عائض القرني: أعظم المظاهر الحضارية والمنشآت المعمارية في حياتنا هي المساجد

عائض القرني: أعظم المظاهر الحضارية والمنشآت المعمارية في حياتنا هي المساجد

أكد الشيخ الدكتور عائض القرني الداعية الإسلامي أن أعلى منابر الأدب، وأحسن مواقع التأثير، وأعظم قنوات الاتصال، تكون في المسجد؛ لأنه ليس مكاناً للزجر العنيف ولا للمواعظ والتخويف، ولكنه إلى جانب ذلك منتدى للكلمة الطيبة المباركة، ومنطلق للبيت الشعري الجميل، ومكان للقصة الوعظية الهادفة، وميدان للمناقشة المجدية المثمرة، ومساحة للحوار الهادئ المفيد، وقد ورد عن أبي هريرة ــــ رضي الله عنه ــــ أن عمر بن الخطاب، ـــ رضي الله عنه ــــ مر بحسان بن ثابت شاعر الإسلام وهو ينشد في المسجد، فلحظ إليه عمر، فقال حسان: كنت أنشد فيه، وفيه من خير منك ــــ يعني رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ (1) ولقد كان النبي ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ يقرب المنبر لحسان بن ثابت في مسجده ويقول: ''اهجهم وروح القدس يؤديك''. وقال: أما إذا تحول المسجد إلى مكان للأشعار الساقطة؛ وما فيها من مديح كذاب، وهجاء مقذع، وكلمات بذيئة، وصار إلقاء الشعر عادة مستمرة، وكثر ذلك حتى طغى على قراءة القرآن، وطلب العلم، والذكر، وأداء الطاعات؛ فإنه ينهي عنه، فعند أبي داود في السنن مرفوعاً إليه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: ''من سمعتموه ينشد الشعر في المسجد فقولوا له: فض الله فاك''.
وأفاد نحن أمة النظام، وأمة الهدوء، وأعظم المظاهر الحضارية والمنشآت المعمارية في حياتنا هي المساجد، أو قرية من القرى، أو واحة من الواحات، فلينظر إلى مساجدها، وليرى ما مقدار اهتمام الناس بهذه المساجد؟ وما علاقتهم بها؟ حينها يحكم على هذا الجيل أو هذه الطائفة من الناس ومدى رقيهم الحضاري الإسلامي. وقال: لذلك فإن للمساجد في الإسلام حقوقاً، ولروادها آداباً ينبغي لكل مسلم معرفتها والتمسك بها، والعمل بمقتضاها، فلا يجوز لرواد المساجد أن يرفعوا أصواتهم مشاغبين أو مشوشين؛ لأنها مكان سكينة والهدوء والانضباط. ولأن المسلم يقف فيها أمام مالك الملك، وملك الملوك سبحانه، عن أبي هريرة ـــ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ: ''من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا''. إذ لو فتح الباب لأصبح المسجد مكانا للدعاية الإعلان، ورفع الصوت والضوضاء، وهذا بدوره مخالف لهدي محمد ــــ صلى الله عليه وسلم، ومناقض لرسالة المسجد ومهمته في الحياة.
ثم أشار إلى أنه لم تعرف صيدليات العالم، ولا عيادات التاريخ الإنساني أعظم من صيدلية محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وعيادته المباركة التي كتب عليها:
''وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ'' (الشعراء:80)، وما ذلك إلا لأن دواءها وعلاجها يصل مباشرة إلى القلوب فيشفيها ـــ بإذن الله.
وكثيراً ما كان المرضى يأتون إلى مسجده ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ الذي كان مكاناً لعلاج المرضى، وخاصة في أيام الحروب والمعارك، فعن عائشة ــــ رضي الله عنها ــــ قالت: ''أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق في الأكحل ـــ وهو عرق في وسط الذراع ــــ فضرب النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ له خيمة في المسجد ليعوده من قريب''.

الأكثر قراءة