دعوة للتميز في صناعة الحلويات والاستفادة من توافر التمور في الأحساء
خرجت الجلسة الثانية من اليوم الثاني لمنتدى الأحساء الثاني للاستثمار بجملة من الأطروحات الاقتصادية، التي تمنح الأحساء الميزة التنافسية التي تختلف عن الكثير من المناطق الخليجية.
وأرجع المتحدثون في الجلسة امتلاك الأحساء للميزة التنافسية إلى جغرافية المنطقة، إضافة إلى امتلاكها ثروات هيدروكربونية وزراعية وبشرية.
وقال الشيخ خالد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة شركة بن زايد الاستثمارية إلى: إن الميزة التنافسية هي المحور الأساس للاستثمار مضيفا أنه ينظر للأحساء من ثلاثة محاور، يتمثل الأول في قطاع النفط والغاز، مشيرا إلى أن المنطقة تحتاج إلى مزيد من الدعم لهذا القطاع، أما المحور الثاني وهو التمر، وقال في هذا الصدد: ''التمر وهو موضوع لفت انتباهي، فاللافت للنظر أنه لم يفكر في كيفية خلق صناعة لقيمة مضافة على التمور''.
وأضاف الشيخ خالد بن زايد: إن قطاع الحلويات يصل مستوى مبيعاته على مستوى العالم 183 مليار دولار سنويا في 2015، وحاليا 150 مليار دولار سنويا، موضحا أن نسبة مبيعات الشوكولاتة من الحلويات 55 في المائة، والسكريات 31 في المائة، والعلك 14 في المائة، ونبّه إلى أنه يمكن الاستفادة من التمور كبديل للشوكولاتو كنوع من الحلويات المفيدة، ولفت إلى أنه وخلال الأزمة العالمية في قطاع الحلويات انخفض مبيعاته 3 في المائة، ما عدا الحلويات الصديقة التي فيها قيمة غذائية عالية وجيدة، فقد ارتفعت 5 في المائة، مشيرا إلى أن في هذا القطاع تميزا يجب التفكير في الاستفادة منه، وفي الأحساء متوفرة بكميات كبيرة يمكن توظيفها في هذا القطاع وتصنيعها بديلا عن الحلويات، كما شدد على أهمية ترويجها عالميا وعدم الاقتصار على السوق المحلية أو السوق القريبة.
وفي سياق آخر، دعا الشيخ خالد إلى أهمية خلق الإبداع في فئة الشباب الذين هم يملكون الطاقة والحماسة، وتناول في هذا الجانب توظيف الهند والصين لعدد السكان الكبير لهذا الموضوع وتحويله من مشكلة إلى ميزة، حيث تحول هذا العامل إلى عامل إيجابي، فالسكان عامل إيجابي إذا أحسنا التعامل معه، ضاربا مثلا بتزايد أعداد الشركات بشكل كبير في الهند بسبب تغيير التكنولوجيا، مضيفا أن وجود الشباب مهم في الاستفادة منه، داعيا إلى التركيز على الشباب وحثهم على عدم البحث عن وظائف، بل العمل على خلق وظائف، مشيرا إلى أن الحكومات والشركات الخاصة لا تستطيع أن توفر وظائف للشباب، فالحل الوحيد هو توجيه الشباب على خلق فرص عمل من خلال تدريبهم على تحقيق الريادة، لافتا النظر في هذا السياق إلى أن تدريب الشباب يسهم في تحقيق الريادة، ومهارات العمل وتوفير الخبرة المالية، وتساءل الشيخ خالد: لماذا نريد تحويل شباب الأحساء من تجار إلى موظفين في منطقة عرفت تاريخيا بأن أهلها تجار.
ولفت الشيخ خالد إلى أن تحليلات البنك الدولي تشير إلى أسعار البترول ستظل عند مستوياتها الحالية، وهو مؤشر مطمئن للأسواق الخليجية كافة، وأضاف أنه علينا أن ننظر إلى اقتصاد المنطقة من منظور شامل؛ فالأمور تبشر بالخير على اعتبار أن اقتصاد المملكة هو الأكبر على مستوى الخليج، بل على دول المنطقة بشكل كامل، وطالب بضرورة عرض الفرص الاستثمارية على المستثمرين الخليجيين وهو دور الغرف التجارية الصناعية في تلك الدول، وانطلق في حديثه عن الأحساء ليؤكد أنها تشكل ميزة نسبية بحكم مقوماتها وموقعها، كما أشار إلى أن ضرورة وجود مطار يخدم كافة القطاعات الاستثمارية ويوفر الدعم اللوجستي اللازم لمساندة أنواع الاستثمارات والمشاريع كافة.
وتناول الشيخ خالد في معرض حديثه تجربة مدينة دبي في إنشاء أكبر مطار إقليمي في المنطقة تحول إلى مركز توزيع لمناطق العالم كافة ونقطة التقاء للعديد من الاستثمارات على مستوى المنطقة.
أهمية الاستثمار الصناعي
من جانبه، قال عبد العزيز بن حمد العقيل، الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية ''جويك'': لقد استشعر قادة دول الخليج منذ زمن بعيد أهمية الاستثمار الصناعي ضمن منظومة استثمار الموارد الاقتصادية المختلفة؛ لما تحققه من قيمة مضافة للموارد المستخدمة، وما تؤمّنه من وظائف للقوى البشرية المتزايدة، وما تعززه من أنشطة اقتصادية واجتماعية ومنافع جانبية ومتعددة مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف العقيل: إن الاهتمام الكبير من قبل دول المجلس لتنمية وتطوير الصناعة في توفير البنيات التحتية من طرق واتصالات ومدن صناعية، إضافة إلى توفير الحوافز التشجيعية للمستثمرين وتوفير التمويل من خلال صناديق وبنوك التنمية الصناعية، مشيرا إلى أن هذه الجهود أثمرت في زيادة حجم الاستثمارات الخليجية في هذا القطاع، حيث تضاعفت نحو سبع مرات خلال العقدين الماضيين ووصلت بصورة متراكمة إلى نحو 220 مليار دولار في نهاية عام 2010.
وبين العقيل، أن اهتمام دول مجلس بتحقيق التكامل الصناعي بين الدول الأعضاء في الجهود التنسيقية المتواصلة، والتي توجت في عام 1976 بإنشاء منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، حيث يركز قرار إنشائها على أن من أهم أهدافها هو تحقيق التكامل الصناعي بين الدول الأعضاء وبذل الجهود لدفع عجلة التنمية الصناعية في هذه الدول وترشيد استغلال الموارد المتاحة بها لتعظيم المردود الاقتصادي والاجتماعي لدول الخليج كافة.
وأوضح أنه نحو تحقيق هذه الغايات السامية بذلت المنظمة جهودا متواصلة من أجل بناء قاعدة بيانات صناعية قوية تتضمن معلومات حول القطاعات الصناعية المختلفة في دول المجلس يتم تحديثها دوريا، كما تتضمن أيضا معلومات الأسواق والمعلومات الاقتصادية والاجتماعية ومعلومات حول تقنيات التصنيع وتطوراتها، وتتوافر هذه المعلومات حاليا على شبكة الانترنت بأسلوب يسهل التعامل معها والاستفادة منها بطرق شتى في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
وأضاف أمين عام منظمة الخليج للاستشارات الصناعية: إنه في جانب تقديم الخدمات الاستشارية تقوم المنظمة من خلال خبرائها أو بالتعاون مع المنظمات الإقليمية المماثلة أو المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، بإعداد الدراسات والخطط الاستراتيجية للقطاع الصناعي في الدول الأعضاء منفردة أو متكاملة، وفي هذا الإطار تعكف المنظمة حاليا على وضع الخريطة الصناعية لدول المجلس بهدف تحقيق التكامل الصناعي، وذلك من خلال تشخيص الوضع الراهن للصناعة الخليجية في المرحلة الأولى وتحديد الصناعات الغائبة في القطاعات الاستراتيجية، ومن ثم يتم تحديد الفرص الاستثمارية المتاحة والواعدة في كل قطاع اعتمادا على الميزات التنافسية لدول المجلس.
ولفت العقيل إلى أن جهود المنظمة وخدماتها لا تقتصر على المستوى الكلي للمشروعات الصناعية، ولا على المشاريع الحكومية للدول الأعضاء، بل تتعدى ذلك إلى المستوى الجزئي للمشروعات وإلى القطاع الخاص، حيث تقوم بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات الصناعية الجديدة والواعدة أو لتوسعة المشروعات القائمة، ويعتبر برنامج الاستثمار الصناعي أحد أهم البرامج في المنظمة، حيث طرحت من خلاله ما يزيد على 400 فرصة استثمارية في المجال الصناعي غطت قطاعات استراتيجية بدول المجلس، مثل قطاع البتروكيماويات والصناعات المعدنية وقطاع المنتجات الغذائية، إضافة إلى ما تقوم به خبراء المنظمة في مجال تحسين وتطوير أداء المصانع القائمة من خلال الدراسات التشخيصية والتحليلية واقتراح الحلول العملية للمشاكل الفنية والإدارية والتعليمية والتسويقية، التي قد تتعرض لها بعض الصناعات، خاصة في مراحلها الأولية، وما تقدمه من خدمات أخرى ومتنوعة من خلال برامجها التكميلية الأخرى مثل برنامج المناولة والشراكة الصناعية وبرنامج الدعم الفني وبرنامج التحليل الاقتصادي وبرنامج القدرات.
وأشار العقيل إلى أن برامج المنظمة وخططها تقوم على قواعد متينة من الفهم والإدراك لمتطلبات الدول الأعضاء مستهدية بتوجهات واستراتيجيات التنمية بدول المجلس، خاصة المرتبط منها بالقطاع الصناعي، وبتوجهات التكامل الصناعي بين الدول الأعضاء، إضافة إلى ما تعتمده دول المجلس من سياسات تركز على تنمية قطاعات صناعية بعينها، وما تنفرد به كل دولة من ميزات نسبية تدعم وضعها التنافسي العالمي، مضيفا إلى أنه بالنظر إلى التوجهات والاستراتيجيات العامة التي وضعتها السعودية نحو التنمية الصناعية للأعوام المقبلة، التي تتضمن دعم مشاريع الأمن الغذائي، دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الاهتمام بالتنمية المرتكزة على التجمعات الصناعي، والترويج للصناعات التي تستفيد من الميزات النسبية، تطوير الصناعات ذات الكثافة المعرفية وتعزيز المحتوى التقني للمنتجات الصناعية، تنويع القاعدة الصناعية.
وأضاف إنه باعتبار القطاعات الصناعية التي ركزت عليها الاستراتيجية لتحظى بالأولوية وهي، صناعة السيارات وأجزائها، صناعة معالجة المعادن، صناعة الأجهزة عامة الاستخدام، صناعة مواد البناء، وصناعة التغليف البلاستيكية، ومن هنا نأخذ في الاعتبار المعطيات الأساسية والميزات النسبية لمنطقة الأحساء، والتي تتلخص في وجود قاعدة للإنتاج الزراعي والحيواني، توسطها للمنطقة الشرقية التي تسهم في أكثر من 60 في المائة من الدخل القومي للسعودية، وتحتضن أكبر شركات السعودية ''أرامكو و''سابك''، قربها من أكبر التجمعات الصناعية بالسعودية، قربها من أسواق خليجية متعددة مثل البحرين وقطر وعمان.
وقال العقيل إنه يتضح أن منطقة الأحساء يمكن أن تنشأ فيها صناعات متنوعة تستفيد من معطيات المنطقة وميزاتها النسبية وتدعم توجهاتها الاستثمارية وتوفر فرص العمل لقطاع واسع من أبنائها ومن هذه الصناعات ألواح من صفائح الألمونيوم والبولي إيثيلين لتكسية الجدران والديكورات، إعادة تدوير عبوات البولي إيثيلين عالي الكثافة، أربطة شد من البوليستر المعاد تدويره، إنتاج مركزات الطماطم، إضافة إلى إنتاج إطارات بلاستيكية للنظارات الطبية والشمسية عالية الجودة.
وبين العقيل خلال الجلسة أن هذه تمثل أفكارا أولية لمشاريع تتوافر لها المواد الأولية والأسواق السعودية ودول الخليج المجاورة الأخرى، وقال: ''لقد قمنا بإعداد مؤشرات عامة للمشاريع، والمنظمة على أتم استعداد لإجراء الدراسات الأولية والدراسات التفصيلية لأي من هذه المشاريع أو لأي أفكار استثمارية أخرى يطلبها المستثمرون''.
التكتلات الاقتصادية
وأكد خالد بن عبد الله البسام، رئيس مجلس إدارة بنك البحرين الإسلامي، ضرورة تشكيل تكتلات اقتصادية لضمان التنافس والقدرة على الدخول الأسواق الجديدة، وهناك توجه لإيجاد اتحاد نقدي بين دول الخليج وهي نهاية التكامل الاقتصادي في دول الخليج، مضيفا أن الميزة النسبية لدول مجلس التعاون الخليجي هو سهولة انتقال العمالة ومزاولة الأعمال التجارية والصناعية ولا وجود عوائق بين دول الخليج.
الاستفادة من مدينة سلوى
قال محمد بن أحمد الكواري، نائب رئيس غرفة وصناعة قطر: إن الإعداد للمدينة الصناعية في سلوى في محافظة الأحساء جاء في وقته، مبينا أن هناك رغبة كبيرة من المستثمرين القطريين للاستثمار في هذه المدينة، مؤكدا أن هذه المدينة ستدعم مكانة المملكة وقطر ودول مجلس التعاون الخليجي.
مداخلات الجلسة
بعد ذلك أتيحت الفرصة للمداخلات، التي شارك فيها عدد من المشاركات من سيدات الأعمال، حيث دعت سيدة أعمال إلى أهمية تطوير وسائل النقل في الأحساء والاهتمام بتوفير مراكز استهلاك وتطوير الطرق والإنارة، كما دعت إلى تطوير القطار، مشيرة إلى أن القطار الحالي لا يواكب التطور الحاصل في شبكة الخطوط الحديدية العالمية.
وأشار عبد العزيز العقيل في معرض رده عن سؤال وجهه فهد العرجي، رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الأحساء، حول أهمية تطوير الربط الاقتصادي بتطوير وسائل النقل أشار إلى أن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية أن دورهم مكمل لدور مجلس التعاون الخليجي، وكان له دور وإسهام في تطبيق الاتحاد الجمركي بين دول المجلس والتنسيق لتنمية الصادرات، لافتا إلى أن المنظمة معنية بشكل بتقديم الدراسات فقط.
تساءل باسم الغدير نائب رئيس غرفة الأحساء في مداخلة له عن كيفية تحويل الأحساء لتكون مركز للتوزيع بالنسبة لدول المجلس، فأجابه خالد البسام، رئيس مجلس إدارة بنك البحرين الإسلامي بالبحرين، مشيرا إلى أن هناك تجارب مماثلة نجحت لتكون مركز توزيع، مبينا أن الأحساء وبعد إكمال تطوير البنية التحتية من شبكة قطارات وطرق ومخازن كبيرة أن تكون مركزا للتوزيع بين دول المجلس، مشيرا إلى أن مركز الأحساء حساس ومهم في وسط دول المجلس ويمكن الاستفادة من الموقع الجغرافي لتكون مركزا للتوزيع.
وطرح محمد العبيدلي، عضو مجلس غرفة تجارة وصناعة قطر، فكرة الاستفادة من إمكانات قطر في تسويق تمور الأحساء، داعيا في هذا الصدد إلى التنسيق بين الغرف وزارات التجارة والغرف التجارية لإتمام تسويق منتجات التمور السعودية في المراكز التجارية التابعة لقطر في لندن أو غيرها، وكذلك الاستفادة من كأس العالم 2022.
ووجهت الكاتبة فاطمة القحطاني تساؤلا لرجال الأعمال القطريين: هل توجد رغبة للاستثمار في الأحساء؟.. وحول هذا أكد محمد بن طوار الكواري، نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، أن الرغبة موجودة بقوة؛ شريطة أن تسن التشريعات وتتوافر البنية التحتية كالموانئ والقطار وشبكة الطرق والتنسيق بين القطاعين الخاص والعام وعمل شراكة حقيقية، وحينها سيكون هناك استثمار للقطريين في الأحساء.