السقاف: تحويل «تراكو» إلى شركة مساهمة قريبا
نود في بداية الحوار أن تطلعنا على نبذة لمسيرة مجموعة "تراكو" في السوق السعودية؟
مجموعة تراكو للتجارة والمقاولات تأسست في عام 1969م، وهي متخصصة في مجال المقاولات ومواد البناء كالرخام والسيراميك والجرانيت وأعمال الورشة بشكل عام، فالمجموعة تعتبر من الشركات الرائدة في هذا المجال، إضافة إلى أنها تمتلك أكبر ورشة في منطقة الخليج تهتم بإبراز جماليات صناعة الرخام من أعمال الزخرفة والساند بلاست من خلال استثمارها في مكائن الوترجت والمعدات الأخرى.
في ظل هذا التوسع في مجال المقاولات ومواد البناء في السعودية، كم تبلغ حصة المجموعة في السوق؟
تقدر حصة المجموعة في السوق السعودية بنحو 18 في المائة في مجال السيراميك، وتراوح النسبة بين 12 و 14 في المائة في مجال الرخام، حيث إن معدل المبيعات في السنة للمجموعة يتجاوز الـ 19 مليون متر مربع من الرخام والسيراميك والجرانيت، ونحن نأمل في المزيد من التوسع والانتشار في المنطقة من خلال زيادة عدد تواجد فروعنا في جميع المدن في ظل اعتمادنا في الوقت الحالي على أكثر من 50 موزعا حول المملكة، وعددا من فروع المجموعة في محافظة جدة.
ألا تزال السوق السعودية قادرة على استيعاب دخول شركات جديدة في القطاع؟
السوق السعودية سوق كبيرة وفيها المجال يتسع لدخول أكبر عدد من الشركات الجديدة في مجال تصنيع السيراميك والجرانيت، وذلك في ظل عدم القدرة على تصنيع الرخام الذي تستورد المملكة نحو 99 في المائة منه من الخارج، لعدم وجود مصادر للمواد الخام التي يصنع منها واحتياج عمليات التصنيع لكفاءة عالية وجهد جبار، ويتم استيراده من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وتركيا واليونان .. وهذا لا يعني عدم وجود شركات كبرى الآن في السوق، بل إن العدد كبير والمنافسة مفتوحة والاحتياج متزايد في ظل الأنفاق السخي الذي تقدمه الحكومة السعودية لصالح مشاريع التطوير الحكومية ومشاريع البنية التحتية، كما أن هناك توسعا في إنشاء مشاريع التطوير للقطاع الخاص، وهو ما يجعلنا نؤكد ارتفاع حجم الطلب المتزايد في كل عام عن العام الذي سبقه، كما أن هذا التوسع والزيادة في عدد المنافسين يمنع الاحتكار بشكل عام لأي سلعة من سلع مواد البناء، الأمر الذي ستنعكس فوائده على المستهلك النهائي، وخاصة أولئك ذوي الدخول المحدودة.
كم يبلغ حجم إنتاج السعودية من الجرانيت، وهل هناك عجز في تلبية الاحتياج؟
تعد المملكة العربية السعودية من البلدان الغنية بمواردها من الجرانيت، ولكن نظراً لعمليات التنمية الهائلة التي تشهدها كافة مناطق ومحافظات المملكة فإن معظم الإنتاج يتم استهلاكه محلياً، بينما الذي يصدر إلى الخارج لا يعد رقماً كبيراً بجانب حجم الاستهلاك المحلي الذي يقدر بنحو 95 في المائة من أصل حجم الإنتاج السنوي المقدر بأكثر من مليوني متر مربع.
شهدت السوق العقارية خلال الثلاثة أعوام الماضية تقلبات جذرية في مسيرتها .. كيف تقرؤون تلك التحركات وتأثيراتها في مواد البناء؟
صحيح .. كان هناك تقلبات جذرية تسببت في التأثير سلباً على الطلب في قطاع مواد البناء على وجه التحديد، حيث شهدت هذه الفترة ارتفاعا في أسعار الأراضي نظراً للتأخر في فسح المخططات ووجود نوع من الاحتكار على الأراضي على مستوى المملكة، والتي صاحبها التضخم في المستوى المعيشي نظراً لارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الماضية، وهو الذي أيضا يعتبر المادة الأساسية في تصنيع مواد البناء، وتلك جميعها عوامل تأثر بها المستهلك النهائي من حيث ارتفاع قيمة التكلفة النهائية للمنتج.
