طلقة تحذير لزعماء أمريكا

طلقة تحذير لزعماء أمريكا

طلقة تحذير لزعماء أمريكا

قرار وكالة التصنيف الائتماني ستاندار آند بورز وضع الولايات المتحدة في المنظور السالب، نزل برداً اقشعرّت له الأسواق. وهذا يعكس الإثارة الكامنة في التصريح أكثر مما يعكس ما يتضمنه من معلومة جديدة.
نظرياً، وكالات التصنيف الائتماني مفيدة للمستثمرين الفاقدين للقدرة الذاتية على تحليل السندات الغريبة أو الغامضة. لكن الوكالات فشلت في هذا الدور بغفلتها عن مخاطر منتجات ائتمانية مهيكلة خلال الطفرة الأخيرة. وبالنسبة لسندات الخزانة الأمريكية، الأكثر سيولة وشفافية في الأوراق المالية عموماً، من الصعب أن نرى السبب في ألا يحظى حتى التحليل المتماسك لها، من قبل وكالات التصنيف، بأي اهتمام.
ما من أحد لديه أدنى اهتمام بما يدور في واشنطن يحتاج إلى تحديثات ستاندار آند بورز ليعرف منها أن الساسة الأمريكيين لن يتمكنوا من الاتفاق على الكيفية التي بها جعل المالية العامة في وضع سليم. هناك حكومات أخرى عديدة تعاني مشاق الركود ومتطلبات الإنفاق مستقبلاً بالنظر إلى السكان. لكن المشكلة الأمريكية تتفاقم بتوليفة الطيش المالي المتوارث والانقسام العميق وفق الخطوط الحزبية، المفضية إلى الشلل.
ومن الصعب تذكر أن الولايات المتحدة كانت على درب مالي واعد في التسعينيات. لكن طفرة عام 2000 تبددت بالتخفيضات الضريبية، والحروب، والتزامات الإنفاق التي جعلت المحفظة العامة في حالة يُرثى لها مع الأزمة. ولأن الولايات المتحدة لم تسمح بأن تحول العجوزات الضخمة دون المحفزات المالية، تمكنت بذلك من جعل الانكماش أقل عمقا مما كان يمكن أن يكون بخلاف ذلك. لقد كان ذلك هو الأمر الصائب الذي ينبغي فعله، لكن الدين المتزايد بسرعة الذي ترتب على ذلك يجب معالجته في وقت قريب.
لا توجد بارقة تدل على اتفاق على شروط صفقة ذات معنى: إنفاق أقل، ضرائب أكثر، وإصلاح لتوسيع القاعدة الضريبية وسد الثغرات. فالديمقراطيون والجمهوريون، جميعهم، يبدون تقديراً متعاظماً لقواعدهم. والحل الوسط أمر من الصعب دائماً التوصل إليه في واشنطن، لكن قدوم ممثلي حزب الشاي إلى المدينة فاقم الوضع السيئ أصلا. فلكونهم أقل تشددا بشأن العجز، يبدون مستعدين بالكامل لدفع البلاد نحو شفا الهاوية من أجل تخفيضات في الإنفاق من شأنها إخافة معظم الأمريكيين.
لكن المستثمرين يعانون هواجس أكثر حدة من العجز الأمريكي عن السداد. وبدلاً من نكوصها عن سداد دينها، فإن الولايات المتحدة ربما تختار الخروج عبر بوابة التضخم. ومع عدم وجود خيار سوى رفع أسعار الفائدة، لا تحتاج السندات إلى مخاطر سياسية كي تبدو غير جذابة. مع ذلك، فإن ستاندار آند بورز تستثير مخاوف عظيمة بشأن الورقة المالية المرجعية في العالم. فالنتائج، كما هي على الدوام، سيتم الشعور بها بقوة أكبر في أماكن أخرى. في هذه الأثناء، ينبغي أن تُقرّب طلقة تحذير ستاندراد آند بورز بين الزعماء الأمريكيين.

الأكثر قراءة