدية''. لكن يجب على المرء في البداية الحصول على المعدات المناسبة ، فمن دون مهاميز التسلق ومعاول التسلق لا ينبغي أن يفكر حتى في الخروج لتسلق جبل جليدي، إذا كان السطح مغطى تماما بالجليد، فلا غنى عن زوجين من الأحذية ذات الرقبة المزودة بمهاميز يبلغ طولها ثلاثة سنتيمترات.
ويحذر شراج من أن مهاميز التسلق لا تناسب كل الأحذية للأسف. قاعدة أخرى مهمة هي عدم الخروج في جولة تسلق جليدي وحدك مطلقا، يجب على المرء التحرك في فريق يربط بين أفراده حبل واحد، تفصل كل منهم عن الآخر مسافة عشرة أمتار. عندما يكون الفريق مكونا من مبتدئين، فيجب أن يربط كل مجموعة تتكون من ثلاثة إلى خمسة أشخاص حبل واحد متصل بحزام التسلق، وإذا ما انزلق واحد منهم وسقط في شق أو أخدود في الجبل ـ وهي أسوأ أنواع المخاطر في جولة كهذه ـ يستطيع الآخرون أن يمسكوا به وأن يسحبوه للخارج مجددا. يجب أيضا ممارسة كل تقنيات السلامة، في ألمانيا يقدم كل مكتب وإدارة تابعة لـ ''دي أيه في'' دورات تدريبية، ويستطيع غير المنتسبين للاتحاد الاستعانة بمرشد تسلق محلي، أو حجز دورة تدريبية في ''سميت كلوب'' مدرسة تعلم التسلق التابعة للاتحاد.