إذن كم تقدرون حجم التراجع في السوق خلال الفترة نفسها، وكيف تقيسون ذلك؟
نحن في المجال نراقب فعلياً عدد الأمتار المبيعة في العام ونوع الحركة في السوق وقياس مقدار القوة الشرائية، وهي جميعها المؤشرات التي أكدت أن السوق تأثرت سلبياً منذ الأزمة المالية لسوق الأوراق المالية في السعودية، فمنذ ذلك الحين وحتى الآن انخفضت القوة الشرائية في المتوسط وارتفع حجم الديون المتعثرة في السوق، وأن نسبة الانخفاض خلال العامين الماضيين 20 – 30 في المائة مقارنة بالأسعار التي لم تشهد أي انخفاضات نظراً لارتفاع أسعار النفط، حيث لاحظنا عدم وجود الرغبة لدى المستهلك في الحصول على الكماليات مقتصراً على الضروريات.
أصدر خادم الحرمين الشريفين أخيراً العديد من الأوامر الملكية .. خاصة في مجال تأمين السكن، كيف ترون تلك القرارات من خلال وقعها على التنمية المحلية؟
الأوامر الملكية الصادرة أخيراً، وخاصة تلك التي استهدفت دعم البنك العقاري بنحو 40 مليارا، ودعم هيئة الإسكان بنحو 15 مليارا، والتوجيه بتأمين 500 ألف وحدة سكنية، وتوجيه القطاعات العسكرية لمناقشة تأمين المساكن لمنسوبيها، جميعها قرارات ستسهم في نمو حركة الطلب على مواد البناء، خاصة في هذا الوقت الذي تشهده فيه المملكة عمليات تنمية جبارة يقوم بها القطاع العام أو الخاص أو بالشراكة معاً.
هل تعتقدون أن القرض الذي يمنحه البنك العقاري يعد كافياً لبناء وحدة سكنية في الوقت الحالي، وذلك مقارنة باحتياجات المسكن لمواد البناء؟
القرض عندما كان يمنح بقدر 300 ألف ريال كان يشكل فجوة بين قدرته على التغطية اللازمة لبناء المسكن وبين الأسعار الموجودة في السوق لمواد البناء، ولكن بالأمر الملكي الأخير الذي وجه برفع قيمة القرض إلى 500 ألف ريال، أعتقد أن الأمر سيكون إيجابيا على السوق العقاري بشكل عام وبمختلف قطاعاته، ولكن ما نتمناه حقيقة هو إقرار نظام الرهن العقاري التي ما زال يناقش بين مجلس الشورى وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء منذ نحو عامين، وهذه المنظومة في حال إقرارها ستعود بالنفع الإيجابي على الجميع سواءً كانوا مستثمرين أو مستهلكين للمنتج النهائي من مواطنين، وخاصة أولئك ذوي الدخل المحدود.
ماذا عما بعد الأوامر الملكية الأخيرة، وكيف تقيسون تأثيرها في السوق؟
الأوامر الملكية الأخيرة ستكون دفعة قوية للاقتصاد وبالذات لقطاع مواد البناء من خلال زيادة القوة الشرائية للمواطن المتمثلة في الزيادات الممنوحة لهم، إضافة إلى تخصيص 250 مليارا لإنشاء 500 ألف وحدة سكنية في كافة مناطق المملكة، رفع قيمة الحد الأعلى للقرض السكني من 300 ألف إلى 500 ألف، كل ذلك بالتأكيد سوف يكون له أثر إيجابي على الطلب لمواد البناء ولكن أخشى ما أخشاه هو التضخم الذي سوف يكون له أثر سلبي إذا لم يتم السيطرة عليه.
تذكرون أن الحركة باتت ملموسة، والتوقعات تشير إلى النمو الإيجابي للسوق خلال الفترة المقبلة، فماذا فعلتم حيال ذلك؟
صحيح .. الحركة باتت ملاحظة، وهو ما دفعنا من خلال مجموعتنا إلى تبني برامج للتوسع في فروعنا، حيث بدأنا حالياً في إنشاء أحد الفروع الجديدة في شارع الأمير نايف بمنطقة أبحر الواقعة شمال جدة، وهو الفرع الذي يعد من أحد أكبر الفروع للمجموعة والذي سيتم تهيئته بالشكل الملائم الذي يواكب مكانة المجموعة في السوق.
نلاحظ تواجدا مكثفا لفروعكم في جدة، هل لديكم خطط للتوسع في مدن أخرى من المملكة؟
نحن بالأصح مازلنا مقصرين في التواجد في السوق من خلال عدد الفروع التي نحن الآن في صدد التوسع فيها، وعلى الرغم من وجود عدة فروع في مناطق حيوية في جدة، إلا أن حركة التنمية تتطلب وجود المزيد، ولكن مما ساعدنا على الانتشار في المملكة بشكل عام، هو وجود أكثر من 50 موزعا حول المملكة يقومون ببيع منتجات تراكو.
تعمل المجموعة في السوق السعودية منذ 40 عاماً، ما هي خططها المستقبلية؟
نحن نأمل أن نتواجد خلال الخطة المستقبلية في جميع مدن المملكة بجوار الموزعين المعتمدين لنا، كما أننا سنتوسع في مجال شراكات استراتيجيات الإنتاج مع الشركات السعودية الكبرى المتخصصة في صناعات السيراميك، ونتوجه أيضاً إلى زيادة حجم الإنتاج المحلي من مواد البناء التي ستسهم في استقرار الأسعار، خاصة بعد ارتفاع تكاليف شحن المواد المستوردة من الخارج نظراً لارتفاع أسعار وقود الناقلات.
هل هذا التوسع وهذه الخطط لها دور في وجود الرغبة لديكم في التحول إلى شركة مساهمة؟
في الحقيقة هذا التوجه موجود لدينا فعلاً، حيث إن نتائج المجموعة المالية جيدة ورغبتها في التوسع موجودة، وفكرة تحويلها إلى شركة مساهمة موجودة أيضا، لذا فإننا نسعى في الوقت الحالي إلى إعداد الدراسات اللازمة لتنفيذ هذا التوجه في القريب العاجل.
تعزف الكثير من مؤسسات القطاع الخاص عن تنفيذ دورها في المسؤولية الاجتماعية، ماذا عن مجموعتكم؟
للأسف نحن في هذا الجانب لا نزال مقصرين حالنا حال الكثير من الشركات العاملة في السوق، وعلى الرغم مما قدمناه من برامج، والتي كان آخرها دعم سكان جدة المتضررين في كارثة السيول بمواد البناء والهدايا وتقديم الفرص المناسبة لهم في الحصول على تلك المواد بأسعار منخفضة، إلا أننا لم نصل إلى تحقيق المفهوم الحقيقي للمسؤولية الاجتماعية وما تطبقه شركات أخرى في العالم المتقدم الذي يتفوق علينا في هذا الجانب بشكل كبير.
إذن لديكم الرغبة في تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية .. ماذا يعوقكم؟
نعم .. صحيح لدينا الرغبة ولكن هناك قصور وعوائق عدة، ومنها البيروقراطية في بعض الأجهزة الحكومية المعنية بالعمل الخيري، فالمجموعة لدينا منذ قرابة العامين وهي تحاول عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، إنشاء جمعية خيرية باسم "الشيخ عبد الله طه بخش" يرحمه الله، إلا أن ملف التأسيس ما زال يقبع في أروقة الوزارة التي لم تقم حتى الآن بمنح التراخيص اللازمة للبدء في إنشاء هذا العمل الخيري رغم تزويدهم بكافة المتطلبات التي تحقق الاشتراطات لإنشاء مثل هذه الجمعيات، ولكن رغم ذلك لم نواف حتى الآن بأي رد من شأنه يجعلنا نبدأ في تنفيذ برامجنا في المسؤولية الاجتماعية، عدا أنهم ذكروا لنا في رد على إحدى برقيات الاستفسار من قبلنا بأنهم مازالوا ينظرون في تطبيق إجراءات جديدة تنظم عمل المؤسسات الخيرية والعمل الخيري بشكل عام، ونحن لا نزال ننتظر تلك التعليمات والأنظمة حتى الآن.
إلى ماذا تحيلون أسباب التأخر في النمو العمراني خلال الفترة الماضية، الأمر الذي بدوره جعل من نشاط السوق يقف عند حدود معينة؟
للأسف مازلنا نلمس عدم وجود مخططات جديدة تم فسحها، والتي يمكن لها أن تكون مؤهلة لاستقطاب شريحة أكبر من الراغبين في إنشاء المساكن، خاصة في حال تم التوسع في ذلك الأمر بما ينعكس على مستويات الأسعار التي ستنخفض في حال ارتفع عدد المعروض، وأيضا يرجع قلة المعروض إلى عدم فرض أي رسوم على الأراضي المتواجدة داخل النطاق العمراني، ولو تم تطبيق أي رسم على تلك الأراضي لاضطر أصحاب المخططات إلى عرضها للبيع ومن ثم ازداد العرض وقلة الأسعار، وهذا هو هدف الزكاة ولكن مازلنا نعاني وجود المركزية في الأمانات ووزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث إن عملية فسح المخططات تحتاج إلى وقت كبير إلى أن يرى المخطط النور في ظل الإجراءات طويلة الأمد الذي تتخذ بشأن إفساحه، وهو ما يجعل السوق يتعطش للمزيد في ظل الاحتياج الفعلي في المملكة لنحو 200 ألف وحدة سكنية سنويا.
نعود إلى المجموعة ونود أن توضحوا لنا دوركم في سعودة الوظائف خاصة بعد الأوامر الملكية الأخيرة التي حثت القطاع الخاص على سعودة الوظائف؟
صدقني السعودة موضوع كبير وشائك وما زال يؤرق الجميع من حيث الرغبة في إتمام عمليات توطين الوظائف، إلا أن هناك مسببات ما زالت تعوق هذا التوجه، ففي المجموعة لدينا نحن نستفيد من صندوق تنمية الموارد البشرية من خلال استقطاب أعداد من الشباب السعودي المؤهل في مجال المبيعات والتسويق وأعمال الورشة والأعمال الإدارية، فالصندوق يعمل بشكل جيد ويقدم خدمات مميزة للقطاع الخاص، إلا أننا نتمنى من الشباب أن يغيروا مفهومهم تجاه القطاع الخاص، وأنه مجرد محطة للتوقف حتى إيجاد فرصة العمل الحكومي، ولذلك ما نطلبه من الشباب السعودي أن يستمروا ويثبتوا تواجدهم في ظل رغبة المجموعة توطين الوظائف لديها من خلال الخبرات السعودية من أبناء هذا الوطن المعطاء.
هناك اتهام بأن الشباب السعوديين هم السبب في عدم قدرة القطاع الخاص على توطين الوظائف؟
أختلف معك هنا قليلاً، صحيح أن هناك قلة من هؤلاء الشباب الذين لا يرغبون في الاستمرار في القطاع الخاص لرغبتهم في العمل في القطاع الحكومي الذي بات لا يستطيع أن يستوعب جميع أعداد الخريجين بمرافق التعليم بالمملكة، ولكن قد يكون السبب الحقيقي في التسرب الوظيفي إلى أن الشاب لم يجد الراحة في المكان الذي يعمل فيه، فلو وجد تلك الراحة لم قرر الابتعاد والاستغناء عن الوظيفة، ولكن المأمول من الشباب السعودي حديثي التخرج أن يصبروا قليلاً حتى يكتسبوا الخبرة في القطاع ومن ثم تحديد التوجهات المستقبلية بما يخدم تطلعاتهم.
ونحن في المجموعة حريصون جدا على استمرارية الشاب السعودي في الوظيفة، وتوجيهاتنا للشؤون الإدارية في المجموعة تقتضي استيعاب متطلبات الشاب وتوجيهه التوجيه الصحيح، خاصة عندما يكون في بداية المرحلة الوظيفية التي قد يبتعد عنها لأبسط الأسباب، وذلك أما أن يكون لديه الدعم المادي من والديه أو لعدم إدراكه لمستقبله بالشكل الأمثل.
هل المخرجات التعليمية تتناسب مع الأعمال المهنية التي ترغب المجموعة لديكم في توطين الوظائف بها؟
للأسف الشديد أن المخرجات التعليمية لا تزال لا تلبي حاجة السوق من المتطلبات، فالجامعات على سبيل المثال ما زالت تدفع سنويا بآلاف الخريجين الذين يفتقدون إلى أبسط المهارات للقيام بالأعمال المهنية الاحترافية، وهو الأمر الذي يجعل الشباب أن يتفهموا معنى الصبر لكي يطوروا من أنفسهم من خلال التدريب والممارسة، مما سيسهم مستقبلا بأن يجعلهم قادة لصناع القطاع، ولدينا الكثير من التجارب المشرفة خاصة أن الشاب السعودي يعمل في بلده ولصالح مستقبل وطنه.
هل لديكم توجه للقيام بشراكات مستقبلية أو اندماجات مع شركات أخرى وطنية؟
هذا التوجه غير مطروح في المجموعة الآن بالشكل الذي تتوقع أن يكون عليه، ولكن الحاجة باتت ملحة لوجود مثل تلك الشراكات الوطنية والاندماج بين الشركات، وذلك حتى نستطيع أن نكُون قطاعات وطنية قوية وقادرة على منافسة القطاع الأجنبي القوي، وكذلك يجعل من القطاعات الوطنية قادرة على المنافسة محليا ودولياً.
ماذا عن المجموعة لديكم مستقبلاً؟
المجموعة الآن تسعى جاهدة لتكون من أكبر الكيانات في المملكة العربية السعودية، وهي الآن تعمل ضمن خطط مدروسة للنمو المتدرج الذي يسعى إلى تحقيق أعلى معدلات الجودة والمنافسة في السوق، فقوة الاقتصاد في المملكة وعدم وجود الاحتكار والاستقرار السياسي، جميعها عوامل تمنحنا القدرة على المنافسة والنمو.