124 مليار دولار و5 أعوام لإعادة البنية التحتية المدمرة في اليابان
أفادت آخر تقديرات خسائر زلزال اليابان وإعادة إعمار البلاد، بأن الأضرار الناجمة عن الزلزال الشديد الذي ضرب اليابان قد تبلغ نحو عشرة ترليونات ين(124 مليار دولار)، أي ما يعادل 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في ظل تدمير مرافق بنيتها التحتية من مواصلات ومحطات مياه وكهرباء واتصالات وغيرها.
وقالت مجموعة "سيتي جروب": "إن تأثير الأزمة على النشاط الاقتصادي الياباني سيتجاوز تأثير زلزال كوبي عام 1995، ومع أن بعض التوقعات المغالية للتكاليف على الأجل الطويل تصل إلى أرقام أقرب إلى نحو 100 تريليون ين، فإن التقديرات المماثلة لتلك التي استخدمت بعد زلزال كوبي تحوم حول هذا المستوى".
وتشير تقديرات فانيسا روسي كبيرة الباحثين في مؤسسة تشاتام هاوس للبحوث، ومقرها لندن، إلى أن 10 في المائة من الموجودات الرأسمالية في اليابان فقدت في الزلزال، وهو ما يعادل نحو 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد أو تريليون دولار أمريكي. وقالت روسي: "إن التكلفة الأكبر هي لإعادة بناء الموجودات الرأسمالية. وقد وقعت أضرار هائلة بمرافق البنية التحتية المنشآت ومحطات الطاقة والمساكن والمصانع والموانئ والشريط الساحلي"، وأضافت قولها: "لا يمكن إعادة بناء على نطاق واسع للغاية في فترة عام إلى عامين، وأتوقع أنه يتطلب أربعة أعوام إلى خمسة من العمل".
فاليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم التي يثقل كاهلها بالفعل دين عام تبلغ قيمته ضعفا حجم ناتجها البالغ خمسة تريليونات دولار، يجب عليها إعادة بناء مرافق بنيتها التحتية من الطرق والسكك الحديدية إلى محطات الكهرباء والموانئ على نطاق لم تشهد له البلاد مثيلا، منذ الحرب العالمية الثانية.
وكانت مؤسسة موديز انفستورز للتصنيفات الائتمانية حذرت الإثنين الماضي، قائلة: "إن احتياجات التمويل الضخمة التي يتعين على اليابان تلبيتها قد تضعف من ثقة المستثمرين في قدرة البلاد على سداد ديونها وتؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض". وتذهب تقديرات المسؤولين إلى أن الزلزال وموجات المد العاتية التي أعقبته أودت بحياة ما لا يقل عن عشرة آلاف نسمة؛ إذ ضربت منطقة في شمال شرق البلاد تسهم بنسبة 6 إلى 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع نحو 12.4 في المائة من المناطق التي تضررت من زلزال كوبي في عام 1995. غير أن الخسائر في الأصول الثابتة والموارد البشرية الناجمة عن زلزال الجمعة الذي أطلق أيضا انفجارات عدة في محطة للطاقة النووية إلى الجنوب من طوكيو، ستكون فيما يبدو أكبر كثيرا.
وقال برندان براون، رئيس البحوث الاقتصادية في ميتسوبيشي يو.اف.جيه سكيوريتيز: "من تجارب الماضي يميل الناس عادة إلى التهوين من الخسائر". وأضاف قوله: "هناك الكثير من الاحتمالات الغامضة فنحن لا ندري إلى متى يستمر نقص الكهرباء. وهذه تكلفة متواصلة، إضافة إلى أعمال إعادة الإعمار. وهناك أيضا انخفاض الإنتاج بسبب الاضطراب الاقتصادي. وإذا استمر هذا الوضع لمدة شهرين فإنه قد يجعل تكاليف إعادة الإعمار تبدو هينة". وتذهب تقديرات إلى أن زلزال كوبي تكلفت إزالة اثاره 115 مليار دولار أمريكي إلى 118 مليارا بأسعار عام 1995. وهذه المرة في كارثة ما زالت تتكشف أبعادها فإن التقديرات الأولية من كريدي سويس وباركليز تبين أن التكاليف ستبلغ 180 مليار دولار. وتتوقع ميتسوبيشي يو.اف.جيه سكيوريتيز وساراسين أن تصل التكاليف إلى 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وتأخذ تقديرات ميتسوبيشي في الحسبان تكلفة اقتصادية أوسع بما في ذلك نقص العائدات الضريبية ومبالغ الدعم لمختلف الصناعات في المناطق المتضررة ونقص الإنتاجية جراء انقطاعات متجددة للكهرباء، وذلك إلى جانب التكاليف المباشرة لإعادة الإعمار.
وتظهر تقديرات تقريبية أن إحلال محطة للطاقة النووية يتكلف وحده خمسة مليارات دولار. وقد اضطرت اليابان في سعيها لتفادي انصهار الوقود النووي إلى التضحية بثلاثة من مفاعلاتها من خلال ضخ مياه البحر لتبريد قلب المفاعلات. وقد تصل خسائر التأمين الناجمة عن زلزال اليابان إلى 35 مليار دولار حتى من دون حساب الخسائر المتصلة بموجات المد العاتية والطاقة النووية.
وقال براون من ميتسوبيشي يو.اف.جيه: "ان التقديرات التاريخية لزلزال طوكيو في عام 1923 تظهر أن الدمار الناجم عنه يعادل 50 في المائة من الناتج الاقتصادي السنوي في ذلك الوقت، لكن السياق الاقتصادي كان مختلفا إلى درجة لا تجعل المقارنة مفيدة". وقالت مؤسسة فيتش للتصنيفات الائتمانية في بيان: إنها تعتقد أن الزلزال سيكون من بين أسوأ الزلازل في التاريخ من حيث خسائر التأمين، ومع ذلك فإن مؤسسات التأمين وإعادة التأمين يمكنها استيعاب هذه الخسائر دون حدوث مشكلات إعسار واسعة النطاق أو ضغوط مالية لا مبرر لها. غير أن بعض التقديرات لتكاليف اعادة الاعمار تتجاوز بمراحل هذه التنبؤات مع أخذ المحللين الاقتصاديين في الحسبان الحاجة المحتملة لإحلال الموجودات الرأسمالية المدمرة للبلاد خلال إطار زمني أطول.
وقال بول نيوتون، المحلل لشؤون صناعة السيارات في مؤسسة اي.اتش.اس جلوبال متحدثا عن الأضرار التي أصابت قطاع السيارات: "إن إعادة البناء يجب أن تتضمن أكثر كثيرا من مجرد منشات الإنتاج في البلاد لتشمل مساعدة الاقتصاد في الوقوف مرة أخرى على قدميه". وقال: "الخسائر المأساوية في الأرواح والمساكن في أنحاء المنطقة المنكوبة تعني أنه حتى إذا أمكن إصلاح البنية التحتية والمنشآت، فإن مجتمعات كاملة كانت تدعم هذه المصانع كثيرا قد تشردت أو ما زال مصيرها غير معروف".