رئيس مكافحة الفساد: 4 مشكلات تتسبب في تعثر المشاريع.. وتمويل المقاولين حل
سجل محمد بن عبد الله الشريف رئيس هيئة مكافحة الفساد أمس، أول ظهور رسمي له، من خلال مشاركته في مؤتمر إدارة المشاريع الذي عقد في الرياض أمس، ونقدم هنا أبرز فقرات كلمة الشريف:
"حديثي إليكم هو حديث من وضعته مقتضيات المسؤولية الوظيفية في موقع المعايش والمتابع لأطوار مختلفة مما مرت به المشاريع الحكومية، ومن ثم سيكون حديثي ممتدا عدة عقود ماضية أستعرض فيها مراحل مهمة من مراحل نشأة وتطور قطاع المشاريع والمقاولات في المملكة:
المرحلة الأولى: مرحلة الطفرة الأولى
أي خلال التسعينيات الهجرية (السبعينيات الميلادية) عندما قفز دخل المملكة من البترول إلى أكثر من الضعف، تبعه قفزة هائلة في حجم ميزانية الدولة، وانعكس ذلك بالتالي على حجم الأموال المخصصة للمشاريع، وكان قطاع المقاولات قبل ذلك متواضعا بسبب قلة المشاريع عددا وقيمة، عندها أدركت الدولة أنه لا بد من النهوض بقطاع المقاولات ليتواكب حجمه وقدرته مع حجم المشاريع، فأنشأت صندوق إقراض المقاولين الذي كانت مهمته منح المقاولين قروضا ميسرة تساعدهم على بناء كياناتهم الفنية والإدارية، فأسهم ذلك في تكوين قطاع قوي بمفهوم ذلك اليوم، متعدد القدرات والإمكانات، استطاع أن ينهض بالمشاريع، إلى حد أنه نادرا ما كان يسمع عن وجود مشاريع متعثرة مثلما نسمعه اليوم.
المرحلة الثانية: مرحلة ما بعد الطفرة الأولى:
استمر حصر الطفرة الأولى عقدين تقريبا، حل بعده ما سمي بعصر الانحسار في الدخل الحكومي، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار البترول، نتج عنه انحسار موارد الميزانية، فانسحب ذلك على ما خصص المشاريع فيها، وترتب عليه بالتالي قلة عدد المشاريع المتاحة، وهو ما أدى إلى بقاء عدد كبير من المقاولين بدون أعمال تتساوى مع حجم إمكاناتهم، ولأن قطاع المقاولات يعد من أصعب الآمال، لضخامة حجم وقيمة الاستثمارات فيه، فقد كان من الصعب على كثير من المقاولين الاحتفاظ بقدراتهم وإمكاناتهم دون أعمال تقابلها، فخرج منهم من خرج من القطاع، وبقي منهم من بقي متضائلا عن حجمه الأصلي.
المرحلة الثالثة: مرحلة الطفرة الثانية:
عندما عادت الطفرة من جديد خلال العقد الأخير لم يكن قطاع المقاولات مهيئا للقيام بالكم الهائل من المشاريع، وهو الأمر الذي أدى إما إلى الاستعانة بمقاولين أجانب أو تكدس معظم المشاريع في يد عدد محدود من المقاولين، كما هو الحال الآن، ولو قدر وأعيد فتح صندوق إقراض المقاولين من جديد لأدى هذا إلى عودة القطاع قويا كما كان.
هذه لمحة من التاريخ يحسن تأملها وأخذ العبرة منها عند دراسة وضع المشاريع وقطاع المقاولات.
أما ما نحن بصدده اليوم، وهو الأمل في أن يوفق مؤتمركم إلى تحقيق أهدافه في النهوض بقطاع المقاولات، وتلمس أفضل السبل لتنفيذ المشاريع، فإن ما يعتمل في نفسي من آمال هو أن يوفق المؤتمر في التركيز والبحث والنقاش، للخروج بتوصيات مفيدة، ولا سيما حول المشكلات التي تواترت المؤشرات على أن المشاريع كانت تشكو منها مر الشكوى، وما زالت، ومنها:
1- عدم الاعتناء بإعداد المشاريع وشروطها قبل طرحها في المنافسة، بدليل كثرة أوامر التغيير التي تصدر للمقاول أثناء التنفيذ، وهو ما يؤدي بالتالي إلى تأخر المشروع، وعدم إمكان إنجازه خلال مدته، وربما يؤدي إلى تعثره وتوقفه نهائيا، نتيجة الخلافات التي تنشأ بسبب ذلك بين المقاول والجهة المالكة.
2- إسناد الأعمال من الباطن، سواء تم ذلك بعلم الجهة صاحبة المشروع وموافقتها أو دون ذلك، وما يسببه ذلك من ضياع جزء من قيمة المشروع دون استفادة، لرغبة كل طرف في التربح من المشروع وإن لم ينفذه، وعدم التمكن بالتالي من إنجازه على المستوى المطلوب بما يتبقى من قيمته.
3- ضعف الإشراف على المشروعات، سواء تم الإشراف ذاتيا من قبل الجهة المالكة، أو خارجيا من قبل استشاري، وذلك لعدم متابعة الجهة المتعاقدة للمشروع ميدانيا ومكتبيا، للتأكد من وجود جهاز الإشراف الفني بذات الكفاءات والمؤهلات المنصوص عليها في العقد.
4- ضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام النهائي للمشاريع، وربما تجاهلها، أو عدم قدرتها على إبراز بعض الأخطاء، وأوجه التقصير في التنفيذ، الأمر الذي يضر بالمشاريع ضررا بالغا، ويحد من الانتفاع بها، لظهور عيوب بها فور تسلمها.