جودة المعلومات.. أيضاً قضية وطنية مهمة

موضوع جودة المعلومات ــ وإن تأخر النظر فيه كثيراً ــ يظل ذا أولوية في ظل الصعوبات المزمنة التي نواجهها في التعامل مع المعلومات، سواء كان ذلك على مستوى مصادر تلك المعلومات ومدى مصداقيتها، أو على مستوى الشفافية في توفير المعلومات، أو على مستوى أساليب إخراج وتقديم المعلومات للمستفيدين منها. والمعلومات محل الاهتمام هنا هي المعلومات المنتجة والمتاحة من مصادرها الأساسية المحلية، سواء كانت مؤسسات حكومية أو خاصة أو أفرادا، وتشمل المعلومات بمحتوياتها وأشكالها وصيغها المختلفة، التي نعتمد عليها في ممارسة الأنشطة الحياتية اليومية.
جودة المعلومات تظل قضية وطنية مهمة، سواء من منظور الأفراد أو المؤسسات، فعلى مستوى الأفراد نجد أن مفهوم الجودة ينطوي على مجموعة من المعايير التي تحدد مدى توافق المنتج أو الخدمة مع حاجة المستفيد. والمعلومات المتاحة محلياً وفقاً لذلك لن ترقى إلى مستوى الجودة، ولن تكون لها قيمة فعلية ما لم تلب حاجاتنا الفردية. ونحن في حاجة إلى الوصول إلى المعلومات بسرعة وسهولة، وأن نثق بصحتها ودقتها واكتمالها وحداثتها، وأن تكون مفهومة، وذات قيمة، وملائمة في الحجم والمضمون لغرض استخدامها، وأن تقدم بشكل موجز ومتكامل ومتناسق مع بقية المعلومات المتاحة، وأن تستخدم تعاريف ورموزا ووحدات قياس واضحة وموحدة، وأن تكون نزيهة ومجردة من وجهات النظر الخاصة، وأن تكون آمنة في استخدامها.
في المقابل، نجد أن كثيرا من مؤسساتنا تستثمر مبالغ طائلة في إنشاء البنى التحتية لتقنية المعلومات، وتطوير الحلول التقنية، وإعداد قواعد البيانات وأنظمة المعلومات، وقلة من هذه المؤسسات تلتفت إلى موضوع المعلومات وجودتها، رغم أنها محور الاستثمار، فقدرة المؤسسات على إنجاز مهامها وتحقيق أهدافها يعتمد إلى حد كبير على مستوى جودة المعلومات التي تنتجها وتديرها بشكل يومي، كما أن جودة المعلومات تنعكس بشكل قوي ومباشر على قدرة المؤسسة على اتخاذ القرار، وتوفير الوقت، وخفض التكاليف، وزيادة الدخل، وغير ذلك من المميزات المهمة لأداء العمل بصورة أكثر دقة وكفاءة وفاعلية.
رفع مستوى جودة المعلومات المنتجة والمتاحة والمتداولة في مؤسساتنا يتطلب التعامل مع عدة عوامل تشمل السياق الذي يحدد نوع المعلومات وأغراض استخدامها، وأماكن حفظها، ومصادرها وآليات تسجيلها وتداولها، وكيفية تفاعل إجراءات العمل معها واستخدامها، والمسؤولين عن إدارتها وصيانتها، وإجراءات التقييم المستمر لضمان جودتها. والتعامل مع هذه العوامل يستدعي اتخاذ قرارات، وتنفيذ إجراءات، وتوفير موارد، وهي قضايا يجب العمل على توعية المؤسسات بأهميتها وحتميتها، وتحفيز وتهيئة المسؤولين للتعامل معها كأولوية.
المبادرة إلى رفع مستوى جودة المعلومات هي مسؤولية وطنية، وإنجازها يحقق الحماية للمجتمع بمؤسساته الحكومية والخاصة وأفراده من مخاطر الاعتماد على المعلومات التي تفتقر إلى الدقة والمصداقية في اتخاذ القرارات، وما يترتب على ذلك من نتائج تتعدى آثارها حدود المؤسسة أو الفرد لتشمل المجتمع ككل، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى. والأهم من ذلك هو حماية مقدَّرات المجتمع الذي يراهن بمستقبله على المعلومات والمعرفة، ولنا أن نتخيل تأثير التفريط في معالجة قضية جودة المعلومات على مستقبل خطط وبرامج التنمية الوطنية المبنية على فكرة التحول إلى المجتمع والاقتصاد المعرفي.
ينعقد في مدينة الرياض الشهر القادم ملتقى عن جودة المعلومات، وتؤكد الغرفة التجارية الصناعية في مدينة الرياض التي تقوم بتنظيم الملتقى أن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها مناقشة هذا الموضوع بشكل عام!
نأمل أن يتمكن الملتقى من تسليط الضوء الكافي على هذه القضية المقلقة، وأن يكون منطلقا لتوجيه الاهتمام إلى جودة المعلومات ودورها المحوري في تنمية المجتمع والاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي