الوضع في ليبيا .. أزمةٌ للعالم الغربي أيضاً

''القتل بنيران صديقة'' مصطلح غربي، طالما سمعناه عند كل عملية قتل تتم عن طريق طرف لا يُحسب ضمن الأعداء، وتكرر استخدام هذا المصطلح كثيراً في العراق وأفغانستان بشكل خاص، والهدف منه التخفيف من وقع كلمة ''قتل''، وكأن هناك فرقا بين قتل بنيران صديقة وقتل بنيران عدوة.
هذا المصطلح الغربي يقابله مصطلح عربي، يظهر للعيان حالياً في ليبيا، حيث نرى ''القتل بنيران شقيقة'' يجري بين أبناء البلد الواحد، وبصورة قد يتحول إلى حرب أهلية مدمرة.
الوضع في ليبيا وضع محرج للجميع، ابتداء من الليبيين أنفسهم الذين يريدون حماية دولية من نظام القذافي، وفي الوقت نفسه لا يجرؤون على طلب تدخل أجنبي، ومحرجٌ عربياً حيث نرى أن جميع الدول العربية متأثرة بما تراه من استخدام مفرط للقوة من قبل القذافي، ولكن لا تريد أن يكون التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا سابقة، قد تتكرر في دول أخرى، ولهذا رأينا الجامعة العربية تطالب بفرض حظر جوي، لكنها لا تؤيد التدخل العسكري، بل تطلب كما جاء على لسان أمينها العام عمرو موسى استخدام التشويش لمنع قوات القذافي من قصف المدن الليبية.
أوربياً، هناك تفاوت في المواقف، فهناك من يؤيد استخدام القوة لإسقاط القذافي، في حين هناك من يرتبط بعلاقات ومصالح تجارية خاصة مع نظام القذافي، تمنعه من اتخاذ موقف قوي.
أما الولايات المتحدة التي لا تعد من شركاء ليبيا الرئيسيين، كما هي الحال بالنسبة لإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، فوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون رغم أنها في بداية الأزمة الليبية لم تستبعد في شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي استخدام ''كل الخيارات'' ومن بينها القوة العسكرية، إلا أنها في تصريحاتها اللاحقة أشارت إلى أنه ''من المهم ألا تقود الولايات المتحدة وحدها هذه الجهود وأن تأتي المطالبة بفرض الحظر الجوي من الشعب الليبي نفسه، وليس من الخارج أو القوى الغربية''.
هذه التصريحات من هيلاري كلينتون تدل على أن الإدارة الأمريكية لا تريد العودة إلى سياسة الرئيس بوش القائمة على استخدام القوة العسكرية، لأن ذلك سينسف جميع الجهود التي بذلتها إدارة الرئيس باراك أوباما للخروج بالولايات المتحدة من تبعات استخدام القوة في العراق وأفغانستان، كما يعتبر استخدام القوة العسكرية تراجعاً عما بشرت به هيلاري كلينتون من أن الدور الفاعل سيكون لاستراتيجية ''القوة الذكية''.
الموقف الدولي من الوضع في ليبيا مرشح لمزيد من الارتباك، ولعل من أسباب هذا الارتباك الخوف من مرحلة ما بعد القذافي على مصالح تلك الدول، فهل سيغض الغرب الطرف عما يجري في ليبيا من مآس؟ أم سنرى قريباً ويكيليكس ليبية، تكشف ما كان يجري في خيمة القذافي من صفقات؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي