«الصحة» تعيد مشروع التأمين للمراجعة
أعاد الدكتور عبد الله الربيعة، وزير الصحة، مشروع نظام التأمين الصحي على المواطنين إلى نقطة البداية، في خطوة لتصحيح مساره، ليعتمد حاليا على منظومة علمية ودراسات وتجارب دول سبق لها تطبيق العديد من الأنظمة.
وأكد الربيبعة في كلمة له عقب تدشين مؤتمر التأمين الصحي ''آفاق وخيارات'' أمس في الرياض، أن مشروع التأمين الصحي سيدرس بتأنٍ؛ للوصول إلى توصيات يمكن تحقيقها على أرض الواقع من خلال تطبيق أنظمة وبرامج تؤدي إلى رعاية صحية متكاملة وشاملة ذات جودة عالية ومردود اقتصادي جيد. وقال: ''سيكون هذا المؤتمر نقطة البداية لدراسة شاملة يتم من خلالها عقد ندوات وورش عمل، مستفيدين في ذلك من التجارب العالمية والتطبيقات الحديثة بالتعاون مع الخبرات الوطنية والعالمية والجهات ذات العلاقة''. وأكد أن ذلك لن يوقف عجلة البناء والتطوير الذس تشهده أروقة الوزارة في مرافقها كافة وتشمل مناطق المملكة كلها.
وأوضح الربيعة، أن الوزارة تسعى لعدم تحميل المواطن أي أعباء مادية كركن وقاعدة أساسية في تطبيق التأمين الصحي، وشدد على أن تطبيق أي شكل من أشكال التأمين الصحي التعاوني يجب أن يدرس بشكل مستفيض قبل تطبيقه على المواطنين السعوديين، مشيرا إلى أن الهدف من التأمين الصحي تجويد الخدمة الصحية للمواطن وأن تقدم للمواطنين خدمات صحية ذات جودة عالية.
وأضاف: أن الوزارة تعمل على التوزيع العادل للخدمات الصحية والعلاجية في كافة مناطق المملكة.
وعاد ليوضح الربيعة، أن الوزارة سعت لعقد هذا المؤتمر؛ إيمانا منها بالدور الفاعل الذي تقوم به المؤسسات التي تعنى بالتأمين الصحي في المجتمع، حيث ستتناول محاور المؤتمر دراسة النظم والتجارب العالمية لتمويل وتشغيل القطاع الصحي بطريقة اقتصادية ذات جدوى وكفاءة عالمية مع الوضع في الاعتبار الاستفادة من السلبيات التي تمر بها العديد من دول العالم.
#2#
#3#
#4#
وطالب الربيعة من الخبراء والمهتمين بتحديد مفهوم التأمين والهدف من تطبيقه والنتائج المرجوة منه، كما يجب أن نميز بين التأمين الصحي التجاري والتأمين الصحي التعاوني، وأن مفهوم التأمين ليس بالضرورة يرتبط بخصخصة القطاع الصحي. وقال: ''سنستفيد من تجارب الدول المتقدمة التي سبقتها في هذا المجال، وما تعانيه من تحديات ومشكلات؛ جراء تطبيق التأمين الصحي التجاري، وخصخصة القطاع الصحي، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية لأرقام أثقلت كاهل المؤسسات والشركات العاملة في تنمية المجتمع، بل وتعدتها إلى مواطني تلك الدول، كما أنها لم توفر الغطاء الصحي الشامل الذي يتطلع إليه الفرد والمجتمع''.
وأشار الربيعة إلى أن أوجه تمويل القطاع الصحي تتعدد وتختلف من دولة لأخرى ولكنها جميعا تتفق في أن الرعاية الصحية أصبحت ذات كلفة عالية حيث تنفق الدول عليها جزءا كبيرا من مواردها نظرا لأهميتها، كما أتخذت يعض الدول من التأمين الصحي التعاوني أحد أوجه التمويل للرعاية الصحية وتم ربط ذلك بالجودة والإنتاجية للحد من الهدر مع الإستفادة من الموارد المتاحة.
#5#
#6#
#7#
وأبان أن الهدف الأساسي من الأخذ بفكرة التأمين الصحي التعاوني في المملكة هو تطوير وتنمية القطاع الصحي ورفع جودته والحد من الهدر والإزدواجية بشرط أن يتم ذلك بطريقه تكافلية تستمد من ديننا الحنيف ومجتمعنا نهجها وهدفها دون إرهاق للمواطنين أو ترتيب أعباء خلقت سلبيات في العديد من الدول مما أثقل كاهل مواطنيها .
وأوضح أن التجارب العالمية أثبتت أن التأمين الصحي لا يعني جودة أو توفير الخدمات الصحية، وانه من الخطأ ربط أحدهما بالآخر كما أن تلك التجارب أوضحت أن تطور الخدمات الصحية مرتبط بإيجاد أنظمة للممارسة والجودة والإنتاجية والسلامة والتطوير وربط مخرجات هذه البرامج بالتمويل الذي تتعدد أساليبه، لافتا إلى أنه من الواجب على الجميع أن نجعل المواطن الكريم هدفنا وغايتنا كما هو نهج الوزارة ، وأن لا نتعجل بنقل بعض التجارب التي لم تثبت جودتها ونجاحها إلى مجتمعنا فتصبح عبئا كبيرا على خدماتنا الصحية المتعددة وتزيد من معاناة المواطن وبالتالي لا نحقق بذلك رضى الله ثم توجيهات قيادتنا الحكيمة وتطلعات المستفيدين مما يقدم لهم من هذه الخدمات.
ولفت الربيعة إلى أن التأمين التجاري قد لا يحقق سقفا مفتوحا للرعاية الصحية أو شمولية أو تنوع التغطية أو سرعة في الحصول على الخدمات، موضحا أن الدراسات الأولية التي اطلعت عليها وزارة الصحة توضح أن التأمين الصحي التجاري يؤدي إلى رفع تكلفة الخدمات الصحية، كما هو حاصل في تجارب الدول المتقدمة وقد يشكل عبئا إضافيا على الدولة والمواطن.
وقال: ''إن تجربة المملكة مع التأمين الصحي التجاري ما زالت حديثة ومحفوفة بالكثير من التحديات والمصاعب التي يجب أن نتأنى في دراستها والتعامل معها قبل التوسع فيها''.
وفي لقاء مفتوح لتسؤولات الحضور، أوضح الربيعة أن العرف أن التأمين هو إحدى وسائل التمويل وضبط الإنفاق. وقال: ''لكن يجب أن نعلم كيف ندير هذا النظام، هل نريد إدارته بطريقة تجارية بحتة وننقل بعض السلبيات التي مرت على بعض الدول، أو أن نطبق نظاما تأمينيا تعاونيا يكون هدفه التحكم في التمويل وضبط التمويل والارتقاء بالخدمة والحد من الهدر''.
وحول من سيدفع رسوم التأمين الصحي، قال: ''يجب أن نكون حذرين من سيتحمل الأعباء المالية، وألا نتعجل برمي نظام دون أن نعرف الأطراف ذات العلاقة وشراكتها بتمويل هذا النظام، إذا حدد النظام وهو موضوع خاضع للدراسة، المواطن يطلب بتوفر الخدمة، ولا يوجد نظام تأميني خاص عن توفير الخدمة، لكنه مسؤول عن توفير موارد للتمويل''.
حول مدى استفادة المتقاعدين من نظام التأمين الصحي، والجدول الزمني لتطبيقه، قال وزير الصحة: ''بلا شك أن المتقاعدين سواء كانوا من ذوي الدخل المحدود، سيكونون على رأس القائمة، وأتفق مع وضع جدول زمني يحدد آفاق التوصيات التي سيخرج بها''.
وحول موضوع خصخصة الخدمات الصحية، أكد الربيعة، أن الخصخصة حساسة في الشأن الصحي، مشيرا إلى اتفاق الجميع على ضرورة ألا تدفع الفاتورة مرتين، فيما يتعلق بالخدمة وفي التأمين. وقال: ''هناك بعض الخدمات في بعض الدول قد ينظر لها بأنها لا تكون مفتوحة، كالخدمات التكميلية، وأي نظام يجب أن ينظر إلى شرائح المجتمع كافة''.
وأضاف: نحن ننظر إلى نظام تشغيل القطاع الصحي بكفاءة عالية، والتأمين التجاري محفوف بالمخاطر وفيه محاذير كثيرة، والتعاوني أقرب للتطبيق، الأمر الذي يلزم شفافية وكفاءة وترشيد في استخدام الموارد.
وقال: ''نحتاج قناعة لدى العاملين الصحيين، ثم في نهاية المطاف تكون تغطية شاملة لجميع الأمراض، مثل الأمراض النفسية والأسنان''.
وعاد ليؤكد وزير الصحة، أن موضوع التأمين الصحي ليس بالسهل، والمسؤولية كبيرة للتخطيط له.
وفي سؤال عن التجارب الدولية لفرنسا وكندا وبريطانيا، أكد الربيعة أنه ليس في صدد بحث أن يدفع المواطن ثمن الخدمة الصحية. وقال: ''هذا ليس مطروحا على الطاولة''.
وعن الفئات المستهدفة للتأمين، شدد الدكتور منصور الحواسي، وكيل وزارة الصحة للشؤون التنفيذية، أن جميع الفئات السكانية سنفكر فيها وليس فقط في أهالي المدن الكبرى. من جهته، يرى الدكتور خالد بن سعيد، أستاذ علوم إدارة الصحة والمستشفيات في جامعة الملك سعود، أنه لا يوجد فرق كبير بين التأمين التجاري والتعاوني، معتبرا أن التجاري محرم شرعا، ولكن التأمين (بزنس) في نهاية الأمر، يجب أن يشمل كل فئات المجتمع.
وفي مداخلة لرضا خليل، أوضح أن التأمين التجاري لن يحقق سقفا عاليا من الخدمات، مطالبا بضرورة التأني والاستفادة.
ودعا الدكتور زيد الحسين، نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان، الجمع بين منهجين في التأمين الصحي التجاري والتعاوني، على الرغم مما يعتريه من مشكلات؛ لأنه قد يطغى عليها جانب الربح.
وقال طارق القصبي، رئيس مجلس إدارة شركة دلة الصحية، إن هناك بعض الإجراءات تكون مفيدة في رفع الجودة وضبط الكلفة، مشيرا إلى أن شبكة الرعاية الصحية الأولية تمثل أكثر من 50 في المائة من الكلفة.
واقترح القصبي تطبيق نظام يتم فيه تقييم الأداء مع توزيع الميزانيات.
ورد وزير الصحة قائلا: ''هناك تحديات أمام مشروع شبكة الرعاية الصحية الأولية، لكن أهم عائق طب الأسرة محدود جدا في العالم''.
وأضاف: يجب أن نتأنى قبل إصدار أي نظام. واعترف الربيعة بأن لدى وزارته تأخرا في التشريعات. وقال: ''نعلم أن أي نظام تأميني لا بد له من تشريعات وأنظمة ونظام معلومات، وهذه لا تتم بين يوم وليلة''.
وأضاف: عندما نريد تطبيق التأمين بالمفهوم المناسب يجب أن ننظر إلى حيثيات كبيرة جدا، يجب ألا نطلق نظاما ونتخلى عن المواطن بعد إطلاقه.
وعاد ليؤكد أن وزارته لن تحمّل المواطن كلفة الخدمة الصحية في المملكة.