أحداث البحرين.. هل تعيد الحيوية لمجلس التعاون الخليجي؟

لم يكن ما كشف عنه الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين عن إفشال مخطط خارجي يستهدف دول الخليج، ويهدف أن تكون الأرضية جاهزة بأن ينجح في إحدى دول مجلس التعاون حتى يعمم على بقية دول مجلس التعاون الخليجي غريباً، فهذا المخطط الذي كشف عنه ملك البحرين كانت علاماته ظاهرة للعيان في عديد من دول المجلس، وهو جزء من سعي إيران للهيمنة على المنطقة.
إيران اعتقدت أنها بحملتها الإعلامية المركزة على السعودية ستحدث فتنة تمنعها من مساندة البحرين، فجاء الرد باستدعاء قوات درع الجزيرة، وكان هذا القرار الحكيم من القيادة البحرينية التي تدرك الفرق بين المطالب الشعبية التي تستحق التقدير والاهتمام، وبين من حاول استغلال هذه المطالبات ورفع شعارات ومطالب لا علاقة لها بالبحرين وشعبه، سبب ردود الفعل العنيفة من قبل إيران، ومن يدور في فلكها من قوى سياسية وأحزاب وأجهزة إعلام حاولت تصوير دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين على أنه عدوان.
هذا التحرك السريع من دول مجلس التعاون الخليجي كشف مدى سيطرة إيران على قرار عديد من السياسيين وزعماء الأحزاب والجماعات التي كانت تنفي ارتباطها بإيران، ثم رأيناها تندفع ودون تعقل تتبنى الخطاب الإيراني.
من بين ردود الفعل التي جاءت ضمن الحملة الإيرانية ما صرح به رئيس وزراء العراق نوري المالكي الذي أبدى ''قلقه لما يجري في البحرين من تدخل قوات خارجية تسهم في تعقيد الأوضاع في المنطقة بدلا من حلها''.. وما تبع ذلك من تصريحات أطراف عراقية أخرى، وتسيير مظاهرات في عديد من المدن العراقية، ترفع شعارات مؤيدة لإيران ومعادية لدول مجلس التعاون الخليجي.
هذه التصريحات من المالكي وبقية القوى السياسية العراقية، لم نر مثلها، حينما احتلت القوات الإيرانية حقل ''الفكة'' في كانون الأول (ديسمبر) 2009، حينما سارع المالكي إلى طمأنة وزير خارجية إيران بعدم اتخاذ أي قرار أو إجراء من شأنه إزعاج إيران.
أحداث البحرين كشفت لدول مجلس التعاون حجم المخطط الذي يستهدف أمنها، كما كشفت حاجة دول المجلس إلى تعزيز التعاون فيما بينها، عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وسياسيا، كما كشفت أن بعض دول المجلس تعاني ضعفا في اتخاذ القرار، على الرغم من أنها تقع في مرمى الأطماع الإيرانية.
مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في ظروف خليجية صعبة، وتحت ضغط تهديدات أمنية كبيرة أثناء الحرب الإيرانية العراقية، يمر الآن بظروف مشابهة لتلك الظروف، وربما في مستقبل الأيام تكون أصعب منها، ما يستدعي إعادة الحيوية للمجلس وتعزيز التماسك بين أعضائه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي