اقرأ الوثيقة
لا شك أن صناعة التأمين تساعد عملاءها (أفرادا ومنشآت) على التقليل من المخاطر التي يواجهونها جراء نشاطاتهم اليومية، وتزيد من فرصة استخدام رأس المال في نشاطات استهلاكية أو ربحية عوضاً عن الادخار لمواجهة المخاطر المحتملة. كما أنها تعد إحدى أذرع القطاع المالي في الوطن عن طريق تجميع الدفعات التأمينية وإعادة تدويرها داخل الاقتصاد على شكل استثمارات في حالة الربحية. ولكن للقطاع التأميني فوائد أخرى قد لا تكون جلية وواضحة من الوهلة الأولى. وأقصد بذلك مساعدة العميل على تحديد وتقليل المخاطر. فعند النظر لوثائق التأمين نجد أن كل وثيقة توجد بها اشتراطات تلزم العميل بعمل فعل معين، أو تلزمه بعدم عمل فعل معين طوال فترة سريان الوثيقة مثال على ذلك:
- التأكد من الصيانة الدورية لأجهزة إطفاء الحريق في وثائق الممتلكات.
- اشتراط الحفر في قطاعات محدده مسبقاً بدلاً من القيام بعملية الحفر الكامل في بداية المشروع في الوثائق الهندسية.
- وجود شخصين على الأقل عند نقل الأموال النقدية كما في وثيقة النقود.
يتضح من الأمثلة السابقة أن العميل ملزم بالقيام بإجراءات إدارية تحوطية معينة في أثناء قيامه بأنشطة أعماله المعتادة، وقد تترتب على ذلك زيادة في المصروفات، ومن ثم التكلفة الإجمالية لنشاطه، ما يجعل وجود اشتراطات في الوثيقة التأمينية أو غير مرغوب به عند بعض العملاء.
ولكن إذا نظرنا لهذه المسألة بموضوعية نجد أن هذه الاشتراطات توضع من قبل الشركات من أجل تقليل الخطر الناتج من نشاط العميل، وهذا الأمر قد يصب في مصلحة شركات التأمين، ولكن هذا لا يعني أنها ليست في مصلحة العميل أيضاً؛ لأن هذه الاشتراطات وضعت وطورت عبر الزمن على أساس الخبرات السابقة والمتراكمة لتعكس الأساليب الوقائية الأفضل لمعالجة الأخطار التي تتعرض لها المنشأة، التي قد يتقاضى عنها العميل بسبب تركيزه المستمر على الربحية، فهي بذلك تعد جزءا من عملية إدارة المخاطر التي يجب أن تقوم بها المنشأة بغض النظر عن وجود التأمين من عدمه؛ لأن تقليل المخاطر يخدم استمرارية العملية الإنتاجية دون انقطاع، فتوقف أعمال المنشأة بسبب طارئ قد يحملها خسائر قد لا توجد لها تغطية تأمينية أصلاً أو قد يتسبب في خسائر أعلى من حدود التعويض المنصوص عليه في الوثائق. مثل اتجاه عملاء المنشأة إلى منافسين آخرين في حالة انقطاع أعماله أو تأثر صورة العميل في السوق مقارنة بمنافسيه إذا كانت الخسارة كبيرة. ففي نهاية الأمر، يبقى التأمين أسلوبا من أساليب نقل الأخطار، ولكن هذا لا يعني القضاء عليها، ومن ثم فإن أي منشأة تفضل عدم حدوث الخسارة على حدوثها وتعويضها عن طريق شركات التأمين، وبناء على هذا فإن الاشتراطات سواء كانت على شكل نصوص في الوثائق أو متطالبات يتم الاتفاق عليها بعد إجراء المعاينة لمواقع العميل تعد إضافة إيجابية تساعد العميل على علمية الإنتاج، وتحفظ له حق التعويض في حالة وجود خسائر، وتساعد أيضا شركات التأمين على التأكد من نوعية الأخطار التي يقومون باستقطابها لمحافظهم التأمينية.
محمد محمود حسبو
ملاذ للتأمين وإعادة التأمين