الاقتصاد الوطني يخسر 104 مليارات ريال .. و743 ألف وفاة بسبب التدخين

الاقتصاد الوطني يخسر 104 مليارات ريال .. و743 ألف وفاة بسبب التدخين

أوضح سليمان بن عبد الرحمن الصبي الأمين العام لجمعية مكافحة التدخين، أنه يتم استنفاد 15 في المائة من ميزانية وزارة الصحة لعلاج الأمراض الناتجة عن التدخين، مشيرا إلى أن أعداد المدخنين الحالية وصلت إلى ستة ملايين رجل و600 ألف امرأة في المملكة. وقال لـ ''الاقتصادية'' إنه واقع مؤلم ومرير وتتحمل الجهات الرسمية المعنية مسؤولية هذا الجانب, فلا يوجد نظام يحاسب المتجاوزين, ولا عقوبات ولا غرامات, ولا توجد خطوط حمراء فيما يتعلق بانتشار هذه الآفة. وأضاف: لقد ظللنا في جمعية مكافحة التدخين (نقاء) نطالب بإلحاح بإصدار نظام شامل لمكافحة التدخين في الشارع السعودي, ونرى أن الحل الوحيد يتمثل في إصدار هذا النظام، مبينا أن مجلس الوزراء قد وافق على نظام مكافحة التدخين قبل ثماني سنوات, ويتكون من 20 مادة تنص على منع بيع السجائر للقصر ومن تقل أعمارهم عن 18 سنة، ويحرم التصنيع والترويج ومنع التدخين في الأماكن العامة، ويجرم فاعله, وغير ذلك من المواد، مشددا على أهمية قرار مجلس الوزراء بمنع التدخين في المطارات، معتبرا ذلك خطوة في الطريق الصحيح, وقال: إنها خطوة تعكس اهتمام القيادة بقضية مكافحة التدخين, كما أنها تمثل محورا مهما فيما يتعلق بالاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ التي انضمت إليها المملكة قبل ست سنوات، ونتمنى أن تكون خطوة أيضا لإصدار نظام شامل لمكافحة التدخين, فمنظر التدخين في المطارات السعودية قبل القرار كان مزعجا للغاية, فكان ظاهرة غير حضارية تتكرر باستمرار.
وبيَّن الأمين العام لجمعية مكافحة التدخين أن الاتفاقية الإطارية الدولية لمكافحة التبغ تعد أول معاهدة دولية تهدف لحماية الصحة العامة من أخطار التدخين واستخدامات التبغ المختلفة. وقال: يتمثل الغرض المنشود منها ومن بروتوكولاتها في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من العواقب الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية المدمرة الناجمة عن تعاطي التبغ والتعرض لدخانه، وذلك بإتاحة إطار لتدابير مكافحة التبغ, وانضمت إليها المملكة عام 1426هـ, وأصدر العديد من دول المنطقة كالإمارات وعمان أنظمة لمكافحة التدخين تنفيذا لبنود الاتفاقية الإطارية, واشتملت أنظمتها على عقوبات قاسية تطول كل المخالفين, ويحدونا أمل كبير في صدور نظام شامل لمكافحة التدخين, خصوصا في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي قدمت العديد من المبادرات بشأن مكافحة التدخين كان أبرزها إطلاق لجنة وطنية لمكافحة التبغ.
وحذر الصبي في معرض تصريحه من أشكال مختلفة لترويج المنتجات المسمومة تسلكها شركات التبغ قائلا: لا شك أن شركات التبغ تمارس بمهارة عالية واحترافية ذكية عملية اصطياد مستهلكين جدد لمنتجاتها ''رديئة الصنع'' وتعمل من خلال منتجها ''التدخين'' على اجتذاب أكبر عدد من المدخنين لتحقق ما تصبو إليه من أرباح ومكاسب من هذه التجارة الناجحة والمربحة, ومن أجل ذلك تتبع خطوات مختلفة وطرقا متباينة تتلون وفقا لكل شريحة وبيئة تستهدفها، كي تبيع أكبر قدر ممكن من منتجاتها المتنوعة من التبغ في صوره المختلفة من السجائر، وأضاف أننا في (نقاء) نعمل باستمرار على فضح أساليب تلك الشركات, وخصصنا إدارة لترجمة ورصد مكائد هذه الشركات وآخر أخبارها ودراساتها أسواق المنطقة, وتحديدا السوق السعودية, التي تنظر إليها تلك الشركات كإحدى أكبر الأسواق استهلاكا لمنتجاتها.
كما تحدث الصبي عن نماذج من حيل شركات التبغ للترويج لمنتجاتها فقال: هناك نماذج كثيرة ومتنوعة وفقا لكل مرحلة ولكل منطقة, ومن أمثلة ذلك أنها تنفق أموالاً طائلة على لوحات الإعلانات أمام المدارس والأندية لاجتذاب الشباب, وتربط حملاتها الإعلانية بالنجاح الاقتصادي والرغبة الجنسية، وتشير بأصابعها دائماً إلى الأصحاء الذين يخضعون تحت تأثير أفكارها الساحرة. تسلب حرية المراهقين من هم دون 14 عاماً وتشجعهم على الانقياد لها وتزعم أن ما تقوم به من حق الشخص البالغ فقط، حتى ينقاد إليها نسبة كبيرة من الشباب, الذين يمثلون النسبة الفاعلة في أي مجتمع. كما أنها تزعم دائماً أنها تلتزم بالقوانين ولا تضر أي فرد, إنما هي مسؤولية الآخرين في إلحاق الضرر بأنفسهم, وتحاول أن تغزو العالم الثالث لوجود نسبة كبيرة من السكان به مستندة إلى حجة تقليد أسلوب الحياة الغربية التي تنجذب إليها الشعوب الأخرى, كما أنها تقدم الهدايا لكل من يشجعها ويحمل شعارها, وترعى العديد من الحفلات والمناسبات الرياضية وتستغل الشباب في الترويج لحملتها الدعائية وتسعى إلى جذب البنات إلى جانب البنين وتنشر مقالات عن نفسها في المجلات، وشركات التبغ تنكر أن تكون صناعة التبغ لها علاقة بالإصابة بالأمراض الخطيرة، وما زالوا يصرون على أن كل ما يقال عنهم كذب وليس له أساس من الصحة.
وحول الخسائر الاقتصادية التي يدفعها الاقتصاد السعودي بسبب هذه الآفة قال: الخسائر الاقتصادية للمملكة جراء هذه الآفة كثيرة, ومع ندرة الدراسات والأبحاث العالمية المتخصصة، فإنه بناء على دراسة أعدها برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة، فقد تم تقدير الأعباء والخسائر الاقتصادية الناجمة عن التبغ, وبناء أيضا على تقديرات دراسة أجراها المركز الوطني الماليزي للسميات, التي بنيت تقديرات البنك الدولي لتكلفة الهدر الاقتصادي بسبب التبغ، فقد قدرت الأعباء الاقتصادية للمملكة، الناجمة عن الهدر في الإنتاجية والوفاة المبكرة بسبب التبغ للفترة من عام 1961 ولغاية 2004، بنحو 83 مليار ريال، كما تسبب التبغ في نحو 594 ألف حالة وفاة مبكرة، هذا دون تكلفة استيراد منتجات التبغ ولا ما قد يتم تهريبه، فإذا ما أضيف ما قد يتم تهريبه للمملكة من تبغ بحسب المعدلات العالمية، سيرتفع رقم الخسارة في الهدر إلى نحو 104 مليارات ريال والوفيات إلى 743 ألفاً.
أما خلال الفترة من عام 2005 حتى 2010، فقدر العبء الاقتصادي للمملكة بسبب الهدر في الإنتاجية والوفاة المبكرة فقط بنحو 25 مليار ريال، وقدرت الواردات من منتجات التبغ الرسمية بنحو 13 مليار ريال، كما قدر حجم التهريب بنحو ثلاثة مليارات ريال، أي بإجمالي خسارة اقتصادية بنحو 41 مليار ريال, وفيما يتعلق بحوادث الحريق الناجمة بسبب التدخين في المملكة فقد بلغت خلال السنوات العشر الماضية 24 ألف حادث حريق نجم عنه إصابة ووفاة 194 شخصا.
وحول مقترح رفع نسبة الضريبة على التبغ أوضح الصبي أن الدولة لم تقصر في هذا الصدد، فقد زادت الضريبة بنسبة 100 في المائة ومنعت الدعاية في وسائل الإعلام التي تصدر من السعودية، لكن شركات التبغ تكلفت للمورد المحلي بما قيمته 65 في المائة من قيمة الضريبة حتى لا تشل حركتها وتفقد سوقاً تحتل مراكز متقدمة في استهلاك التبغ ومشتقاته، فقد كان متوسط علبة السجائر بأربعة ريالات عند الزيادة, لكنها لم تصل حتى الآن لثمانية ريالات, وهناك نية لزيادة الضريبة مرة أخرى، مبينا أنه يتوقع أن تتكفل شركات التبغ بقيمة هذه الزيادة عن الموردين، مقترحا أن تكون الضريبة على نقاط البيع حتى لا ينتشر هذا الداء في كل مكان.
ودعا سليمان الصبي في ختام تصريحه وزارة المالية والوزارات المعنية إلى أن تأخذ في الاعتبار ما ينتج عن خسائر التدخين المباشرة وغير المباشرة, حيث يمكن أن يخفف من هذه الخسائر إذا دفعت الضريبة المستخلصة منه على الجمعيات التي تكافحه والمستشفيات التي تعالج المتضررين منه وهي بمئات الملايين.

الأكثر قراءة