هيرو هيتو .. ماذا لو كان حاكماً عربياً؟

عندما بدأت الأحداث في تونس، تركز الحديث على بقاء زين العابدين بن علي في السلطة مدة 23 عاما، وحينما انتقلت الأحداث إلى مصر، بدأ الحديث عن رئاسة حسني مبارك التي استمرت 30 عاما، والآن لا أحد يتناول الوضع في ليبيا، إلا ويشير إلى طول مدة حكم معمر القذافي التي تجاوزت 42 عاما، والرئيس اليمني حين التطرق للمظاهرات في اليمن يجري الحديث عن بقائه في السلطة مدة 33 عاما، وكأن هذه الدول جمهوريات ديمقراطية تجري فيها انتخابات نزيهة، ويلتزم فيها الرؤساء بفترات حكمهم.
وإذا تجاوزنا ما يحدث في هذه الجمهوريات العربية، وعدنا إلى التاريخ لوجدنا حكاماً امتد بهم العمر، وطالت سنوات حكمهم حتى تجاوزت نصف قرن، وكان لبعضهم إنجازات جعلت طول مدة حكمهم مصدر خير لأوطانهم، ولم يأنف الناس من طول مدة الحكم، بل سبّب غيابُهم بعد هذه المدة الطويلة من الحكم ما يشبه الصدمة لشعوبهم التي عاشت في عهدهم في رخاء وأمن، وفي المقابل هناك من امتد بهم العمر والحكم سنوات طويلة دون إنجازات تذكر.
في مايو من عام 2002م نشرتُ دراسة في صحيفة الشرق الأوسط تناولتُ فيها أطول فترات الحكم في التاريخ، واستعرضتُ سير عدد ممن حكموا أكثر من خمسين عاما، وكان الملاحظ أن طول فترة الحكم لا علاقة له بشهرة الحاكم، ففي عصرنا الحاضر على سبيل المثال نرى أن عميد زعماء العالم هو ملك تايلاند بوميبول ادوليادج، الذي تولى الحكم في يونيو (حزيران) عام 1946م، وأمضى في الحكم حتى الآن حوالي 65 سنة، ورغم ذلك فلا يكاد أحدٌ خارج بلاده يعرف اسمه.
وممن طالت بهم مدة الحكم رغم ما واجهوه من مصاعب وتحديات إمبراطور اليابان هيروهيتو، الذي امتد حكمه 63 عاماً، فهيروهيتو أصبح إمبراطوراً لليابان عام 1926م، في وقت كانت فيه اليابان تشهد نزعة عسكرية، وأطماعاً توسعية، نتج عنها دخولها في حروب عديدة، انتهت باستسلام اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، عقب تدمير مدينتي هيروشيما وناجازاكي عام 1945م، وقد قام الإمبراطور هيروهيتو بإعلان استسلام اليابان لتصبح تحت احتلال قوات الحلفاء، ورغم ذلك لم يُحاكم هيروهيتو، ولم يُحمّل مسؤولية ما حدث، واستمر إمبراطوراً لليابان حتى توفي عام 1989م، وفي عهده استطاعت اليابان أن تلملم جراحها، وأن تنتقل إلى مرحلة بناء الدولة , وأصبح هيروهيتو عبر مدة حكمه الطويلة شاهداً على ثلاثة تحولات مهمة في تاريخ اليابان، هي الغزو العسكري الياباني لآسيا، وهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وازدهار اليابان كواحدة من أغنى دول العالم وأكثرها تقدما، كما أن اليابان رغم ما واجهته من أزمات لم تتخل عن ثقافتها وتقاليدها، أو توجه لهما أصابع الاتهام، بل بقيت محافظة عليهما حتى الآن.
وهنا يحق لنا أن نتساءل، لو كان هيروهيتو حاكماً عربيا، ماذا ستكون نتيجة إعلانه استسلام بلاده؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي